تدني أسعار الوقود في إيران.. كيف تحول من نعمة إلى نقمة؟

احد انابيب تهريب الوقود من البر الى البحر في مدينة سيريك في جموب ايران. وكالة ايرنا
أحد أنابيب تهريب الوقود من البر إلى البحر في مدينة سيريك جنوبي إيران (إيرنا)

الجزيرة نت-خاص

تصنف إیران عالميا كثاني أرخص دولة بعد فنزويلا في أسعار المحروقات، لكن هذه النعمة تحولت إلى نقمة بسبب تفاقم ظاهرة تهريب الوقود من المناطق الحدودية نحو دول الجوار.

ويذهب أغلب الوقود المهرب إلى باكستان وأفغانستان وتركيا والعراق وبعض دول الخليج، ولا توجد أرقام دقيقة لكمية الوقود المهرب، في ظل تضارب التصريحات بين المسؤولين.

ومن أبرز أسباب اللجوء للتهريب -حسب خبراء- تدهور العملة المحلية، وغلاء المحروقات في دول الجوار، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، والبطالة، والتنمية غير المتوازنة بين مناطق البلاد.

ويهرّب الوقود حديثا عبر ضخه في أنابيب يصل طولها إلى عشرين كيلومترا أحيانا، وأيضا عبر السيارات والشاحنات والحافلات، وحتى السفن والقوارب.

ویستهلك نحو ثمانين مليون إيراني 91 مليون لتر من البنزين يوميا، بمعدل 1.12 لتر لكل مواطن، وهو معدل يتجاوز ستة أضعاف المعدل العالمي.

وتتساوى تركيا مع إيران من حيث عدد السيارات والسكان، لكن المواطن التركي لا يستهلك يوميا سوى 0.1 لتر من البنزين، حسب وكالة أنباء فارس.

ولا تتجاوز تكلفة 11 لترا من البنزين أو 37 لترا من الديزل دولارا واحدا في إيران، وذلك بعد ارتفاع سعر صرف الدولار الواحد إلى 110 آلاف ريال إيراني في الشهر الحالي.

وفي إحصاء أجرته وكالة أنباء تسنيم الإيرانية الشهر الماضي لأسعار البنزين في إيران ودول مجاورة لها، جاءت أسعار البنزين في تركيا أغلى 16 مرة منه في إيران، تليها باكستان وأفغانستان والإمارات بعشرة أضعاف، والعراق بتسعة أضعاف، أما عُمان ثم قطر والسعودية بثمانية أضعاف، وأذربيجان وتركمانستان بستة أضعاف.

وبحسب وكالة أنباء إيرنا الرسمية الشهر الماضي، فإن معدل استخدام الديزل في إيران بلغ نحو 69 مليون لتر يوميا بين شهري مارس/آذار ومايو/أيار لهذا العام، إلا أن المعدل لم يشمل الديزل المستخدم لمفاعلات توليد الطاقة.

‪بطاقات ذكية للتزود بالبترول في إيران‬ (وكالة تسنيم)
‪بطاقات ذكية للتزود بالبترول في إيران‬ (وكالة تسنيم)

ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية في إيران، وارتفاع أسعار السلع؛ بات المواطن -مقارنة بأسعار البنزين- يدفع ضعفي سعر البنزين لشراء الماء. ويباع البنزين حاليا بعشرة آلاف ريال إيراني للتر واحد، وفي المقابل، يحصل على نصف لتر من مياه الشرب النقية بالمبلغ نفسه.

وفي تصريح له الشهر الماضي لوكالة أنباء مهر الرسمية، قال عبد الله هندياني نائب المقر العام لمكافحة تهريب السلع والعملات إنه يتم تهريب 10 إلى 13 مليون لتر من الوقود يوميا.

من جهته، ذكر عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان محمد حسن نجاد أنه يتم تهريب 22 مليون لتر يوميا، بينما قال عضو اتحاد مصدّري النفط والغاز حسن خسرو جردي إن الكميات المهربة تصل إلى عشرين مليون لتر يوميا.

ويعتقد البعض أن كل هذه الأرقام غير حقيقية، وأنها مجرد حيلة من السلطات لرفع أسعار الوقود وتقنينه ورفع الدعم عنه.

وذكرت وكالة أنباء إيسنا الرسمية الشهر الماضي أن الحكومة تدفع 35 مليون دولار تقريبا كل يوم لدعم سعر البنزين، وأنها أنفقت في الأشهر الستة الأولى من بداية السنة 5.5 مليارات دولار دعما لسعر البنزين.

وبين عامي 2007 و2015 فرضت الحكومة استخدام البطاقات الذكية لكل سيارة أو دراجة نارية لتحديد الكميات المناسبة لكل فرد، والحد من التهريب، ولكن ألغي هذا القرار بعد توحيد الأسعار، إلا أنها ستعود لفرض استخدام البطاقات من جديد.

وبحسب وكالة أنباء مجلس النواب، يعادل تهريب الوقود ميزانية التنمية لعام كامل في إيران، مما حدا بالبعض إلى رفع أسعار الوقود وفرض الحصة أو الكمية المناسبة واستخدام البطاقات الذكية والرقابة الدقيقة والسيطرة على البطالة والتنمية المستدامة في المناطق.

المصدر : الجزيرة