أكياس "النايلون".. عنوان جدل جديد بالسودان

عماد عبد الهادي-الخرطوم

بعدما أعلنت الحكومة السودانية تنفيذ قرارها بإغلاق جميع مصانع البلاستيك العاملة في صناعة أكياس "النايلون" إثر مهلة حددتها بنهاية العام الحالي لتسوية أوضاعها، أبدى كثير من أصحاب المصانع اعتراضهم على القرار ورأوه خطوة لتشريد آلاف العمال.
 
وأثار القرار الحكومي جدلا واسعا بين أصحاب المصانع والتجار من جهة والحكومة من جهة، "خاصة أنه اتخذ من دون إيجاد بدائل حقيقية تمنع من انهيار قطاع اقتصادي كبير"، حسب قول بعض أصحاب المصانع.
 
واستجابت الحكومة لحملات واسعة قادتها جمعية حماية المستهلك وجمعيات بيئية أخرى في الفترة الماضية لوقف صناعة أكياس "النايلون" الخفيفة وتعويضها بأخرى من ورق أو من بلاستيك سميك يطابق المواصفات والمقاييس العالمية.

وتبرر الحكومة استجابتها لتلك الجمعيات بوجود آثار سلبية لأكياس النايلون الخفيفة على البيئة والصحة العامة في البلاد، مشيرة إلى أن دراسات تثبت ضررها الذي يتمثل في تغطية التربة وإفراز مادة كيميائية قاتلة إلى جانب تشويه الأماكن العامة لسهولة تنقلها عبر الهواء.

بدائل أخرى
وسبق لعدد من الولايات السودانية اتخاذ هذا القرار ومنعت بموجبه تداول أكياس البلاستيك في أسواقها مع اللجوء إلى بدائل أخرى كأكياس من ورق.

ويعمل في العاصمة الخرطوم 148 مصنعا للبلاستيك تنتج ما يزيد عن 1000 طن من أكياس البلاستيك الخفيفة يوميا، إضافة لما تقدمه من مواد ومنتجات بلاستيكية أخرى.

وتؤكد جمعية حماية المستهلك عدم مواءمة تلك الأكياس للمواصفات والمعايير البيئية المطلوبة، لكنها لا ترى مبررا لإغلاق المصانع، وإنما ترى ضرورة مطالبتها بتجويد المنتج منها ليتطابق مع المواصفات المطلوبة.

إصرار حكومي

إسماعيل: القرار يستهدف الأكياس الخفيفة
إسماعيل: القرار يستهدف الأكياس الخفيفة "الطيارة" (الجزيرة)

في المقابل، يصر وزير البيئة في ولاية الخرطوم حسن إسماعيل على تطبيق قرار الحكومة، قائلا إن "هذا قرارنا، وعلى أصحاب المصانع تسوية أوضاعهم، لأن ضرر هذه الأكياس أكبر من نفعها"، مشيرا إلى أن المقصود ليس إغلاق المصانع بالكامل "إلا إذا رفضت تسوية أوضاعها".
 
ويوضح الوزير أن القرار لا يستهدف كل أكياس النايلون، ولكن الأكياس الخفيفة "الطيارة" التي تسبب أمراضا كثيرة أبرزها السرطان، كاشفا أن الحكومة أمهلت أصحاب المصانع فترات كافية عبر إنذار أول وثان وأخير حتى نهاية العام الجاري لتسوية أوضاعهم بالكامل حتى لا يتضرر أحد".

وأمام هذا الإصرار الحكومي، يرفض أصحاب مصانع البلاستيك تنفيذ القرار، معتبرين أنه لم يكن مدروسا على الإطلاق. ووفق رئيسة شعبة مصانع أكياس البلاستيك شيراز الطيب فإن القرار يحارب الدولة في اقتصادها قبل أن يحارب أصحاب المصانع.

وتقول للجزيرة نت إن الحكومة لن تقبل أن تعمل بعض المصانع بما يخالف المواصفات والمقاييس المطلوبة بحجة الاستثمار والمحافظة على اقتصاد الدولة لأنها حجة غير منطقية".

‪شيراز الطيب: صناعة أكياس أكثر سماكة مكلفة للغاية‬ (الجزيرة)
‪شيراز الطيب: صناعة أكياس أكثر سماكة مكلفة للغاية‬ (الجزيرة)

وتؤكد في حديثها للجزيرة نت أن المصانع القائمة تستوعب أكثر من 50 ألف عامل يعولون مئات آلاف آخرين، متسائلة "من أين للحكومة بالبدائل لاستيعاب هذا العدد الكبير بعد إغلاق المصانع؟". لكنها اعترفت في الوقت نفسه بأن المطلوب أولا هو صناعة أكياس أكثر سمكا، وهذه مكلفة للغاية". 
 
وترى شيراز أن القرار لن يحل مشكلة البيئة بالبلاد، لأن ما تنتجه هذه المصانع يعادل فقط نحو 20% من الأكياس الموجودة بالأسواق والمستوردة أصلا من خارج البلاد".

أسباب واهية
من جهته، يرى عبد الواحد عبد الرؤوف وهو صاحب مصنع بلاستيك أن اتخاذ القرار "جاء بأسباب واهية وغير مبررة بتاتا"، مشيرا إلى أنه لا توجد دراسة علمية تثبت تضرر الإنسان من أكياس البلاستيك.

عبد الرؤوف: ما يجري هو حرب ممتدة على الصناعة الوطنية (الجزيرة)
عبد الرؤوف: ما يجري هو حرب ممتدة على الصناعة الوطنية (الجزيرة)

ويرى عبد الواحد أن "ما يجري هو حرب ممتدة على الصناعة الوطنية". وتساءل في تعليقه للجزيرة نت "هل سينصلح حال البيئة العامة بإغلاق مصانع أكياس البلاستيك؟".

من جانبه، طالب رئيس جمعية حماية المستهلك السودانية نصر الدين شلقامي بتوجيه المصانع للالتزام بتجويد إنتاجها وجعله مطابقا للمواصفات العالمية، بدلا من إغلاق المصانع وتشريد آلاف العمال.

ويرى أنه لا توجد بدائل حقيقية يمكن أن تحل مكان أكياس النايلون، ولذا ليس من الإنصاف إغلاق المصانع رغم ما تسببه الأكياس الخفيفة الطيارة من مشكلات".

ويقول شلقامي للجزيرة نت إن "جمعيته سعت لوقف إنتاج الأكياس الطيارة ومازالت تنادي بذلك"، لكنها ترى إمكان معالجة الوضع بعيدا عن إغلاق المصانع بالكامل.

المصدر : الجزيرة