ارتفاع الدولار بمصر ينتصر لصناعة فانوس رمضان

الفوانيس الخيامية "القماش" تجد إقبالا لرخص أسعارها .
الفوانيس القماشية تجد إقبالا لرخص أسعارها (الجزيرة)
عبد الله حامد-القاهرة

في غرفة لا تزيد عن خمسة أمتار مربعة، كان عبده صالح صانع الفوانيس الشاب يجلس لساعات طويلة طوال شهور مضت قبل أن يرتاح أخيرا في رمضان، حيث يكون قد انتهى قبل أسابيع من بدء الشهر الفضيل من توفير آخر كمية مطلوبة للبيع.

قال عبده إن صناعة فوانيس رمضان باتت مستمرة طول السنة بعد تراجع المستورد، فبعد انتهاء رمضان بفترة، تبدأ الورش في تجهيز نماذج لفوانيس متطورة عن نماذج العام المنصرم، ثم تبدأ عملية تجريب النماذج الجديدة على المعادن والأخشاب التي سيتم استخدامها.

وتمر عملية تصنيع الفوانيس الصاج بمراحل عدة، أولاها تقطيع الصفيح إلى "القبة والجسم والقاعدة"، ثم مرحلة الثقب وفيها يتم تشكيل نموذج داخل المكبس (آلة الكبس)، ثم مرحلة "الكردون" -أي ضبط محيط الفانوس- وتوضع قطعة الصاج مرة أخرى على المكبس لعمل الزخرفة ولصق الأجزاء، ثم تركيب الزجاج الملون عليه، وأخيرا مرحلة لحام القاعدة والجسم والرقبة.

صناعة الفوانيس تمر بمراحل متعددة وشاقة (الجزيرة)
صناعة الفوانيس تمر بمراحل متعددة وشاقة (الجزيرة)

أما بالنسبة للفوانيس الخشبية فيجري تصنيعها بواسطة منشار "أركت" لقطع الأخشاب، ثم يتم تجميع القطع يدويا.

وأضاف عبده للجزيرة نت أن بعض الخامات محلية وبعضها خامات مستوردة، وهو ما يرفع أسعار المنتج النهائي.

الفانوس المستورد
وقال البائع عبد الرحمن عطا للجزيرة نت إنه "لم نعد نبيع الفانوس المستورد لنقصه بالسوق من ناحية وارتفاع سعره من ناحية أخرى، ونقتصر فقط على بيع الفانوس المحلي".

وتابع بالقول إن هناك انخفاضا في الإقبال على شراء الفوانيس عموما هذا العام عما سبقه بسبب ارتفاع الأسعار وتردي الحالة الاقتصادية، وبالنسبة للأشكال القديمة من الفوانيس "الكلاسيك" فاشتراها غالبا أبناء ما فوق الأربعين عاما، حيث تذكرهم بالزمن الجميل الذي عايشوه صغارا، أما الفتيات والأطفال فأقبلوا على الفوانيس ذات الأشكال المبتكرة والألوان الزاهية وتلك التي تصدر أضواء وموسيقى.

وفي جولة سريعة بالمتاجر، تبين تعدد أنواع الفوانيس المحلية بين الخشبية والصاج والنحاس والخيامية، ويبلغ سعر الفانوس الخشبي المتوسط الحجم نحو أربعين جنيها (الدولار يساوي 18 جنيها).

ويبلغ متوسط أسعار الفوانيس الصاج نحو تسعين جنيها، أما الفانوس القماشي "الخيامي" فسعره في المتوسط نحو 80 جنيها، والنحاسي 120 جنيها.

الفوانيس المحلية المبتكرة الأشكال تجتذب الفتيات والأطفال (الجزيرة)
الفوانيس المحلية المبتكرة الأشكال تجتذب الفتيات والأطفال (الجزيرة)

وأشارت بيانات الغرفة التجارية بالقاهرة إلى تراجع الفاتورة الاستيرادية لفوانيس رمضان إلى ثلاثة ملايين دولار العام الماضي، مقارنة بعشرة ملايين دولار في العام الذي سبقه.

انتصار المحلي
ورأى الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي محمد نصر الحويطي أن أبرز أسباب انتصار الفانوس المحلي على المستورد في مصر هذا العام هو انخفاض الجنيه أمام الدولار، وبالتالي تضاءلت فرص وجود الفانوس المستورد لصعوبة استيراده من ناحية، ولعزوف المستهلكين الذين أنهكتهم ارتفاعات الأسعار في مختلف السلع من ناحية أخرى.

وتابع الحويطي بحديثه للجزيرة نت أن الفانوس المحلي مصنوع من مواد خام محلية غير مستوردة، وانتشرت هذه الفوانيس منذ العام الماضي وزاد تداولها هذا العام في المحلات، بعد أن انفتح المجال أمامها وحدها.

ويؤكد الحويطي أنه حتى مع ارتفاع كلفة تصنيع الفوانيس المحلية فهي أيضا أقل من المستوردة حاليا، وذلك بسبب القرار رقم 232 لعام 2015، الذي أصدره وزير التجارة والصناعة الأسبق منير فخري عبد النور "بتشجيع الصناعة المحلية ووقف استيراد فوانيس رمضان والاعتماد على الصناعة المحلية".

وترجع الباحثة في شؤون الآثار والتاريخ علياء نصر بداية ظهور الفانوس لعصر المعز لدين الله الفاطمي، حينما أمر جوهر الصقلي بالخروج لاستقبال المعز لدين الله بالفوانيس في إحدى ليالي رمضان.

وتابعت في حديثها للجزيرة نت "استمر استخدام الفانوس بهدف الإنارة وكانت الفوانيس تصنع من الجلد وتضاء بالشموع، وتعلق ببوابات الحارات، فتحول الفانوس إلى طقس رمضاني".

المصدر : الجزيرة