الأسعار والضرائب تقودان حراكا احتجاجيا متصاعدا بالأردن

صور من احتجاجات السلط
حراك شعبي ضد الحكومة الأردنية في السلط (الجزيرة نت)
رائد عواد-عمّان
 
تحت سمع وبصر المواطن، انتهجت حكومة هاني الملقي -عقب نيلها ثقة البرلمان الأردني- سياسة ضريبية شملت سلعا أساسية وخدمات، أدت إلى احتقان ملحوظ في الشارع الأردني، انقلب ضدها حين تصاعدت الاحتجاجات أو هكذا تبدو.

بدأت قصة الاحتجاجات حين تداعى البرلمان الأردني إلى طلب عقد جلسة مناقشة عامة مع الحكومة بشأن رفع الأسعار المتواصل والضرائب المتتالية، لسد عجز الموازنة المقدّر بملياري دولار. وهي الجلسة التي سرعان ما انفرط عقدها بعد خمس دقائق، بحجة مغادرة رئيس الحكومة لانشغاله وقتئذ باستقبال الرئيس اللبناني ميشال عون الذي كان يزور البلاد.

النائب الوحيد الذي استطاع التحدث أثناء وجود رئيس الوزراء هو صداح الحباشنة الذي شن عبارات قاسية وقوية بحق سياسة حكومة الملقي في رفع الأسعار بطريقة جنونية، واصفا إياها بأنها حكومة "مصاصة دماء" أثرت على الطبقات الفقيرة والمتوسطة بشكل ملحوظ.

وكان المراقبون يتوقعون أن تكون الجلسة ساخنة وصاخبة لحفظ ماء وجه أعضاء مجلس النواب الذين بدورهم منحوا الثقة بأغلبية مريحة للحكومة، وباتوا في موقف حرج أمام الشارع الأردني بعد سلسلة واسعة من رفع الأسعار على خدمات وسلع أساسية وغيرها.

عقب الجلسة الفاشلة لمجلس النواب مع الحكومة، تجمّع بشكل عفوي المئات من أنصار النائب صداح الحباشنة في مدينة الكرك لمؤازرته في موقفه القوي أمام الحكومة، وسرعان ما عاد الحراك الشعبي القديم في مدن الطفيلة وذيبان والسلط لمناصرتهم ودعمهم ضد حكومي الملقي.

‪هاني العزب دعا إلى تشكيل حكومة جديدة ذات كفاءات لإدارة البلاد ومحاربة الفاسدين‬ ( الجزيرة نت)
‪هاني العزب دعا إلى تشكيل حكومة جديدة ذات كفاءات لإدارة البلاد ومحاربة الفاسدين‬ ( الجزيرة نت)

زخم واسع
مشهد يصفه الناشط في حراك السلط الشعبي هاني العزب بالقوي، وبأنه سيلقي زخما واسعا على الحراك السابق عام 2012، وذلك لشعور المواطن بالظلم وعدم العدالة ووجود الفاسدين في مواقع القرار، وهو ما يعني أن البلاد في طريقها إلى نهاية غير محمودة العواقب إن استمر نهج "الجباية" الحكومية بهذا الشكل.

ودعا العزب إلى استبدال الحكومة بحكومة إنقاذ وطني، ذات كفاءات لإدارة البلاد ومحاربة الفاسدين وتعميم الديمقراطية الحقيقية لا الشكلية، على حد قوله.

ويبدو أن قوة الاحتجاجات ستتعزز خلال الأسابيع القادمة، فالحركة الإسلامية ومؤيدوها من الحراكات الشبابية والشعبية وحتى العشائرية، أعلنت هي الأخرى عزمها النزول إلى الشارع خلال الفترة المقبلة عبر مسيرات كبيرة وسط العاصمة الأردنية عمّان، دعما للحراك ولإسقاط حكومة هاني الملقي، في انتظار معرفة دور الأجهزة الأمنية في التعامل مع مظاهر الاحتجاج المرشحة للتصاعد.

وكان النائب الحباشنة -الذي بات الآن صاحب الشعبية الأولى في مدينة الكرك- اتهم حكومة الملقي بالفساد، إلى جانب كونها حكومة ترحيل أزمات فشلت في معالجة القضايا الحقيقية التي يعاني منها المواطن الفقير.

في حين ترى رئيسة تحرير صحيفة الغد اليومية جمانة غنيمات أن حكومة هاني الملقي حصدت ولم تزرع، وهي تجني أخطاء حكومات سابقة فشلت في إدارة الشأن الاقتصادي، كما تراخت في معالجة المشكلات، وغضت الطرف عن ملفات الفساد الصغيرة قبل الكبيرة.

وتضيف غنيمات تعليقا على الاحتجاجات المتصاعدة في البلاد بعد الدعوة لإسقاط الملقي، "مثل رؤساء حكومات سابقين، تولى منصبه ليجد أمامه برنامجا متفقا عليه مع صندوق النقد الدولي، يقضي باتخاذ إجراءات صعبة اجتماعيا".

وشددت على أن الأهم الآن من تغيير الحكومات هو تغيير العقليات والنهج المستمر من دون محاسبة.

يشار إلى أن الأردن جدّد مؤخرا -ولمدة ثلاث سنوات- اتفاقه مع صندوق النقد الدولي، في إجراءات مالية تصحيحية للاقتصاد من شأنها سد عجز الموازنة المتصاعد عاما بعد آخر من جهة، وتقليل الدين العام الذي وصل إلى 37 مليار دولار، أي ما يعادل 80% من الناتج الإجمالي القومي للأردن.

المصدر : الجزيرة