أفراد الدفاع الذاتي في الجزائر يطالبون بتسوية أوضاعهم

إحدى مظاهرات مجموعات المقاومين
تجمع احتجاجي لوحدات الدفاع الذاتي للمطالبة بتسوية أوضاعهم (الجزيرة)
عبد الحميد بن محمد-الجزائر

لم يكن محفوظ بن عزة الدوادي يتجاوز الـ16 من العمر في 1995 عندما أصبح يرافق عناصر مجموعات الدفاع الذاتي أو المقاومين، وهم مدنيون تم تسليحهم من قبل السلطات الجزائرية في قراهم ومحافظاتهم، ووضعوا تحت تصرف قوات الجيش والدرك للمساعدة في مواجهة الجماعات المسلحة منذ عام 1994.

ويقول محفوظ الذي كان يسكن يومها منطقة الدواودة الواقعة غربي العاصمة الجزائر إنه رأى والده يقتل ذبحا أمام عينيه من طرف مسلحين هاجموا بيتهم البسيط.

وببلوغه الـ18 انضم محفوظ إلى صفوف الحرس البلدي قبل أن يتعرض لمحاولتي اغتيال، الأولى في 1997 والثانية في 1998، ولا تزال آثارهما على جسده.

ويبلغ عدد عناصر الدفاع الذاتي أو المقاومين "الباتريوت" كما يسمون نحو 116 ألف مدني جرى تسليحهم من طرف السلطات الجزائرية مع اندلاع أعمال العنف في البلاد مطلع 1992، حيث كانوا يعملون جنبا إلى جنب مع قوات الجيش في المناطق الغابية والجبلية خصوصا.

ويتوزع هؤلاء في نحو 37 محافظة، لكن بتركيز كثيف في محافظات تقع بوسط البلاد مثل المدية وعين الدفلى والبويرة والبليدة وجيجل، كما أن أغلب من حملوا السلاح هم من البسطاء والفلاحين وسكان القوى النائية والجبال.

ولا يزال بعض سكان المناطق يحملون السلاح إلى الآن خوفا من هجمات المسلحين.

‪إحدى مظاهرات وحدات الدفاع الذاتي للمطالبة بحقوق عناصرها‬ (الجزيرة)
‪إحدى مظاهرات وحدات الدفاع الذاتي للمطالبة بحقوق عناصرها‬ (الجزيرة)

إقصاء وتهميش
بالكثير من الحرقة يعبر محفوظ (38 عاما) للجزيرة نت عن ألمه من التهميش والإقصاء "فنحن من لبينا نداء الجزائر عندما كانت الدولة ومؤسساتها مهددة بالانهيار تحت ضربات الجماعات المسلحة، لكن اليوم تم التخلي عنا بطريقة تجعلنا نشعر كما لو أننا خنا الوطن، فيما تم رد الاعتبار لفئات أخرى وتم تعويضها ماديا وهي من رفعت السلاح ضد الدولة".

 ويضيف محفوظ أن الكثير من المقاومين يعيشون اليوم ظروفا اجتماعية قاسية، فبعضهم عاجزون حتى عن توفير لقمة العيش لأسرهم "بينما من كان يقتل يعيش في رفاهية".

وقد جرى في 2008 تأسيس المنظمة الوطنية للدفاع عن حقوق المقاومين، وهي أشبه بنقابة ولها فروع في 37 محافظة من بين 48 محافظة تتكون منها البلاد.

وأمام الضغط المتواصل لهذه الفئة عبر الاحتجاجات والمظاهرات والاعتصامات المتكررة بدأت وزارة الدفاع في دراسة 21 ألف ملف من بين 161 ألف ملف، وهي نسبة ضعيفة برأي محفوظ الذي يرى أنها محاولة لامتصاص الغضب ليس إلا.

‪‬ محفوظ الداودي: الدولة تخلت عنا كما لو أننا خنا الوطن(الجزيرة)
‪‬ محفوظ الداودي: الدولة تخلت عنا كما لو أننا خنا الوطن(الجزيرة)

من جانبه، يطالب المنسق الوطني للمقاومين مراد طعم الله الحكومة بالإجابة عن سؤال مهم في رأيه، وهو "هل كانت الاستعانة بنا كمدنيين خلال سنوات الحرب الأهلية قانونية أم لا؟ ونطالب بأن يتم الاعتراف بنا دستوريا كمقاومة شعبية ضد الإرهاب".

تهديد بالتصعيد
وتطالب السلطات بتنفيذ ما ورد في الجريدة الرسمية في العام 2013، والذي أكد على الحق في التقاعد النسبي والحصول على الامتيازات الأخرى.

وقد تم الاعتراف بحق عناصر المقاومين في التقاعد المسبق عشية الانتخابات الرئاسية 2014 وبعد مسيرة ضخمة شارك فيها الآلاف نظمها هؤلاء باتجاه قصر الحكومة في الجزائر العاصمة.

ويقول مراد طعم الله للجزيرة نت إن الحكومة تتلاعب بهذه الفئة ولا تطبق مرسوما رئاسيا تعهد من خلاله الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بصيانة كرامة المقاومين.

ويضيف "نحن نتعرض يوميا لمضايقات أمنية، وهناك من يتم تهديده بسحب سلاحه إذا شارك في الاحتجاجات".

‪مراد طعم الله: لم نرتكب أي تجاوزات أثناء مكافحتنا الإرهاب‬ (الجزيرة)
‪مراد طعم الله: لم نرتكب أي تجاوزات أثناء مكافحتنا الإرهاب‬ (الجزيرة)

ويكشف طعم الله عن قرار تنظيم مسيرة وطنية يوم 4 أبريل/نيسان المقبل، كي نطلب من الحكومة فتح باب الحوار وأن تكف عن التعامل معنا بطريقة أمنية، مؤكدا أن الاحتجاجات ستتصاعد خلال المرحلة المقبلة، خاصة في الموقف من الانتخابات التشريعية المقررة يوم 4 مايو/أيار المقبل.

وبشأن نظرة المجتمع لمجموعات الدفاع الذاتي، يعتقد مراد أن هناك تعاطفا من المجتمع ودعما لمطالبهم وحركاتهم الاحتجاجية، غير أنه يرفض اتهام المقاومين بالتورط في ارتكاب تجاوزات أثناء مكافحة الإرهاب من خلال عمليات خطف وقتل للمدنيين.

ويضيف "نحن أبرياء لم نخطف أحدا، ربما جهات أخرى هي من تورطت بذلك".

وفي هذا السياق، طالب طعم الله السياسيين والجنرالات الذين سيروا مرحلة التسعينيات من القرن الماضي -ومنهم الرئيس السابق اليامين زروال- بالخروج عن الصمت واتخاذ موقف علني بشأن قضاياهم.

المصدر : الجزيرة