اللاجئون ذوو الاحتياجات الخاصة.. معاناة مضاعفة

رجل مقعد في مخيم إيذوميني بدايات السنة الماضية
رجل مقعد في أحد مخيمات اللجوء في اليونان (الجزيرة)

شادي الأيوبي-أثينا

في رحلتهم نحو أوروبا، يعاني اللاجئون الأمرين من مخاطر الطريق واستغلال المهربين والظروف الرديئة التي ترافقهم. ويواجه ذوو الاحتياجات الخاصة منهم معاناة إضافية صامتة.

فطبيعة الطريق تعرّض هؤلاء إلى معاناة لا يتحملونها بسبب إعاقتهم. كما أنهم يعتمدون بشكل كلي أو جزئي على ذويهم في جميع أمورهم، حيث يحتاجون إلى رعاية مستمرة وعلاج وأدوية باهظة التكاليف.

وتتسبب الأخطار والمصاعب التي تجعل اللاجئين يفكرون في نجاتهم من الموت فقط، في إهمال حاجات ضرورية لذوي الاحتياجات الخاصة مثل الأدوية والعلاج، مما يؤدي إلى تراجع حالتهم الصحية وزيادة معاناتهم.

كما أن وصول أصحاب الاحتياجات الخاصة إلى مخيمات اللجوء في اليونان لا يعني نهاية المعاناة. فالعلاج والأدوية اللازمة لهم لا تتوفر بالضرورة، كما أنها ليست مجانيةً دائما. هذا الواقع يجعل من ذويهم يعملون جاهدين للوصول إلى ألمانيا وشمال أوروبا طمعا في الحصول على العلاج المناسب لهم.

ظروف صعبة يعيشها اللاجئون في مخيم
ظروف صعبة يعيشها اللاجئون في مخيم "سخيستو" قرب أثينا (الجزيرة-أرشيف)
إعاقة
ويشرح اللاجئ السوري جميل الحسام قصته مع طفله عادل (عشر سنوات) المعاق جسدياً وعقلياً. فقد خرج من مدينته تل أبيض شمالي سوريا باتجاه تركيا، وبقي الكرسي المتحرك في الجانب السوري، مما اضطره إلى حمل الطفل بشكل دائم، حتى سلمته جمعية تركية كرسيا آخر.

وبقيت الأسرة عاماً في مخيم أورفا التركي، تراجعت خلاله صحة عادل لعدم توفر الدواء، مما اضطره للسفر إلى إزمير حيث كان الوضع أفضل قليلا.

وعند الحدود، يقول الأب للجزيرة نت، ساءت حالة الطفل بسبب البرد وسوء تجهيز الخيام، كما لم يكن لديه دائما كرسي متحرك، وفي هذه الفترات الصعبة يصبح التفكير في تأمين الدواء للطفل المعاق قريباً من الرفاهيات.

ويقول جميل "قمنا بأكثر من محاولة للوصول إلى اليونان، ثم عبرنا في رحلة دامت أربع ساعات، كنت خلالها مضطراً لحمله ومراقبته بشكل دائم ولا أستطيع تركه لحظة واحدة، فيما هو غير واعٍ لما يجري حوله".

وقال لمّا وصلت سفينة الإنقاذ لسحب القارب المطاطي حصل هرج ومرج، وفقدنا الطفل لدقائق ثم اكتشفنا أنه كان يسعى لرمي نفسه في الفراغ بين القارب وسفينة الإنقاذ.

وعن حياة الأسرة اليومية مع طفلها، قال إنه يحتاج مراقبة دائمة لأنه يأكل كل شيءٍ يقع في يده، ويحاول النزول والزحف، كما أنه يضرب إخوته ويعضّهم بشكل مؤلم. وقال إن إخوانه يحبونه بشكل كبير، وهم متأقلمون مع وضعه، لكنّ إخوانه دون خمس سنوات ينزعجون لأنهم لم يستوعبوا بعد الموضوع.

وقال إنه خلال تنقلات الطفل كانت والدته تبقيه مع إخوانه، في حين كانت أخته الطفلة تضطر إلى أن تغيّر له ملابسه بعيداً عن الناس، كي لا نزعجهم ونتسبب في إحراجهم.

وذكر أن لديه قوة كبيرة في أسنانه يكسر بها الزجاج ويؤذي بها نفسه، كما أن عملية الابتلاع لديه غير إرادية، لذلك يحتاج إلى طعام سائل كي لا يختنق به، ويحتاج إلى حفاضات خاصة لا يمكن تأمينها دائما.

وعن الدواء قال إن ابنه كان يتناول جرعتي "دوباكين" يوميا، وهو دواء مكلف وغير متوفر دائماً، وقد اضطر للاستدانة أكثر من مرة لتأمينه، واليوم يحتاج إلى حقنة شرجية لا تغطيها أي جهة.

اللاجئة السورية شيرين لها ولدان من ذوي الاحتياجات الخاصة. طفل في العاشرة لديه العديد من الإعاقات الجسدية والعقلية، حيث لا ينمو عقله، كما أنه يأكل بشكل لا إرادي دون توقف، ويتصرف تصرفات لا إرادية، وطفلة لديها إعاقة في الجهاز البولي وتتلقى العلاج لتخفيف الحالة.

وتقول شيرين للجزيرة نت إنه ربما زاد السجن والعبور بالبحر مشكلات الطفلين. وتوضح أن ابنها حاول خنق أخته ورمي الأخرى من الشرفة، وهو يحتاج تنمية فكرية من أخصائيين ومتابعة دائمة.

المصدر : الجزيرة