انتخابات العراق.. انقسامات وخروقات ومستقبل غامض

Members of the Sairun list count the results of the election in Basra, Iraq May 13, 2018. REUTERS/Essam al-Sudani
تعد الانتخابات الحالية الأقل مشاركة شعبيا منذ عام 2003 (الجزيرة)

مروان الجبوري-بغداد

بعد انتهاء عملية الاقتراع أعلنت مفوضية الانتخابات نتائج أولية للانتخابات البرلمانية في عشر محافظات عراقية على رأسها العاصمة بغداد، وقد أظهرت النتائج تقدما لبعض القوائم في مقدمتها "سائرون" التابعة للتيار الصدري و"الفتح" الممثلة للحشد الشعبي.

وتشير نتائج المفوضية إلى مشاركة أكثر من 44% من الناخبين العراقيين في الانتخابات شهدت تراجعا كبيرا لبعض الكتل، مثل "دولة القانون والوطنية" و"تحالف القرار" مما دعاها إلى الطعن في نتائج الاقتراع والتشكيك بدقتها.

وتعد هذه الانتخابات الأقل مشاركة شعبيا منذ عام 2003، بعد دعوات واسعة إلى المقاطعة أطلقها ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي احتجاجا على قانون الانتخابات الذي يكرس هيمنة الأحزاب الكبيرة والمتنفذة.

واعتبر رئيس المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية واثق الهاشمي أن تدني نسب المشاركة هو رسالة من الشارع العراقي مفادها عدم الرضا عن أداء الكتل السياسية، وتورط بعضها في الفساد وعرقلة عملية الإصلاح.

مراقبون للاقتراع داخل إحدى القاعات الانتخابية(الجزيرة)
مراقبون للاقتراع داخل إحدى القاعات الانتخابية(الجزيرة)

حالة إرباك
ورغم أن النتائج الأولية تشير إلى تقدم قائمتي "سائرون" و"الفتح" في عدد من المحافظات، إلا أن نتائج المحافظات غير المعلنة والتصويت الخاص ترجحان إمكانية حصول "ائتلاف النصر" بقيادة رئيس الوزراء حيدر العبادي على العدد الأكبر من الأصوات.

ويرى الكاتب الصحفي حيدر الكرخي أن المؤشرات الأولية تشير إلى وجود حالة إرباك داخل المفوضية، خاصة أن الإعلان الأولي لم يشمل التصويت الخاص الذي يتضمن أصوات القوات الأمنية والمعتقلين والمرضى والمغتربين.

ويرى الكرخي أن الخريطة السياسية المقبلة ستكون "صعبة جدا"، لكن تحالف "النصر" سيكون قريبا جدا من "سائرون"، وربما يلتحق بهما "الحكمة" وكتل أخرى لتحقيق الغالبية البرلمانية. ويؤكد الكاتب على وجود انقسام كبير داخل البيت الشيعي، خصوصا بين كتلتي "الفتح" و"النصر".

أما أكبر الخاسرين فكان "ائتلاف دولة القانون" الذي تعرض لانتكاسة كبيرة، حيث كان يمتلك في بغداد وحدها 28 مقعدا، لكنه لم يحصل وفق النتائج الأولية إلا على تسعة مقاعد في العاصمة.

أما عن تشكيل الحكومة فيرى الكاتب أنه لن يتم قبل ستة أشهر وبعد مخاض عسير استنادا للتجارب السابقة، لا سيما أن أيا من القوائم المتنافسة لم تحصل على أغلبية مريحة مما سيمنح حتى الكتل الصغيرة دورا مهما في تشكيلها.

اتهامات بالتزوير
وقد تزامن إعلان النتائج مع اتهامات وجهها مرشحون للمفوضية بخضوعها لضغوط كتل متنفذة وحدوث خروقات في النتائج، واعتبر وزير التخطيط الحالي والمرشح عن ائتلاف القرار سلمان الجميلي أن ذلك أدى إلى حدوث تزوير واضح.

واعتبر الباحث والمحلل السياسي هشام الهاشمي أن أداء مفوضية الانتخابات سجل تراجعا واضحا مقارنة بالانتخابات السابقة، إضافة إلى نقص الاستعدادات الفنية والتقنية، وأعطال متكررة في الأجهزة الإلكترونية وقلة تدريب وخبرة الموظفين.

وأضاف الهاشمي للجزيرة نت أن عددا من الكتل السياسية استخدمت المال العام ووفرت سيارات نقل خاصة إلى مراكز التصويت بشكل جماعي، في حين لم تعلن المفوضية أية إجراءات رادعة بحق المخالفين.

تجمع انتخابي لقائمة
تجمع انتخابي لقائمة "النصر" بقيادة حيدر العبادي(الجزيرة)

حظوظ العبادي
ورغم كثرة الانتقادات والطعون في عملية الاقتراع وتدني المشاركة الشعبية، فإن هذه الانتخابات لم تشهد أي خرق أمني أو سقوط ضحايا للمرة الأولى منذ نحو 15 عاما.

وبحسب مراقبين فإن تقدم العبادي المتوقع سيفتح له الطريق نحو تشكيل الحكومة المقبلة، بعد مفاوضات يمكن أن تكون شاقة مع قوى أخرى، لتشكيل أغلبية داخل مجلس النواب.

ويرى المحلل السياسي ماهر الحمداني أن العبادي أثبت خلال السنوات الأربع الماضية أنه الأقدر على مسك العصا من الوسط خارجيا وداخليا، حيث لم ينتهج سياسة عدائية تجاه الجيران أو القوى الكبرى، كما لم تسجل عليه تصريحات مستفزة للمكونات الداخلية.

ويتوقع الحمداني أن يستمر العبادي في سياسة النأي بالنفس عن الصراعات في المنطقة وخاصة فيما يتعلق بالنزاع بين الولايات المتحدة وإيران، وهو ما سيجنب العراقيين الانقسام الداخلي والتوترات الطائفية، على حد قوله.

المصدر : الجزيرة