بعد الوقود والكهرباء.. المياه تقصم ظهور المصريين

An Egyptian carries a canister of filtered water in Toukh, El-Kalubia governorate, northeast of Cairo, Egypt June 30, 2017. REUTERS/Amr Abdallah Dalsh
زيادة أسعار مياه الشرب ورسوم الصرف الصحي تزيد معاناة المصريين خصوصا الفقراء منهم (رويترز)

عبد الرحمن محمد-القاهرة

جاء رفع الحكومة المصرية أسعار المياه ورسوم الصرف الصحي مؤخرا ليزيد معاناة المصريين ويثقل كاهلهم رغم عدم تجاوز أثر زيادات رسوم الكهرباء والوقود التي أقرت الشهر الماضي بنسب تزيد على 40%، وذلك ضمن حزمة قرارات برنامج "الإصلاح الاقتصادي" الذي اشترطه صندوق النقد الدولي للحصول على قرض.

وحسب الجريدة الرسمية، فقد قررت الحكومة المصرية رفع سعر مياه الشرب للاستخدام المنزلي بنسبة 50% في شريحة الاستهلاك الأولي (من صفر إلى عشرة أمتار مكعبة) ليصل سعر المتر المكعب إلى 45 قرشا بعد أن كان سعره ثلاثين قرشا في السابق.

كما تقرر زيادة الشريحة الثانية بنسبة 71.4% ليصل سعر المتر المكعب إلى 120 قرشا بعد أن كان سعره سبعين قرشا في السابق، في حين بلغت الزيادة في الشريحة الثالثة 37.5% وفي الشريحة الرابعة 29%، كما تقرر زيادة أسعار المياه للاستهلاك التجاري إلى 240 قرشا بدلا من مئتي قرش بزيادة 20%.

وتضمن القرار رفع تكلفة الصرف الصحي التي تحسب كنسبة من فاتورة المياه لتصبح 63% بدلا من 57% بالنسبة للاستهلاك المنزلي، وإلى 92% بدلا من 80% لغير المنزلي.

وتأتي هذه الزيادات بالتزامن مع رفع أسعار النقل العام بنسب متفاوتة وصل حدها الأقصى إلى 25%، وبعد شهر من رفع أسعار الكهرباء بنسب متفاوتة تجاوز حدها الأقصى 42%، وزيادة أسعار المحروقات بنسب وصلت إلى 100% في بعض المنتجات.

‪الحكومة رفعت أسعار الماء والصرف بنسب تتراوح ما بين 20% و71.4%‬  (الجزيرة)
‪الحكومة رفعت أسعار الماء والصرف بنسب تتراوح ما بين 20% و71.4%‬  (الجزيرة)

غير مكترث
ومعلقا على ذلك، يرى أستاذ التمويل والصيرفة الإسلامية أشرف دوابة أن تسارع الإجراءات المتخذة من قبل النظام المصري برفع أسعار الخدمات والسلع رغم كونه يأتي في إطار تطبيق التزاماته لشروط صندوق النقد الدولي فإنه يعكس عدم التفاته للواقع الاجتماعي ولوازمه، وعدم اهتمامه بتوفير أي من عوامل الحماية الاجتماعية.

وحذر دوابة في حديثه للجزيرة نت من آثار وتبعات الاستمرار في ذلك، والاعتماد في تطبيق تلك الإجراءات على القوة العسكرية التي يراها الأداة الوحيدة للنظام الحالي في إجبار المواطنين على تنفيذ تلك الإجراءات، مبديا توقعه بأن يستمر النظام في هذا النهج بالشكل الذي سيسارع من تدهور الحالة الاجتماعية والاقتصادية بشكل كبير.

ويرى دوابة أن هذه السياسة الاقتصادية المتبعة لن تكون مجدية بأي حال من الأحوال كونها قائمة على "ترقيع الديون" دون وجود أي إنتاج حقيقي، الأمر الذي سيفاقم من الأوضاع الصعبة على مختلف المستويات، دون أي اكتراث من قبل النظام ومؤيديه من رجال أعمال وساسة لا يتضررون من تلك الأوضاع.

بدوره، يرى مصطفى شاهين الخبير الاقتصادي ومدرس الاقتصاد بأكاديمية أوكلاند الأميركية أن هذه الإجراءات رغم ما يظهر من أنها اضطرارية في إطار تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي، فإنها في حقيقة الأمر تصب ضد مصالح الفقراء ومحدودي الدخل بمصر، فالحصول على الماء والمواصلات العامة أحد أساسيات الحياة.

‪القرار تضمن رفع تكلفة الصرف الصحي لتصبح 63% بدلا من 57%‬ (الجزيرة)
‪القرار تضمن رفع تكلفة الصرف الصحي لتصبح 63% بدلا من 57%‬ (الجزيرة)

أوضاع مقلوبة
ويقول شاهين في حديثه للجزيرة نت إن "أي دولة تحترم مواطنيها لا يمكن تحت أي ظرف أن تزيد أسعار خدمات الماء بهذا الشكل، لكن ما تمر به مصر من أوضاع مقلوبة تفتقد فيها لنظام اقتصادي عادل يعمل على توزيع المكاسب والأعباء بشكل صحيح وعادل هو سبب الاستمرار في إقرار هذه الإجراءات".

ويرى أن تخفيف هذه الأعباء عن الموازنة العامة للدولة لم يحقق أهدافه المرجوة، حيث لم يتوفر فائض يسمح بتنفيذ مشروعات جديدة، كما تم رفع أسعار الفائدة مما زاد أعباء الدين في الموازنة العامة، مشددا على ضرورة أن تسعى الحكومة نحو بلورة إطار لزيادة الإنتاج والحد من تأثير هذه الإجراءات.

في المقابل، يقول رئيس تحرير صحيفة المشهد مجدي شندي إن هذه الإجراءات رغم ما فيها من زيادة أعباء على متوسطي ومحدودي الدخل فهي محصلة طبيعية لبنود اتفاق صندوق النقد الدولي، وترافقها من أجل ما تحمله من أعباء خطوات لتعميم مظلة الضمان الاجتماعي لتضم الطبقات غير القادرة.

لكن شندي يرى في حديثه للجزيرة نت أن هناك حاجة أكبر لتقليل الفجوات الاقتصادية والاجتماعية عبر ضمان مستوى لائق وكريم من العلاج والتعليم المجانيين وزيادة المخصصات التموينية وتوسيعها لتشمل كافة المحتاجين الفعليين، وفرض ضرائب تصاعدية على الدخول العالية ومكافحة الفساد، وهو ما سيوفر للدولة مئات المليارات.

المصدر : الجزيرة