"خصوبة الصعايدة" تؤرق السيسي
عبد الله حامد-القاهرة
قفز عدد سكان مصر إلى 104 ملايين نسمة؛ مما استدعى مؤتمراً لإعلان التعداد حضره الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بنفسه، حيث حذر فيه من خطر الزيادة، خاصة الناتج عن زواج الفتيات الصغيرات.
وجاء في إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء خلال المؤتمر أن الصعايدة في صدارة الزيادة السكانية، وأن هناك ١١٨ ألف حالة زواج أقل من ١٨ سنة.
واستبقت وزيرة التضامن الاجتماعي غادة والي إعلان التعداد بالقول "إن نسبة الخصوبة في الصعيد مرتفعة، وتعد الأعلى في مصر، وسنحاول تعطيل ذلك من خلال بعض البرامج لخفض معدلات الإنجاب".
وملامح الخطة الرسمية الرامية "لخفض خصوبة الصعايدة" تتمحور حول "إتاحة المزيد من وسائل تنظيم الأسرة، وتشغيل السيدات في بعض المشروعات الصغيرة، فضلاً عن السعي لمواجهة ممارسات ثقافية ومعرفية بالصعيد تعد أقوى من القانون سيتم التعامل معها بنشر الوعي"، كما جاء في تصريحات وزيرة التضامن الاجتماعي.
رأي فقهي
وحول ردود الفعل الأولية عن تلك الخطة، يرى وكيل وزارة الأوقاف السابق سلامة عبد القوي في الدعوة لتحديد النسل وخفض خصوبة النساء "مصادمة لدعوة النبي عليه الصلاة والسلام بالزواج بالفتاة الولود، حيث جاء في الحديث الصحيح: تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ ، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ".
وقال عبد القوي للجزيرة نت "إن محاربة الزيادة السكانية اعتقاداً بأن الموارد لا تكفي الزيادة السكانية، وأن مصلحة البشر تقتضي الإقلال من زيادة نموهم؛ إنكار لربوبية الله للخلق وسعة رزقه، فالخالق سبحانه ضمن لجميع المخلوقات رزقها بنصوص القرآن الكريم، حيث قال تعالى: (ومَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا).
وأشار إلى أن تحديد سن الزواج "يظل محل خلاف بين الفقهاء، ولكن مناقشتها الآن تستهدف تحديد النسل تحقيقاً للمخطط الذي يسعى له النظام لصالح الأعداء؛ فالخصوبة تقلق إسرائيل، والاستثمار الأمثل للثروة البشرية يحولها إلى نعمة يجب شكر الله عليها".
بهجة البسطاء
ويبدو أن ردود الفعل الدينية على تلك الخطوة أقلقت الإعلاميين المقربين من النظام، وقال الإعلامي عمرو أديب في برنامجه التليفزيوني "إن الأزهر ليس مؤسسة منتخبة لكي تتدخل في شأن دنيوي للمجتمع".
لكن المختص النفسي والاجتماعي أحمد عبد الله يتوقع تجاهل المصريين -خاصة الصعايدة- "ما ستقرره الحكومة، لو صادم احتياجاتهم الأساسية، منبها إلى أن الإنجاب "بات بهجة البسطاء، بعد اختفاء العوامل الترفيهية التي تمنحهم السعادة".
ويشير إلى أن "الطاقة الإنجابية تبلغ أقصى حد لها في أوساط لن تتوقف عن الإنجاب، خاصة في جنوب مصر، حيث يمثل الأبناء -وتحديدا الذكور- قوة عمل ومتعة لمن لا يملكون باقي تكاليف الاستمتاع الباهظة بمصر".
ليلة الجمعة
أما عبد الحافظ محمود (مزارع من محافظة أسيوط، وهي إحدى محافظات الصعيد)- فيقول إن فلاحة الأرض بالصعيد لا تزال تستلزم أن يكون لدى الفلاح عدد من الأبناء الذكور لمعاونته في زراعة الأرض، حتى ولو حصلوا على قدر من التعليم، ولذلك لن يتجاوب أحد مع خطة خفض خصوبة المرأة الصعيدية".
ويسخر سعيد حسن (معلم) من قرارات الحكومة التي اعتبرها "كارثية ولا تصدر إلا ليلة الجمعة"، معتبراً أنها "من أساليب تحديد النسل عبر إصابة المتزوجين بالغم في ليلة يعتبرونها ميقاتاً مقدساً للعلاقة الزوجية، سواء للصعايدة أو لعموم المصريين".
لكن أحمد رجب (طالب من أسيوط) فينبه إلى انخفاض نسب الزواج بالصعيد نتيجة تأثر الصعايدة ضمن عموم المصريين بتدهور الحالة الاقتصادية.
كما يشير إلى ارتفاع تكاليف الزواج لنحو مئتي ألف جنيه (نحو 11 ألف دولار) للزيجة الواحدة، وهو ما أدى إلى "تأخر سن الزواج للفتيات والشباب معاً، وبالتالي انخفاض فرص الإنجاب".