وثيقة حماس في مشهد نتنياهو التمثيلي

أحمد السباعي-الجزيرة نت

يخرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقطع فيديو مدته دقيقة و37 ثانية، نشره على مواقع التواصل الخاصة بالحكومة الإسرائيلية، ليرد على وثيقة حماس ويتهمها بالكذب على العالم، ثم يرميها -بمشهد تمثيلي- في سلة المهملات.

ويحاول "بيبي" مواكبة العصر عبر اختياره ومساعديه مقطع فيديو قصيرا ينتشر بسرعة على مواقع التواصل، مستغنيا به عن بيانات صادرة عن مكتبه أو خطاب أمام تجمع جماهيري أو كلمة في اجتماع حكومته.

رئيس الوزراء الإسرائيلي -الذي درس العلاقات العامة في جامعة هارفرد- أراد أن يضرب أكثر من عصفور بحجر واحد في هذا الفيديو، من بينها تقديم أوراق اعتماده للرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب، وتبديد أي معلومة أو همسة في أذن رئيس بلاد العم سام بأن حماس شريك أساسي في عملية السلام وأنها تحاول الوصول لحل يرضي شعبها الفلسطيني الذي يعاني منذ عشرات السنين.

ولكن قراءة في فيديو "بيبي" التمثيلي، تظهر أن هناك عدة رسائل حاول إرسالها في أكثر من اتجاه:

– عنوان الفيديو "ما الأخبار الزائفة؟" أراد من هذا العنوان التقاط الجمهور ودعوته لمتابعته ومعرفة عن ماذا يتحدث نتنياهو؟ ويعرف خبراء مواقع التواصل والمنصات الرقمية أهمية العنوان كمدخل لمتابعة الفيديو.

– حاول تقليد ترمب (وهو أيضا ممثل في أفلام وبرامج سابقة) في مهاجمة وسائل الإعلام العالمية والمؤثرة التي من بينها "سي أن أن" و"الجزيرة"، واعتبر أنها تلفق الأخبار والعناوين خصوصا في موضوع قبول حماس دولة فلسطينية على حدود 1967، ثم ركز على عنوان اختارته صحيفة أميركية مرموقة هي "نيويورك تايمز" التي وصفت حماس بالـ"معتدلة".

– رافق الفيديو موسيقى حزينة ترتفع وتخفت مع كلام نتنياهو، كي يحاصر المشاهد صوتا وصورة وأداءً.

– نبرة صوت نتنياهو ترتفع حينما يريد توجيه الانتقادات لحماس واعتبار أنها تريد تدمير إسرائيل وأن الأخيرة غير موجودة بالنسبة للحركة وأن كل شبر من أرض فلسطين ملك للفلسطينيين.

– نتنياهو تكلم باللغة الإنجليزية من أجل إيصال الرسالة إلى إدارة ترمب -الذي من المتوقع أن يلتقيه في وقت لاحق من الشهر الجاري؛ وباستخدام اللغة الإنجليزية أيضا يؤمِّن انتشارا أكبر للفيديو على مستوى العالم.

– كان نتنياهو مُستَفزا في الفيديو، وهذا يظهر احتمالين: إما أنه كان يتظاهر بهذا الاستفزاز لاستدرار عطف المشاهدين والتشويش على بنود وثيقة حماس الجديدة التي يبدو أنها نالت رضا دوليا عاما مبدئيا، أو أن خطوة حماس جاءت كالصاعقة على الإدارة الإسرائيلية وظهرت تداعياتها في الفيديو القصير.

– ذروة الفيديو وصلت عندما شكك نتنياهو بقبول حماس بفكرة إقامة دولة فلسطينية، واعتبر أن موافقة حماس تأتي في إطار تدمير إسرائيل.

– ولكي تعلق هذه الرسالة في ذهن المتلقي، ترك أهم لقطتين في فيلمه إلى النهاية: الأولى حديثه عن أن حماس تقتل النساء والأطفال وتدك إسرائيل بآلاف الصواريخ التي تسقط على المنازل وأنها تقوم بغسل دماغ الأطفال في "رياض أطفال انتحارية".

أما المشهد الأخير فهو رفع وثيقة حماس بطريقة تمثيلية ورميها في سلة المهملات، وهنا تغيرت حركة يديه اللتين كانتا على الطاولة طيلة الكلمة، فارتفعتا في إشارة إلى الطلب من المشاهد بالتفاعل معه.

هذا المشهد التمثيلي ليس الأول لنتنياهو الذي سبق أن ألقى في سبتمبر/أيلول 2012 خطابا أمام الأمم المتحدة مستخدما رسما توضيحيا لقنبلة، وطالب العالم بوضع "خط أحمر واضح" بشأن برنامج إيران النووي، من أجل إيقافه.

المصدر : الجزيرة