ماذا وراء قرار تقنين المواقع الإخبارية في مصر؟
محمد سيف الدين-القاهرة
وذكر الوكيل الأول بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام عبد الفتاح الجبالي خلال مؤتمر صحفي، أن القرار يأتي في إطار مساعي ضبط المشهد الإعلامي، في حين يرى معارضون للقرار أنه محاولة من الدولة لإحكام السيطرة على مختلف وسائل الإعلام.
وحدد المجلس شروطا عامة للحصول على ترخيص موقع إلكتروني أو مؤسسة إعلامية، وتبقى العقبة الكبرى أمام الحصول على الترخيص اشتراط أن يكون 70% من الجسم التحريري من الأعضاء في نقابة الصحفيين، في حين أن النقابة لا تمنح عضويتها للمحررين الإلكترونيين، مما يعني أن التقنين سيقتصر على المواقع التابعة لوسائل الإعلام الكبرى الموالية للنظام، بحسب الأمين العام المساعد السابق للمجلس الأعلى للصحافة قطب العربي.
شرعنة القمع
ويرى العربي أن تقنين المواقع الإلكترونية "ظاهره تنفيذ القانون الجديد للإعلام، لكنْ في باطنه شرعنةٌ لغلق المواقع ومنعها من المنبع"، موكدًا أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام أضحت مهمته من خلال تنفيذ هذا القانون "شرعنة القمع وكبت الإعلام".
واستشهد على ذلك بتصريحات رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام مكرم محمد أحمد، الذي قال إن "جماعة الإخوان المسلمين ومناصريها هم فقط من سيتم حرمانهم من إنشاء مواقع إلكترونية لما يبثونه من مواد محرضة، وما عدا ذلك متاح".
وفي مطلع يوليو/تموز الماضي، أكد تقرير بحثي لـ"مؤسسة حرية الفكر والتعبير" أن المواقع الإخبارية شكلت النسبة الكبرى بين المواقع التي بدأت مصر في حجبها منذ 24 مايو/أيار 2017، حيث بلغت النسبة 62% من مجموع المواقع المحجوبة.
وبلغ عدد المواقع التي تم حجبها 500 موقع أو أكثر، وفق تقارير إعلامية وحقوقية، ولم ترد أي تفاصيل بشأنها باستثناء القرار الصادر في سبتمبر/أيلول الماضي عن لجنة التحفظ وإدارة أموال جماعة الإخوان المسلمين، والخاص بحجب 33 موقعا إلكترونيًا وقناة فضائية.
وبيّن قطب أن ما يقوم به المجلس حاليا من دعوة المواقع الإلكترونية لتقديم طلبات ترخيص لمزاولة نشاطها وتقنين أوضاعها مخالفٌ للدستور المصري، إذ إن "الأصل هو الإخطار عند التأسيس.. وهو ما يعد عملية وأد مقننة للمواقع".
اغتيال معنوي
الخبير الإعلامي حازم غراب يعتقد بدوره أن "النظام المصري الحالي درج على إخضاع وسائل الإعلام لسيطرته الكاملة بحيث يتحول من مجرد أدوات دعاية للنظام إلى وسائل اغتيال معنوي وتشويه للمعارضة والمعارضين".
وأضاف "ما يدعو للسخرية أن وسائل التواصل الاجتماعي كما يعلم الجميع لا يمكن تقنيا حجبها، ولا يفهم هؤلاء (النظام) أن أصغر شاب يستطيع كسر الحجب المفترض بالبروكسي (برنامج كسر الحجب)".
في المقابل، يرى المؤيدون لخطوة التقنين أنها ستكون بمثابة خطوة جيدة لحل بعض مشاكلهم العالقة، ومنها دخول نقابة الصحفيين والحصول على عضويتها رسميًّا.
المحرر في موقع إلكتروني مصري، أحمد عبد الله اشتكى من عدم اعتراف نقابة الصحفيين بعمله وعدم قدرته الالتحاق بها رسميا، رغم أنه يعمل في المجال منذ تخرجه من كلية الإعلام عام 2012، ورغم أن الموقع تابع لمؤسسة تصدر جريدة ورقية.
دخول النقابة
ويرى أن قرار التقنين سيساعده في دخول النقابة، وهو حلم ظل يراوده منذ دخوله كلية الإعلام، كما أنه سيساعده في تحسين دخله المتدني في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، حيث من المقرر أن يحصل على البدل النقدي الذي تقدمه النقابة، ويقتصر على أعضائها فقط، فضلا عن بعض المزايا الاجتماعية التي تقدمها النقابة.
واعترفت مصر لأول مرة بالصحافة الإلكترونية في المادة 70 من دستور عام 2013، حيث فرقت المادة بين "الصحافة، والإعلام المرئي والمسموع، والصحافة الإلكترونية"، ويصل عدد الصحفيين الإلكترونيين -بحسب تقديرات غير رسمية- إلى نحو 10 آلاف صحفي.