صحف الأردن تحتضر و400 موقع تنوب عنها

من اعتصام موظفي صحيفة الدستور
أزمة صحيفة الدستور ما زالت تتوالى فصولا (الجزيرة)

 الجزيرة نت-عمان

لم يجد الصحفي الأردني فهد الريماوي سوى عبارات الحزن والأسى ليودع قراء مطبوعته الأسبوعية "المجد"، معلنا توقفها عن الصدور مع بداية العام الجديد 2017، وذلك بسبب تعثرها المالي.

لم تكن "المجد" الصحيفة الأسبوعية الأولى في الأردن التي تغادر بصمت، فقد شهدت الأعوام السابقة إقفال صحف أسبوعية عدة لأسباب كثيرة، أهمها ضعف التمويل. السبب ذاته كان أدى في العام 2015 إلى غلق واحدة من أهم الصحف اليومية الأردنية وهي صحيفة "العرب اليوم".

برر ملاك الصحيفة إغلاقها آنذاك بـ"انسداد كل الحلول أمام استمرار صدورها وتجاوز الظروف المالية الصعبة"، ووصفوا وضع "العرب اليوم" بـ"المنكوبة ماليا"، وحملوا الحكومة جزءا من المسؤولية كونها رفضت التخفيف من الضرائب والرسوم المفروضة على الصحف.  

تقول مصادر صحفية أردنية إن نسب الاشتراكات والتوزيع الخاص بالصحف اليومية انخفضت خلال الأعوام الأخيرة إلى أكثر من 50%.

استمرت أزمة الصحافة الورقية في الأردن طيلة العام 2016، ومال الكثير منها إلى خيار الإقفال. ومع بداية 2017 استحكمت أزمة الصحافة الورقية على وقع تدهور خطير في أوضاعها المالية، التي غدت تهدد بإفلاسها، وهو ما يضع العاملين في تلك الصحف أمام أزمات حقيقية ومصائر معلقة ومجهولة.

وتعيش صحيفة "الدستور" التي تعد من أقدم الصحف الأردنية، أزمة مالية خانقة تتمثل في عجز مالي قدره نحو خمسة ملايين دولار، وذلك على وقع هيمنة حكومية تمارس عليها من خلال مؤسسة الضمان الاجتماعي التي تسيطر على نحو 30% من أسهم الصحيفة.

وقد عجزت الصحيفة خلال العامين الماضيين عن دفع المستحقات المالية لعمالها، ولجأت خلال 2016 إلى تخفيض عدد موظفيها من 420 إلى 200 موظف.

وتقول مصادر في الصحيفة للجزيرة نت إن "الدستور اليوم أمام أزمة مالية حقيقية، فالمديونية متواصلة والرواتب متعثرة، والمبنى الذي كان ملكا للصحيفة غدا اليوم مستأجرا بسبب الخسائر المالية الفادحة، وكثير من الموظفين لا سيما الصحفيين قرروا المغادرة بصمت بحثا عن مصدر رزق أكثر أمانا".

ولا يختلف الحال كثيرا في صحيفة الرأي التي تملك مؤسسة الضمان نحو 55% من أسهمها. ووفق مصادر من داخل الصحيفة، تعاني الرأي عجزا يبلغ قرابة 14 مليون دولار.

أزمة مفتوحة
وبحسب المصادر ذاتها، فإن قيمة الرواتب الشهرية التي تدفعها الرأي لـ600 موظف تتجاوز 600 ألف دولار، وهو ما يجعلها في مواجهة أزمة مالية مفتوحة.

وفي المقابل، لا توجد معلومات متاحة عن الوضع المالي لصحيفة "الغد" المملوكة لأحد أبرز رجال الأعمال الأردنيين، لكن مصادر صحفية تؤكد للجزيرة نت أن الصحيفة المذكورة استطاعت التغلب على عقبات مالية من خلال كادر معقول من الموظفين لا يتجاوز 260.

ويبدو أن الأزمة المالية التي تعاني منها صحيفة "السبيل" المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين اضطرتها أخيرا إلى الاحتجاب عن الصدور كل جمعة، وهو يوم عطلة رسمي في الأردن.

وتقول مصادر صحفية أردنية إن نسب الاشتراكات والتوزيع الخاص بالصحف اليومية انخفضت خلال الأعوام الأخيرة إلى أكثر من 50%.

وفي مقابل الإخفاق الذي يعيشه سوق الصحافة الورقية، نجحت الصحافة الإلكترونية في الأردن في اقتناص القراء والمعلنين. كما استطاعت الصحافة الالكترونية خلال السنوات الأخيرة الازدهار والرواج بشكل غير مسبوق.

ركان السعايدة: تطوير الصحف لن يلغي مديونيتها(الجزيرة)
ركان السعايدة: تطوير الصحف لن يلغي مديونيتها(الجزيرة)

ويوجد في الأردن نحو 400 موقع إلكتروني إخباري، يقوم على الكثير منها مواطنون عاديون وهواة.

ويقول الكاتب والصحفي في صحيفة الرأي راكان السعايدة للجزيرة نت إن المواقع الإلكترونية أصبحت المصدر الأول للأخبار لدى الأردنيين، كما أن الكثير من المعلنين وجدوا طريقا مفضلا إلى تلك المواقع التي تقدم خدمات الترويج والدعاية بأسعار مغرية.

امتياز النت
ويضيف أن "عالم النت والميديا أصبح يوفر للمواطن سرعة الحصول على المعلومة، فلم يعد يحتاج الانتظار يوما كاملا إلى حين صدور الصحيفة الورقية".

ويوضح السعايدة أن الصحف الورقية "ظلت تعمل وفق الطرق الكلاسيكية القديمة، فلم تطور أو تعدل من أدواتها المهنية، كما لم تستغل في المواقع الإلكترونية، حتى إنها لم تقدم زوايا أخرى لتناول الخبر الذي سبقت إليه المواقع مثل التحليل والاستقصاء والبحث فيما وراء الخبر".

وخلص إلى القول إن "الأزمة المالية للصحافة الورقية ستستمر حتى لو فكرت إدارات الصحف في تطوير نفسها، فأي تطوير سيعني مزيدا من الكلف والقروض والمديونية".

المصدر : الجزيرة