"الأحمدية" بالجزائر.. أكاديميون يحذرون من انتشارها

جانب من ندوة حول القاديانية وعلاقتها بالاستعمار البريطاني بمقر المجلس الاسلامي الاعلى الجزائر العاصمة 24 افريل 2017 تصوير ياسين بودهان الجزائر .
جانب من ندوة بالجزائر العاصمة أمس حول "طائفة الأحمدية وعلاقتها بالاستعمار البريطاني" الاثنين (الجزائر)

ياسين بودهان-الجزائر

حذر مشايخ وأكاديميون في الجزائر من مخاطر انتشار طائفة الأحمدية (القاديانية) ببلادهم، واعتبروا أنه ما كان للجزائر أن تنال استقلالها لو عرفت انتشار هذه النحلة أو الطائفة قبل اندلاع ثورتها التحريرية.

وخلال ندوة عقدت بمقر المجلس الإسلامي الأعلى (تابعة لرئاسة الجمهورية)، وصفت مجموعة من الباحثين والمشايخ القاديانية المعروفة أيضا باسم "الأحمدية" بأنها "نحلة لقيطة" ظهرت لدعم الاستعمار البريطاني، والوقوف ضد الحركات الجهادية التي تجابهه.

رئيس المجلس المذكور أبو عبد الله غلام الله اعتبر انتشار هذه الطائفة -التي أسسها ميرزا غلام أحمد القادياني المولود بقرية قاديان في إقليم البنجاب بالهند عام 1839- أمرا خطيرا، وحمد الله على أن الجزائريين لم يعرفوا هذه النحلة قبل اندلاع الثورة عام 1954 وإلا لما نالت البلاد استقلالها، لأنها تقوم على "عقيدة إلغاء ركن من أركان الإسلام وهو الجهاد".

عقيدة فاسدة
وكشف أبو عبد الله أن طائفة الأحمدية وضعت "يرقات بدأت تفرخ في كل مناطق الجزائر"، وقال إن "هؤلاء هم من أبناء الجزائر وآباؤهم جزائريون وأمهاتهم كذلك"، مضيفا أن "هذا البلاء تسلط على بلاد المسلمين من الخارج لتشويه الإسلام واستلال روحه من المسلمين".

‪زهرة فاسي: الطائفة الأحمدية نحلة لقيطة بدأت تخترق المجتمع الجزائري‬ (الجزيرة)
‪زهرة فاسي: الطائفة الأحمدية نحلة لقيطة بدأت تخترق المجتمع الجزائري‬ (الجزيرة)

الأستاذ بكلية العلوم الاجتماعية والإنسانية في جامعة البليدة حمزاوي اليزيد أوضح أن رائد الحركة الإصلاحية في الجزائر الشيخ عبد الحميد بن باديس حذّر من مخاطر هذه الجماعة حتى قبل تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.

وقال المختص في الدراسات النقدية للأديان والفرق إن ابن باديس كتب في جريدة "البصائر" في عدد أبريل/نيسان 1935 "كادت هذه القاديانية أن تدخل إلى الجزائر على يد طائفة الحلول وشيخها، لولا أن قام في وجوههم العلماء والمصلحون، وفضحوهم على صفحات الشهاب أيام كان أسبوعيا، فرد الله كيدهم ووقى الله الجزائر شرا عظيما".

وأوضح اليزيد أن هذه الطائفة تشكل خطرا عظيما على الأمة الإسلامية وعلى الجزائر بسبب عقائدها الفاسدة وعلاقتها بالاستعمار، فهي تعتبر أن من "يفكر في الاستقلال والتحرر من الاستعمار كافر معادٍ لله ورسوله".

ووصفت الباحثة في علم الاجتماع وعضوة الجمعية الجزائرية للعقلاء والمشايخ زهرة فاسي الطائفة الأحمدية بالنحلة اللقيطة التي بدأت تخترق المجتمع الجزائري. ورغم أنها ترى أن تأثيرها ضعيف جدا، فإنها شددت على ضرورة التصدي لها وتوعية الجزائريين بمخاطرها.

ورغم خطورة الطائفة تقول زهرة فاسي للجزيرة نت إنها مطمئنة لأن "الشعب الجزائري يقظ غيور على دينه، وغيور على نبيه، ويعلم أن هذا الشيء يتناقض مع المنطق الديني". وتضيف "هناك وعي كبير الآن بضرورة التصدي للأحمدية، وذلك بفضل جهود العلماء والأئمة وشيوخ الزوايا الذين وقفوا ضد هذه البلادة الدينية".

وبخصوص المخاوف من استغلال هذه الحملات للتضييق على الحريات الدينية بالجزائر، تقول زهرة "أن تكون مسيحيا فأنت حر، وأن تكون يهوديا فأنت حر، وأن تكون وثنيا فأنت حر أيضا، ولكن أن تنقص من قيمة الرسول صلى الله عليه وسلم فأنت لست حرا".

‪‬ سعيد جاب الخير: الأحمدية لا تشكل أي خطر على الدولة أو الشعب في الجزائر(الجزيرة)
‪‬ سعيد جاب الخير: الأحمدية لا تشكل أي خطر على الدولة أو الشعب في الجزائر(الجزيرة)

حرية التدين
الإعلامي والباحث المتخصص في التصوف والطرق الصوفية سعيد جاب الخير لا يبدو منزعجا من الطائفة الأحمدية ولا من الخطر الذي يتحدث عنه الآخرون، ويعتبر أن الدستور الجزائري في المادة 42 يكفل حرية التدين والاعتقاد.

وهذا يعني بالنسبة لجاب الخير أن "الأحمديين أو غيرهم من المسيحيين واليهود وأصحاب الأديان والمذاهب المختلفة عن المرجعية الدينية الرسمية، ليسوا معتدين على الدستور ولا على القوانين السارية بمجرد أن أديانهم أو معتقداتهم أو أفكارهم تختلف عن الخطاب الديني الرسمي السائد".

ويقول للجزيرة نت "لا أتصور أن هؤلاء يشكلون أي خطر على الدولة أو الشعب في الجزائر"، ويتساءل "ما قيمة دين أو عقيدة تخاف من فكرة مختلفة؟ وهل الشعب الجزائري في أغلبيته متمسك بمرجعيته الدينية لأنه مقتنع بها، أم لمجرد أنها تمثل الخطاب الديني الرسمي حتى لو لم يكن مقتنعا بها؟".

ويشدد جاب الخير على أن "الدين ونمط التدين من الأمور الشخصية التي تعود إلى القناعة الفردية لكل مواطن، ولا دخل للدولة فيها، أو على الأقل هذا ما ينبغي أن يكون"، مؤكدا أن المفترض في الدولة المدنية حماية جميع الأديان والمذاهب المتواجدة على أراضيها، إذ "واجب الدولة هو أن تحمي وترعى التنوع والاختلاف وقبول الآخر المختلف والعيش المشترك، لا أن تقمع المختلف".

المصدر : الجزيرة