السعودية وقتل خاشقجي.. من الإنكار التام إلى الاعتراف الناقص
|
فمع تزايد الحديث عن اختفاء خاشقجي بعد دخوله القنصلية في الثاني من الشهر الجاري، وبعد يومين كاملين، قالت القنصلية على صفحتها على موقع تويتر إنها تتابع ما ورد بوسائل الإعلام عن اختفائه بعد خروجه من المبنى وتعمل بالتنسيق مع السلطات التركية لكشف ملابسات اختفائه.
لكن هذه التغريدة لم تكن كافية على ما يبدو لإقناع أحد، فسارع القنصل السعودي محمد العتيبي لفتح أبواب قنصليته أمام عدسات وكالة رويترز، بل وأكثر من ذلك فتح أدراج مكتبه لنفي إخفاء خاشقجي بها.
|
تتصاعد قضية الصحفي البارز، وتسأل وكالة بلومبيرغ في الخامس من الجاري ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن اختفائه، وبإجابة الواثق من معلوماته، يؤكد الأمير أن خاشقجي خرج من القنصلية بعد دقائق من دخوله. وفيما بدا نوعا من التحدي أعلن استعداده فتح القنصلية أمام المحققين الأتراك.
ومن جديد، وفي السابع من الشهر ذاته، ينفى مصدر مسؤول بالقنصلية -في تغريدة- "التصريحات التي نشرتها وكالة رويترز، نقلا عن مسؤولين أتراك، بأن المواطن السعودي جمال خاشقجي قد قُتل في القنصلية السعودية في إسطنبول، واستهجن المصدر بشدة هذه الاتهامات العارية من الصحة".
|
أما شقيقه السفير في واشنطن خالد بن سلمان فأخذ خطوة أكبر للأمام في تأكيد براءة حكومته من اختفاء خاشقجي قائلا "من المستحيل أن يرتكب موظفو القنصلية في إسطنبول مثل هذه الجريمة والتعتيم عليها، دون أن يكون لنا علم بذلك".
ولم تكن وسائل الإعلام السعودية بعيدة عن الرواية الرسمية، بل من باب التجويد راوحت بين اتهام تركيا بالمسؤولية عن اختفاء سعودي بأراضيها، واتهام قطر بخطف هذا السعودي وهو عمل من أعمال المافيا.
|
قناة "أم بي سي" السعودية تسأل الكاتب السعودي تركي الحمد "إذا ثبت تورط قطر بخطف خاشقجي وتقطيعه داخل القنصلية بتركيا ما هو العقاب الذي يترتب عليها؟" فيجيب "هذا شغل مافيا ويجب معاقبة قطر على ذلك.. وبذلك تنتفي صفتها كدولة وتتحول إلى عصابة".
أما صحيفة عكاظ القريبة من الحكومة فعنونت بـ "بعد مسرحية اختفاء خاشقجي.. هل تورطت قطر؟". وعلى هذا المنوال سارت قنوات وصحف ومواقع سعودية.
|
لكن 18 يوما كانت كافية لتغير المملكة روايتها بالكامل.. خاشقجي دخل القنصلية ثم تشاجر مع أشخاص قابلوه داخلها واشتبك معهم بالأيدي مما أدى إلى وفاته.
رواية جديدة بالكلية، لا تجيب عن تساؤلات الأيام الماضية بقد ما تُثير أسئلة لا آخر لها أهمها: أين كانت رواية الشجار المفضي إلى الموت طوال الأسابيع الماضية؟ وهل غاب ذلك عن القنصل وولي العهد وسفير المملكة بواشنطن؟ بل أين الجثة؟