الوصم بالإرهاب سلاح النظام المصري لسحق معارضيه

مخاوف من تشديد القبضة الأمنية على المجال العام بإنشاء مجلس مكافحة الإرهاب في ظل الطواريء. (تصوير خاص لضباط مكافحة الإرهاب أثناء احتجاجات ـ القاهرة ـ مايو 2016 ).
ضباط مكافحة الإرهاب أثناء احتجاجات سابقة بالقاهرة (الجزيرة)

عبد الله حامد-القاهرة

تدرج السلطات المصرية المزيد من المواطنين باعتبارهم إرهابيين -ومن بينهم أطفال وصحفيون- بمعدل مواطن كل تسع دقائق، حتى أنه بات لا بد من ذكر عدد المدرجين متبوعا بالتوقيت ضمانا للدقة.

ويظهر الناشط اليساري هيثم محمدين الذي تم التحفظ على أمواله من قبل بدعوى تمويل الإرهاب دهشة بالغة من وصم شباب وأطفال بالإرهاب، و"هم أبعد الناس عنه، وتكفي دلالات أسماء شهرتهم للتأكيد على طبيعة انتماءاتهم الكروية كأعضاء بالألتراس، وهي الأسماء التي اعتبرتها السلطات حركية، سعيا للانتقام من الألتراس والمعارضين بهذه التهمة".

ويروي محمدين أنه التقى عشرات من هؤلاء الشباب الموصومين مؤخرا بالإرهاب في فترة الأشهر الستة التي قضاها بالسجن، مشيرا إلى أن "أعمارهم تتراوح بين ١٨ و٢٥ سنة، وأصغرهم -وهو كريم زامورا- أحد ألتراس نادي الزمالك الذي كان دائم الخلاف والشجار مع السجناء من أصحاب الفكر الداعشي".

‪القبضة الأمنية المشددة تحاصر المصريين‬ (الجزيرة)
‪القبضة الأمنية المشددة تحاصر المصريين‬ (الجزيرة)

مخاوف التصفية
ويبدي هيثم محمدين قلقا بالغا من أن يجد "أحد الموصومين بالإرهاب وقد تمت تصفيته، ثم الإعلان عن أن التصفية جرت أثناء اشتباكات بينه وبين الشرطة كما يجري عادة".

ومن بين الموصومين بالإرهاب كذلك الفتى أسامة سيف، ويشير محمدين إلى أن كل أفراد أسرة سيف معتقلون مما اضطره قبل دخوله السجن لامتهان حرفة بسيطة لينفق على نفسه، أما محمد الشيخ فمصاب بالربو ويحتاج جلسات مستمرة، كما يروي محمدين.

وافتتحت السلطات شهر رمضان بالإعلان عن إدراج 216 شخصا -بينهم مرشد الإخوان المسلمين محمد بديع– في "قوائم الإرهابيين" لمدة ثلاث سنوات، وقبل شهور تم إدراج شخصيات عامة ورجال أعمال على قوائم الإرهاب، ومنهم لاعب المنتخب المصري السابق محمد أبو تريكة، ورجل الأعمال صفوان ثابت.

أما حصيلة الأيام الثلاثة الأولى من شهر رمضان فبلغت 277 شخصا، قبل أن يصل العدد صباح أمس الخميس إلى 998 مواطنا، بحسب الجريدة الرسمية.

 غنيم: الموصومون بالإرهاب يمنعون من تولي الوظائف العامة (الجزيرة)
 غنيم: الموصومون بالإرهاب يمنعون من تولي الوظائف العامة (الجزيرة)

قرار وطعن
و"يعد القرار قابلا للطعن أمام محكمة النقض (أعلى محكمة طعون بالبلاد) خلال ستين يوما من تاريخ النشر بالجريدة الرسمية" بحسب الحقوقي ومدير التنسيقية للحقوق والحريات عزت غنيم.

ويذهب غنيم في حديثه للجزيرة نت إلى أن "كل هذه الأسماء المضافة يوميا لقوائم الإرهاب أصحابها هم من المتهمين في كل القضايا المنظورة أمام دوائر الإرهاب ونيابة أمن الدولة العليا والقضاء العسكري، والهدف منع الموصومين بالإرهاب من تولي الوظائف العامة، وفصلهم لو كانوا موظفين ومنعهم من الترشح والانتخاب".

ويمنع الإدراج في قوائم الإرهاب المواطن كذلك من حرية التنقل، وإذا كان خارج البلاد يوضع على قوائم الترقب والوصول، وإن كان أجنبيا يمنع من دخول البلاد، بحسب عزت غنيم، كما "يمنع الموصوم بالإرهاب من ممارسة الحقوق السياسية، وقد تتعرض أمواله وممتلكاته للمصادرة بقرار من النائب العام، والإشكالية هنا أن قرار النائب العام نهائي".

‪ناصف: من بين الموصومين بالإرهاب أطفال‬  (الجزيرة)
‪ناصف: من بين الموصومين بالإرهاب أطفال‬  (الجزيرة)

إرهابيون أبرياء
و"لا يختلف الحال كثيرا بالنسبة للمؤسسات والكيانات المتهمة بالإرهاب" على حد قول الحقوقي أسامة ناصف الذي يبدي دهشته من وصم كل هذا العدد من المواطنين بالإرهاب، ولا سيما أن "القرارات نفسها صادرة منذ فترة طويلة، فضلا عن أن بعض الموصومين بالإرهاب حصلوا على براءات مؤخرا في القضايا التي اتهموا بها، ومع ذلك أدرجت أسماؤهم".

ولفت ناصف في حديثه للجزيرة نت إلى أن "من ضمن المدرجين في قوائم الإرهاب طفلا عمره 14 عاما، كما أن أغلب المدرجين لم تصدر بشأنهم أحكام جنائية، كالمتهمين في قضية اغتيال النائب العام".

وأكد أن "قرار الإدراج تم دون تحقيق بالمخالفة للقانون، فضلا عن أن القرارات صدرت قبل تعديل القانون، والتعديلات لن تؤثر على ما بالقرارات من عوار قانوني".

بالمقابل، قال صلاح فوزي الخبير القانوني وعضو لجنة العاشرة لكتابة الدستور إن "هذه القرارات ينطبق عليها ما نصت عليه المادة الثامنة من قانون العقوبات، وهو نفي حسن السمعة عن المتهم"، مؤكدا في تصريحات صحفية أن "هذا القرار مهم للغاية، وينبغي ألا تأخذنا أي رحمة أو شفقة مع الإرهابيين".

المصدر : الجزيرة