المصالحة الفلسطينية.. من سياسة الرزمة لتجزئة الملفات

غزة، أكتوبر 2017، احتفالات شعبية ابتهاجاً بتوقيع اتفاق جديد للمصالحة بين حركتي فتح وحماس بالقاهرة.
احتفالات شعبية بغزة بتوقيع اتفاق المصالحة الجديد بين فتح وحماس بالقاهرة مؤخرا (الجزيرة)

محمد عمران-غزة 

اقتصرت التفاهمات التي وقعت في القاهرة مؤخرا بين حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) على ملف تمكين حكومة الوفاق من إدارة قطاع غزة، بينما أجل التفاهم بشأن ملفات المصالحة الأخرى بشكل يعكس استمرار الخلافات بين الحركتين حول قضايا وطنية إستراتيجية كالإطار القيادي لـ منظمة التحرير والانتخابات العامة والتوافق على برنامج سياسي.

ويجسد هذا التأجيل الأسلوب الجديد للراعي المصري للمصالحة بتجزئة الملفات وإنجازها خطوة خطوة، بدلا من اتباع أسلوب الاتفاق على كل الملفات وتنفيذها رزمة واحدة مما أثبتت الوقائع فشله طوال سنوات سابقة.

تجزئة الملفات
ورغم مخاطر الاعتماد على تنفيذ ملفات المصالحة بشكل جزئي ومرحلي، بما قد يسببه الفشل أو البطء بأولى الملفات في إفشال القضايا الأخرى، وبالتالي تأجيل المصالحة الفلسطينية لأجل غير مسمى، يجزم الكاتب السياسي هاني العقاد بنجاح تنفيذ ملف تمكين الحكومة بما يساهم في تدشين حلول، وتفكيك للملفات الأكثر أهمية وسخونة بالمصالحة.

 العقاد: سر نجاح المصالحة الفلسطينية بالقاهرة تجزئة الملفات
 العقاد: سر نجاح المصالحة الفلسطينية بالقاهرة تجزئة الملفات

ويعتبر العقاد -في حديث للجزيرة نت- أن سر النجاح هذه المرة يكمن في تجزئة قضايا المصالحة واعتماد مرحلة بعد أخرى، ويرى أن تمكين الحكومة يعني بالضرورة إمكانية تنظميها للانتخابات التي ستحدد نتائجها مسار الإطار القيادي لمنظمة التحرير، مشيرا إلى أن حركة حماس -التي كانت تشترط التنفيذ في رزمة واحدة- تتبني حاليا أسلوب التجزئة وفق تعبيره.

ويرى أن الوقائع السياسية الراهنة تؤكد صعوبة الفشل في تنفيذ ما اتفق عليه مؤخرا بالقاهرة في ظل ضغوط مصرية وقيادة حماس الجديدة وحاجة الرئيس الفلسطيني للمصالحة، والضغوط الشعبية الهائلة على طرفي الانقسام.

تفاهمات جديدة
وتشكل التفاهمات الجديدة خارطة طريق مجدولة زمنيا لاستلام الحكومة الفلسطينية ملفات الأمن والحدود والوزارات والمعابر، ويشمل ذلك دمج الموظفين الذين عينتهم حركة حماس بسلم رواتب السلطة الفلسطينية، ومسؤولية الحكومة عن معالجة الأزمات التي تعاني منها غزة بكافة الجوانب الحياتية.

ويقول المحلل السياسي حسن عبدو إن بروز الدور المصري بصورة واضحة في المتابعة والإشراف المباشر والميداني لكافة الملفات التنفيذية يؤشر لحجم الصعوبات التي قد تواجه التنفيذ على الأرض من جهة، ورغبة القاهرة في إنجاح هذه المرحلة من المصالحة من جهة أخرى لأنها تمس دور مصر والتزامها أمام المجتمع الدولي بإنهاء الملف.

ويوضح عبدو للجزيرة نت أن الحديث عن اتفاق الرزمة الواحدة كان حاضرا على الطاولة، لكن الراعي المصري أدرك صعوبة إنجاز اتفاق شامل لكافة القضايا، وفضل خروج الاتفاق بشكل جزئي يتعلق بأمور الناس الحياتية.

عبدو: الراعي المصري أدرك صعوبة إنجاز اتفاق شامل 
عبدو: الراعي المصري أدرك صعوبة إنجاز اتفاق شامل 

ويعتقد أن الحرص والمتابعة المصرية الدقيقة ناتجة عن تخوفات من انهيار الاتفاق عند التنفيذ كونه سيسير في حقل أشواك، مستبعدا تدخلا إسرائيليا لإفشاله مما يجعل توفير تكاليف الاتفاق المالية سواء من خلال داعمين عرب أو دوليين التحدي الأكبر في نجاح الاتفاق.

دائمة لا مرحلية
عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين مصطفى مسلماني من جهته، يرى أن استبعاد وجود عقبات ميدانية ترتبط بمصالح فتح وحماس عند تنفيذ تفاهمات تمكين الحكومة مسألة غير واقعية، ويدعو إلى مصالحة دائمة وليست مؤقتة أو مرحلية.

ويحذر القيادي الفلسطيني -في حديثه للجزيرة نت- من فشل اتفاقات المصالحة في حال استمرار اللقاءات الثنائية بعيدا عن المشاركة الجماعية، داعيا في الوقت نفسه الرئيس محمود عباس إلى إصدار قرارات سريعة لإنهاء العقوبات التي تمس حياة الناس بغزة.

ورغم دعوته لشمولية اتفاق المصالحة لكافة الملفات الوطنية، فإن منسق حراك أكتوبر لدعم المصالحة مثنى النجار، يعتقد بأن النجاح بالمرحلة الحالية في التخفيف من معاناة أهل غزة عبر تمكين الحكومة يشكل مدخلا مهما للمصالحة.

ويؤكد النجار للجزيرة نت أن الفشل والعودة للوراء بات من سيناريوهات الماضي التي لن تتكرر مهما كانت الظروف، مشيرا إلى أن الجماهير متحفزة للتحرك على الأرض لدعم التفاهمات الأخيرة، وتذليل العقبات أمام الحكومة، والتصدي لأي محاولات لإفشالها.

المصدر : الجزيرة