عملية "شاميرا" و"رشاد عبد الحافظ".. الملصقات تذكرنا

فلسطين رام الله 21 يناير 2018 معرض ملصقات ثورية بمتحف ياسر عرفات يقدم تصاميم لفلسطينين وعرب وأجانب عن النضال قبل ثلاثين عاما.jpg
معرض ملصقات بمتحف ياسر عرفات يقدم تصاميم لفلسطينيين وعرب وأجانب عن النضال قبل ثلاثين عاما (الجزيرة)

ميرفت صادق-رام الله

مَن يتذكر عملية "شاميرا" عام 1975؟ أو من يعرفها أصلا سوى القليل ممن عاصروها، بعد أن غابت عن الأرشيفات الموثقة في شبكات البحث؟ ومَن يذكر رشاد عبد الحافظ مدير تحرير مجلة "فلسطين الثورة"؟ ربما القليل من الأشخاص ومذكرات قديمة.

مساء أمس الأحد، عادت عملية "شاميرا" واسم رشاد عبد الحافظ ومحطات ورموز نضالية غائبة عن الذاكرة الفلسطينية الحديثة لتحتل حيطان متحف ياسر عرفات بمدينة رام الله، في معرض بعنوان "ملصق"، يقدم مجموعة نادرة لأكثر من مئة تصميم من إصدار دائرة الإعلام الموحد بمنظمة التحرير الفلسطينية في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي.

وسط المعرض، يظهر ملصق يعود إلى العام 1975، يعرض صورة منفذي عملية "شاميرا" وهم جمعة أبو شقرة وعبد المجيد حسين وعبد الرحمن الخطيب، بالأبيض والأسود قبل خروجهم لتنفيذ العملية.

‪ملصق عملية شاميرا يتوسط تصاميم نادرة يعرضها متحف ياسر عرفات برام الله‬ (الجزيرة)
‪ملصق عملية شاميرا يتوسط تصاميم نادرة يعرضها متحف ياسر عرفات برام الله‬ (الجزيرة)

ويذكر الملصق أن العملية التي نفذت مطلع يناير/كانون الثاني 1975 "جاءت ردا على العدوان الصهيوني على النبطية والطيبة"، حيث اقتحم الثوار مستوطنة "شاميرا" لمدة ست ساعات، و"قضوا على أفراد العدو في الموقع"، وقد اعترف شمعون بيريز -وزير الجيش الإسرائيلي حينها- بالعملية.

وأما رشاد محمد عبد الحافظ -أو "شهيد الإعلام الموحد" كما وصفه ملصق نَعيه- فقد ولد في طولكرم عام 1946، وكان من أبرز العاملين على بناء التنظيم الثوري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) في الستينيات قبل التحاقه للعمل بمجلة "فلسطين الثورة" في بيروت، ثم استشهاده في معركة الشياح يوم 24 أبريل/نيسان 1976، وقد ودّعه الملصق بالقسم الثوري "بالدم نحمي الثورة وبالدم نكتب لفلسطين".

إلى جانب ملصقي "شاميرا" و"رشاد عبد الحافظ"، يضم المعرض عشرات الملصقات الورقية والرقمية النادرة، والتي أهداها الفنان الجزائري رشيد قريشي لمؤسسة ياسر عرفات. وتصدّر ملصق خاص يحمل اسم فلسطين -صممه قريشي عام 1971- أولى محطات المعرض، وأهداه الفنان قريشي بنسخته الأصلية ليضاف مع المعروضات إلى مقتنيات المتحف.

‪من تصاميم المعرض ملصق عن يوم الأرض الفلسطيني‬ (الجزيرة)
‪من تصاميم المعرض ملصق عن يوم الأرض الفلسطيني‬ (الجزيرة)

محاكاة
وعلى جدران المتحف، عُلقت الملصقات المطبوعة بصورة عشوائية مقصودة لمحاكاة طريقة تثبيت المقاوم الملصقات على جدران الأحياء الفلسطينية أثناء الانتفاضة أو في سنوات الثورة، وذلك "بسبب الاستعجال تجنبا لملاحقة الاحتلال أو لأسباب مرتبطة بالحيز وضيق المكان"، كما تشير الملصقات.

ويذكر القائمون على المعرض أن الملصق في ساحات الثورة خارج فلسطين كان يثبت داخل الخنادق أو على النقاط العسكرية ومركبات الثوار، ومنها ما علّقه الناس في مكاتبهم ودكاكينهم أو صالوناتهم، إعجابا بجمالها الفني أو توافقا مع مضمونها الوطني.

وفي بعض الأحيان، تجاوز الملصق الفلسطيني الحدود، وانتقل إلى بلدان عربية وغربية. وهذا لا يعكس انتشاره فقط، بل يشير إلى حالة تضامن واسعة مع النضال الفلسطيني، تمثلت في مشاركة فنانين عرب وغربيين في الرسم عن فلسطين ودعم نضالها.

ففي المعرض نفسه، يجد الزائر ملصقات من تصميم الفرنسي كلاودي لازار الذي عرضت له تصاميم عن نضال المرأة الفلسطينية ويوم الأرض، وكذلك للشاعر والإعلامي العراقي مؤيد الراوي مصمم ملصق الشهيد رشاد عبد الحافظ، إلى جانب فنانين فلسطينيين معروفين كالراحل إسماعيل شموط، وحسني رضوان، وعبد الرحمن المزيّن وغيرهم.

‪ملصق نعي مدير تحرير مجلة
‪ملصق نعي مدير تحرير مجلة "فلسطين الثورة" رشاد عبد الحافظ يعود تصميمه لعام 1976‬ (الجزيرة)

تحريض
يقول أحمد صبح مدير مؤسسة "ياسر عرفات" -وهو ممن عاصروا النضال الفلسطيني في تلك الفترة- إن الملصق في سنوات السبعينيات والثمانينيات "حمل رسالة تحريضية وطنية جامعة تمجد الشهيد والمقاومة".

ويذكر صبح كيف كانت الملصقات توزع مع المجلات، وفي مكاتب منظمة التحرير والفصائل والأحزاب في العالم العربي، وأثناء المسيرات والمظاهرات التضامنية وفي المناسبات الوطنية.

وعُلق في المتحف 54 ملصقا مطبوعا، إلى جانب سبعين ملصقا تمر أمام الزائرين في شاشة عرض رقمية. ويقول محمد حلايقة مدير متحف "ياسر عرفات" إن الملصقات تمثل جهات فلسطينية مختلفة كانت تعمل في إطار منظمة التحرير، وتعكس ثلاثة مواضيع أساسية هي: الأرض، والشهداء، والتضامن الدولي.

وتتنقل الملصقات بين نعي الشهداء، أو إحياء ذكرى انطلاقة الثورة، أو تخليد العمليات الفدائية والمناسبات الوطنية.
 
تحرر
وتعتقد الفنانة الفلسطينية رنا عناني أن ما ميز الملصق في السبعينيات تعبيره بوضوح عن المشروع التحرري الذي سعى الفلسطينيون لتجسيده حينها، إلى جانب مشاركة فنانين من أنحاء العالم في تصميم ورسم الملصق تضامنا مع الشعب الفلسطيني.

وتأمل عناني في ألا تُعاد الملصقات المعروضة للأدراج، بل تصبح مادة متاحة للفنانين والباحثين وللأجيال الجديدة، وخاصة مع تراجع ظهور الملصق الوطني في العقدين الأخيرين، وقلة التضامن الفني العالمي مع القضية الفلسطينية.

المصدر : الجزيرة