مصر والنيل.. طول الإهمال يقلص الخيارات

حصة مصر من مياه النيل مهددة رغم تطمينات السيسي وبعد فشل المفاوضات.
حصة مصر من مياه النيل مهددة رغم تطمينات السيسي (الجزيرة)

عبد الله حامد-القاهرة

ينتاب المصريين قلق عقب إعلان الحكومة المصرية مؤخرا فشل المسار الفني التفاوضي مع الجانب الإثيوبي بشأن سد النهضة، مع عدم وضوح رؤية الحكومة بشأن الإجراءات الواجب اتخاذها منعا لتضرر حصة مصر المائية.
    
وتبدو البدائل محدودة أمام نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع فوات الوقت، ورأى رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بالأهرام هاني رسلان أنه "يتوجب على الحكومة الشروع فورا في حزمة من التحركات السياسية والقانونية والدبلوماسية، والتقدم بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن ضد كل من السودان وإثيوبيا".
 
وتابع في مداخلته على إحدى الفضائيات "إن فشل مفاوضات سد النهضة كان بسبب سلوك الدولتين الواضح من البداية والذي يشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين نظرا لأهمية قضايا المياه للمصريين".
‪المصريون مهددون بالعطش والحكومة تعدهم بمياه محلاة من البحر‬ (الجزيرة)
‪المصريون مهددون بالعطش والحكومة تعدهم بمياه محلاة من البحر‬ (الجزيرة)

إلهاء
وتزايدت المخاوف على حصة مصر من النيل رغم تطمينات السيسي منذ عامين حينما توجه بخطابه للمصريين قائلا "ثقوا فيّ، أنا لم أضيعكم من قبل ولن أضيعكم اليوم"، مؤكدا أن "الأمر يسير بشكل جيد مع الجانب الإثيوبي بعد الاتفاقية".
 
ويلف الغموض توجهات النظام بشأن التعامل مع الأزمة المتفاقمة، فرئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة اللواء كامل وزير صرح عقب إعلان فشل المفاوضات بأنه "سيتم إنشاء أكبر محطة تحلية مياه للبحر في العالم".

واعتبر الصحفي أشرف السويسي حديث اللواء وزير "إعلان إفلاس من النظام لأي بدائل بعد التيقن من خسارة حصة مصر من مياه نهر النهر".

وأشار إلى أن الحكومة "سعت لإلهاء المصريين عن الكارثة بخطة ضجيج مفتعل بتسريب تسجيل حفلة للمطربة شيرين في الإمارات تكلمت فيه عن تلوث النهر، لينصب الهجوم عليها بدلا من انتقاد الفشل الحكومي".

‪عزام أبو ليلة يقارن بين الوضع الحالي وأيام الاحتلال الإنجليزي‬ (الجزيرة)
‪عزام أبو ليلة يقارن بين الوضع الحالي وأيام الاحتلال الإنجليزي‬ (الجزيرة)

البدائل
ويرى رئيس حزب الجيل ناجي الشهابي أن البدائل التي يتوجب على الحكومة المصرية عملها "تتمثل في الانسحاب من المفاوضات الفنية الثلاثية، وتقديم شكوى لمجلس الأمن للمطالبة بتنفيذ الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة والشكوى للاتحاد الأفريقي للتدخل حلا للنزاع".

وأكد الشهابي "أهمية الإعلان الآن وبوضوح أن كل الخيارات مفتوحة للحفاظ على حقوق مصر غير مستبعد للتصعيد وصولا للمطالبة بتنفيذ الفصل السابع واستخدام القوة المسلحة الدولية لو أصرت إثيوبيا على التعنت".

وينادي الشهابي بضرورة "الضغط على الدول الممولة للسد لسحب تمويلها، وعلى رأسها السعودية والإماراتية"، مشددا على "أهمية الإعلان بوضوح عن مسؤولية إسرائيل في بناء السد واعتبار ذلك عملا عدائيا، واستخدام ورقة المعارضة الإثيوبية الرافضة لبناء السد، وكذلك التعاون مع إريتريا في هذا المجال أيضا".          
 
أما الباحث المختص في شؤون دول حوض النيل عزام أبو ليلة فيقول "لم يعد أمام النظام المصري إلا سبيل المواجهة".

وذكر أن "فكرة ضرب السد تحتاج دراسة متأنية بعد تجاوز بنائه نسبة 60%، مما قد يؤدي إلى غرق جزء كبير من السودان وربما تصل آثاره إلى مصر حال ضربه لكن تأثير ذلك لن يكون أشد من استمرار تنفيذه".
 
وأشار إلى أن "الكارثة لم تبدأ مع الإعلان عن فشل المسار الفني للتفاوض بل بدأت بالتوقيع على اتفاق المبادئ مع إثيوبيا في الخرطوم في مارس/آذار 2015 والذي بموجبه تنازل النظام عن حصة مصر التاريخية في مياه النيل، مما أتاح لإثيوبيا استقدام التمويل اللازم لبناء السد بعدما رفع الحرج عن دول العالم، خاصة أوروبا".

واختتم حديثه بأن "الاحتلال الإنجليزي لمصر كان أحرص على تأكيد حقها عبر اتفاقيات 1909 و1929، والتي كانت تعد مرجعيات لا يمكن تجاوزها في أي نزاع".
 

المصدر : الجزيرة