كيف ستطوع الحكومة مجلس مكافحة الإرهاب بمصر؟

مخاوف من تشديد القبضة الأمنية على المجال العام بإنشاء مجلس مكافحة الإرهاب في ظل الطواريء. (تصوير خاص لضباط مكافحة الإرهاب أثناء احتجاجات ـ القاهرة ـ مايو 2016 ).
مخاوف من تشديد القبضة الأمنية على المجال العام بإنشاء مجلس مكافحة الإرهاب في ظل الطوارئ (الجزيرة نت)

عبد الله حامد-القاهرة

يتسلم مجلس النواب خلال ساعات مشروع قانون تقدمه الحكومة لإنشاء المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف بعد أن أعلن عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي فور اجتماعه بمجلس الأمن القومي، وذلك ضمن إجراءات أعقبت وقوع تفجيري الكنيسة المرقسية وكنيسة مار جرجس أول أمس الأحد، ومنها فرض حالة الطوارئ بالبلاد ثلاثة أشهر.

وأكد وكيل البرلمان سليمان وهدان أن "من مهام المجلس رسم سياسات محددة لمحاربة الإرهاب على كافة المحاور، لتشمل الإعلام والتعليم ومؤسسات الأزهر والكنائس بمشاركة قوى المجتمع المدني".

 وتابع وهدان في تصريحات تلفزيونية أنه "سيعاد النظر في كافة السياسات العامة التي تنتهجها الدولة لاجتثاث الإرهاب، ودراسة القوانين المتعلقة بمكافحته".

تشكيلة سلطوية
ورأى الخبير الأمني محمد صلاح أن "المنتج النهائي من مثل هذه الماكينة السلطوية لا يبشر بخير"، معربا عن اعتقاده بأن "المجلس بتشكيلته المعلنة سيخضع لسيطرة أجهزة الأمن، بهدف فرض مزيد من السيطرة النفسية على الجماهير، وإحكام القبضة على كافة المناحي، ليكون الإرهاب شماعة يعلق عليها النظام فشله في ملفات أخرى".

محمد صلاح: المنتج النهائي من مثل هذه الماكينة السلطوية لا يبشر بخير (الجزيرة)
محمد صلاح: المنتج النهائي من مثل هذه الماكينة السلطوية لا يبشر بخير (الجزيرة)

وتوقع صلاح -وهو ضابط أمن سابق- في حديثه للجزيرة نت أن يتم "التحكم كذلك عبر هذا المجلس في توجيه بوصلة كافة المؤسسات وفرض هيمنة عليها بقوانين جديدة تلغي صلاحيات تلك المؤسسات في ظل أحكام طوارئ ترهب الجميع، مع تقليص دور المؤسسات الأخرى كالأزهر، باعتبار أن ممثلي هذه المؤسسات في المجلس قد وافقوا على سياساته وقراراته، وسيتم إنشاء محاكم طوارئ سريعة وناجزة للمتهمين، وتنفيذ أحكام الإعدام لمن هم في السجون".

وقال الكاتب الصحفي أنور الهواري إن "المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب ليس منصوصا عليه في الدستور". ووصفه في تدوينة له على فيسبوك بأنه "جنين نبت خارج الرحم الطبيعية"، ملمحا إلى وجود بديل له وهو مجلس الأمن القومي المنصوص عليه في المادة 205 من الدستور.

واستبعد الحقوقي عزت غنيم وجود عقبة دستورية في إنشاء المجلس، مشيرا إلى أن "العقبة الدستورية ستكون في الاختصاص، ففي حالة توسعة اختصاص هذا المجلس بالمخالفة لأحكام الدستور سيكون مجلسا غير دستوري، وما سيصدر عنه سيكون باطلا قانونا"، مؤكدا في حديثه للجزيرة نت أن حالة الطوارئ المفروضة على البلاد لن تمنح المجلس استثناء من مخالفة الدستور.

استخدام سياسي
وأعرب القيادي في حركة 6 أبريل شريف الروبي عن قلقه من تطويع وسائل هذا المجلس ضد حركات المعارضة المدنية، مشيرا إلى أنه سيخضع ولا ريب لقيادات أمنية، مع تصدير وجوه معينة للتحدث باسم النظام بشكل مختلف في وسائل الإعلام.

‪عزت غنيم: حالة الطوارئ المفروضة على البلاد لن تمنح المجلس استثناء من مخالفة الدستور‬ (الجزيرة)
‪عزت غنيم: حالة الطوارئ المفروضة على البلاد لن تمنح المجلس استثناء من مخالفة الدستور‬ (الجزيرة)

 ورأى الروبي في حديثه للجزيرة نت أن "مزيدا من المجالس السلطوية تعبر عن فشل النظام، ومحاولة لفرض سيطرة أكبر على المجال العام، وهي سياسة أثبتت فشلها من قبل"، وتوقع أن يكون "جل هم أعضاء المجلس إثبات ولائهم للسلطة وتنفيذ سياساتها ضد الحركات المدنية المناوئة للنظام والإرهاب معا".

وقال الباحث في المرصد العربي لحرية الإعلام أحمد أبو زيد للجزيرة نت إن بوادر الوسائل التي سينتهجها مجلس مكافحة الإرهاب للسيطرة على الإعلام ظهرت مبكرا حتى قبل الإعلان الرسمي عن تشكيل المجلس، حيث يسعى النظام لاستنساخ مساوئ تجربة الحقبة الناصرية وإنتاج إعلام شبيه بمراكز التوجيه الإعلامي.

وأضاف "سيكون ذلك عبر نمط من الإعلام الموجه من قبل قنوات الشؤون المعنوية وصحف رجال الأعمال الاحتكارية بعد نجاح تجربة قنوات دي أم سي (dmc)، حيث سيتم استنساخها بتجربة صحفية تمثل اندماج مجموعة صحف خاصة لتهيمن على الساحة الصحفية بعد انكشاف صحف النظام التي يديرها رجال أعماله".

بدوره، أشاد مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية بقرار تشكيل مجلس أعلى لمواجهة الإرهاب والتطرف في مصر بصلاحيات تمكنه من تنفيذ التوصيات اللازمة لمعالجة الموقف بشكل كامل على جميع المناحي.

واعتبر المرصد في بيان له أن "تشكيل هذا المجلس الأعلى يشكل خطوة مهمة وإيجابية في سبيل مواجهة التطرف والإرهاب وتوحيد جهود جميع مؤسسات الدولة في هذا الشأن".

المصدر : الجزيرة