استفتاء كردستان يوتر العلاقات التركية الإسرائيلية

متظاهرون أتراك في احدى مظاهرات التنديد بحادثة سفينة مافي مرمرة
متظاهرون أتراك ينددون بالاعتداء الإسرائيلي على سفينة مافي مرمرة (الجزيرة نت-أرشيف)

خليل مبروك-إسطنبول

لم يمض الكثير من الوقت على تطبيع العلاقات التركية الإسرائيلية في يونيو/حزيران 2016، حتى عاد التوتر إليها من جديد، ولكن هذه المرة من بوابة استفتاء انفصال إقليم كردستان شمالي العراق.

فقد انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعم إسرائيل للانفصال الكردي، وقال إنها الدولة الوحيدة التي تدعم هذه الخطوة، معتبرا ذلك "خيانة" لن ينفع الإقليم اعتماده عليها.

وتبدو العلاقات التركية الإسرائيلية مرشحة لمزيد من التوتر، في ظل ابتعاد الموقف الإسرائيلي المعلن بدعم الانفصال عن مواقف حلفائها، بمن فيهم الولايات المتحدة الأميركية التي عارضته من جانبها.

كما ينسجم تصعيد الموقف مع إسرائيل من قبل أردوغان مع نبض الشارع التركي، الذي يشبّه قيام كيان كردي بناء على استفتاء 25 سبتمبر/أيلول الجاري بقيام إسرائيل عام 1948.

فقد عرضت وسائل الإعلام التركية في الأيام الماضية صورا لمحتفلين أكراد كانوا يرفعون العلم الإسرائيلي في شوارع مدن الإقليم الكردي ابتهاجا بإجراء الاستفتاء الذي صوت 92% من المشاركين فيه على انفصال الإقليم، وشنت هجوما لاذعا عليهم واصفة الإقليم "بإسرائيل الجديدة".

تصاعد التوتر
وتوقع باحثون ومحللون سياسيون أن يزداد التصعيد بين الدولتين، وأن يصل إلى حدود الأزمة السياسية الحقيقية، مشددين على أن التوتر الجديد يكشف عن هشاشة العلاقات التركية الإسرائيلية رغم تجاوزها أزمة سفينة "مافي مرمرة" التي قتلت إسرائيل فيها عشرة ناشطين أتراك أثناء إبحارهم في سفينة كسر الحصار عن قطاع غزة الفلسطيني أواسط عام 2010.

‪حسن عبيد: اتهام إسرائيل لتركيا يحرض شعوب المنطقة ضد الانفصال‬ (الجزيرة نت)
‪حسن عبيد: اتهام إسرائيل لتركيا يحرض شعوب المنطقة ضد الانفصال‬ (الجزيرة نت)

فقد قال الباحث في مركز رؤية للدراسات السياسية حسن عبيد إن اتهام أردوغان لإسرائيل على وجه التحديد بدعم الانفصال الكردي، رغم أن هناك دولا أخرى تدعم الانفصال سرا، يعود إلى جملة من الملفات التي تحول دون مزيد من التقارب بين أنقرة وتل أبيب.

ورأى أن عمل تركيا مع إيران على ضرب مسار الانفصال، سيزيد توتر العلاقات مع إسرائيل، لأنه يستهدف حلفاء الأخيرة في كردستان العراق، وسيخلق معركة غير مباشرة تفجر الخلاف بين الطرفين.

وأشار عبيد في حديثه للجزيرة نت إلى أن تركيا تدرك أن إسرائيل حافظت على علاقات عسكرية وتجارية غير معلنة مع أكراد العراق منذ عقود، وأنها ما زالت تنظر للأكراد بوصفهم خطاً فاصلا في مواجهة خصوم مشتركين.

ولفت إلى أن اتهام تركيا لإسرائيل يحرض شعوب المنطقة ضد الانفصال بوصفه رغبة إسرائيلية، كما يوصل رسالة للشعوب بأن إسرائيل وحدها هي المستفيدة من حالات ضعف وتفكك دول المنطقة كالعراق وسوريا عبر دعم حركات الانفصال.

وذكر عبيد أن اتهام أردوغان لإسرائيل بدعم الانفصال يمنح أنقرة ورقة ضغط مضادة للضغوط الإسرائيلية، بعدما ظلت تل أبيب تتهم تركيا باستضافة نشطاء فلسطينيين يشكلون خطرا عليها من حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي.

كما أوضح أن تركيا تدرك أن دعم إسرائيل للأكراد يمكن أن يمنحهم يدا عليا على باقي أقليات المنطقة خاصة التركمان، وهو ما يعني واقعيا تهديدا مباشرا لها.

تجذر الأزمة
من ناحيته، لم يستبعد الكاتب والمحلل السياسي التركي مصطفى أوزغان أن تتطور الأزمة بين تركيا وإسرائيل إلى حد تجميد العلاقات بين البلدين، وقال إن الأزمة متجذرة في الملف الكردي، لكن ملف استفتاء الانفصال دفع بها إلى الواجهة من جديد.

‪مصطفى أوزغان: جذور الخلاف تعود للدعم الإسرائيلي لحزب العمال‬  (الجزيرة نت)
‪مصطفى أوزغان: جذور الخلاف تعود للدعم الإسرائيلي لحزب العمال‬ (الجزيرة نت)

ورأى أن تجذر الخلاف يعود إلى الدعم السياسي والعسكري الإسرائيلي المعروف لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة حزبا إرهابيا.

وأشار أوزغان في حديثه للجزيرة نت إلى أن التصريحات الإسرائيلية التي صدرت من أعلى مستويات حكومة تل أبيب أثارت حفيظة تركيا، مذكرا بتصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزيرة العدل في حكومته أياليت شاكيد اعتبرا فيها قيام دولة كردية مصلحة لإسرائيل في مواجهة تركيا وإيران.

ووفقا لأوزغان فإن تركيا تدرك أن اليد الإسرائيلية أينما امتدت فإنها تمتد لتخرب على تركيا وتضر بها.

كما لفت إلى أن تل أبيب وأنقرة تقفان مواقف متعارضة حيال كثير من القضايا الإقليمية، وأهمها القضية الفلسطينية وملف المصالحة الداخلية الذي تدعمه تركيا وترفضه إسرائيل، إضافة إلى دعم تركيا لدولة قطر في مواجهة دول الحصار العربية التي تدعمها إسرائيل في المقابل.

المصدر : الجزيرة