الوقاية والتأهيل إستراتيجية سعودية لمواجهة التطرف الإلكتروني

مشاركون في برنامج "تبيان في الوقاية من التطرف" الذي تشرف عليه السلطات السعودية
مشاركون في برنامج تبيان للوقاية من التطرف الذي تشرف عليه السلطات السعودية (الجزيرة)

هيا السهلي-الرياض

انتقلت السعودية في عام 2003 لمستوى آخر في المواجهة مع "الإرهاب والفكر المتطرف" حيث تشكل تنظيم القاعدة كمنصات وحاضنات إلكترونية "معرفية"، وهو ما دفع بالجهات الرسمية السعودية إلى تبنّي إستراتيجية جديدة للمواجهة والمعالجة الفكرية عبر الإنترنت للتصدي "للتطرف والإرهاب الإلكتروني".

وتركز الجهات المعنية في السعودية على استخدام المواقع الإلكترونية كأداة للتواصل والتفاعل وتفنيد الأفكار المتطرفة، حيث كشفت دراساتها عن ارتباط بين ارتفاع نسبة الشباب في السعودية وزيادة اتصالهم بالإنترنت.

وقد بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في آخر الإحصائيات 24 مليون مستخدم، منهم 50% يمثلون الفئة العمرية 16-29 عاما، وبلغت نسبة من يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي 91%.

‪السيد: المشروع يهدف إلى نشر قيم الوسطية والاعتدال والتسامح‬ (الجزيرة)
‪السيد: المشروع يهدف إلى نشر قيم الوسطية والاعتدال والتسامح‬ (الجزيرة)

إستراتيجية مضادة
وتتلخص الإستراتيجية السعودية ضد "الإرهاب والتطرف" في خطة أُطلق عليها "إستراتيجية الوقاية وإعادة التأهيل والنقاهة"، وتتطلب مشاركة مؤسسات الدولة وجهات مساندة لتنفيذها.

وقد أطلق مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني برامج النهج الوقائي في محاولة لاقتلاع التطرف من جذوره ونشر الفكر المعتدل، وكان من أهم برامجه "مشروع تبيان للوقاية من التطرف".

وهذا البرنامج هو برنامج حواري توعوي متنوع يضم برامج تدريبية وفعاليات تضمن تفاعل وحيوية المشارك، ونقل دوره من التلقي إلى الإسهام الفاعل وصناعة الأفكار وحل المشكلات.

ويستهدف البرنامج المجتمع بمختلف فئاته والشباب الجامعي على وجه خاص، وهو يمتد لأسبوع منتقلا بين مناطق المملكة.

وبحسب مساعد مدير عام أكاديمية الحوار بالمركز الدكتور محمد السيد، فإن المشروع يهدف إلى نشر قيم الوسطية والاعتدال والتسامح ونبذ التطرف بجميع أشكاله، وتأهيل المشاركين بوسائل علمية ومهارات تمكنهم من كشف الانحرافات الفكرية أثناء الحوار ومعالجتها.

ويحتوي البرنامج على دورات تدريبية وورش عمل ومقاهي حوارية، وعرض تجارب من مجموعات الشباب الذين تراجعوا عن الفكر المتطرف، بالإضافة إلى مسابقات في الفن التشكيلي وإنتاج الأفلام القصيرة.

ويقول السيد للجزيرة نت إن البرنامج يعتمد منهجية علمية لمعالجة الفكر الضال من خلال استخدام آليات لبناء الفكر المضاد بتقديم مفاهيم مباشرة ذات علاقة بالتطرف في الإنترنت، وفحصها والحكم عليها من خلال التدريب على مجموعة من مهارات التفكير النقدي ومنهجيات أخرى بمقاييس علمية للكشف عن ظاهرة التطرف.

‪أطلق مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني برامج النهج الوقائي في محاولة لاقتلاع التطرف من جذوره‬ (الجزيرة)
‪أطلق مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني برامج النهج الوقائي في محاولة لاقتلاع التطرف من جذوره‬ (الجزيرة)

تطرف ممنهج
ويذهب مختصون في وصف مشهد الإرهاب في الإنترنت إلى التفريق بين منصات الإرهابيين والمتطرفين الرسمية وبين جمهور المتعاطفين والمتفاعلين، و المنصات التي يسمونها "المشاغبة".

وفي هذا السياق يقول رئيس حملة السكينة لتعزيز الوطنية عبد المنعم المشوح إن المنصّات الرسمية "لها جسد إلكتروني يتكون من مخازن محتوى، ومٌولّدات أفكار ومواد، وحسابات وصفحات قيادة، وحسابات وصفحات تسويق، والدعم التقني والقرصنة، والإنتاج الفنّي".

ويعتقد المشوح أن بعض عمليات الإقفال والإلغاء للحسابات والصفحات لا تؤدي نتائج مؤثرة بسبب عدم فهم "الجسد الإلكتروني" لهذه المنصات، مشيرا إلى أنها "منصّات ذكية ذات خبرة متراكمة تحاول إشغال جهات الإقفال والرصد والمتابعة بحسابات وهمية وصفحات ليست ذات قيمة".

وذكر المشوح أن المنصات في ذروة عملها استطاعت أن تبثّ قرابة 130 ألف مادة مُمنهجة في اليوم الواحد في شبكات التواصل الاجتماعي خاصة تويتر، لكنها حاليا خسرت 60% من قدراتها، وتظل الـ40% تشكل خطرا وتهديدا عالميا. أما جمهور المتعاطفين فيرى المشوح أنه "لا يبني فكرا ولكنه مزعج".

يحتوي البرنامج على دورات تدريبية وورش عمل ومقاهي حوارية (الجزيرة)
يحتوي البرنامج على دورات تدريبية وورش عمل ومقاهي حوارية (الجزيرة)

منصات مشاغبة
وقد ظهرت المنصات "المُشاغِبة" منذ عام 2010، وهي تدّعي أنها تنتمي لجماعات أو تيارات بعضها "إرهابية" وبعضها حقوقية.

ولاحظ الراصدون في السعودية أن هدف هذه المنصات صناعة فوضى أكثر من مسألة الدعوة إلى منهج أو رأي، وبعضها يصدر من إيران وفقا للضبط الجغرافي، وبعضها من مناطق أخرى.

يشار إلى أنه في حالة تبني مركز الملك عبد العزيز البرامج الوقائية، تحمل وزارة الداخلية السعودية على عاتقها إستراتيجية علمية لمعالجة المتورطين بالفكر المتطرف أو "الإرهاب" باعتمادها برنامج على ثلاث مراحل في التنفيذ.

المرحلة الأولى بالمناصحة داخل السجون بعد إصدار الحكم، والثانية بعد انقضاء الحكم وتسمى بإعادة التأهيل داخل المركز بعد قضاء فترة السجن، لتتم إعادة إدماج من تورطوا في قضايا تطرف -دون اقتراف عمليات قتل- في المجتمع.

أما الثالثة، فهي مرحلة الرعاية، وتهدف إلى الحفاظ على التوزان الفكري والنفسي والمجتمعي الذي تم تحقيقه في المرحلتين السابقتين.

المصدر : الجزيرة