توأم ملتصق بمصر يعيش مأساة وينتظر الرحمة

تعاني إحدى الطفلتين من عيوب خلقية والأخرى من مياه على قشرة المخ-تصوير المراسل-6مايو
منة ومي ولدتا ملتصقتين من الرأس وإحداهما مصابة بعيوب خلقية في القلب (الجزيرة)
دعاء عبد اللطيف-القاهرة

لم تفهم فاطمة ذات الـ23 عاما من الكلام الكثير الذي قالته الطبيبة يوم وضعت مولوديها التوأم الملتصقين من الرأس سوى "سنشقهم من الرأس ويعيشوا عاديين"، اعتبرت الأم التي لم تكد تفق من آلام الوضع تلك الجملة قاسية، لكن ما واجهته بعد ذلك كان أشد قسوة.

بدأت رحلة معاناة فاطمة مع زوجها إسلام (صقر 27 عاما) بالمستشفيات الحكومية لمحاولة فصل توأمهما "مي ومنة" أوائل يونيو/حزيران الماضي -في اليوم الثاني لولادتهما- إذ تركا قريتهما الصغيرة دمشلي بمركز كوم حمادة في محافظة البحيرة شمال شرق القاهرة، ليتجها إلى مستشفى "أبو الريش"، وهو أكبر مستشفى حكومي للأطفال بمصر.

وبعد حجز الرضيعتين لمدة أربعين يوما داخل المستشفى، أبلغ الطبيب المعالج الوالدين بموعد عملية لإجراء فصل الرأسين اللذين يربطهما وريد واحد فقط، لكن وبعد تسعين يوما فوجئ الوالدان بأن الطبيب أجّل العملية لعام كامل دون سبب، بحسب ما ذكرته الأم للجزيرة نت.

وأضافت الأم أن إدارة المستشفى أصرت على طرد الرضيعتين، وأمام رفض الأبوين هددت بتحرير محضر في قسم الشرطة ضدهما، مما دعاهما لتقديم شكوى لدى وزارة الصحة التي لم تحرك ساكنا حتى الآن رغم الحالة الحرجة لإحدى الرضيعتين.

تتابع فاطمة "اضطررنا لأخذهما من المستشفى، وواحدة منهما في حالة صحية سيئة جدا.. إذ كانت تتقيأ دما بسبب عيوب خلقية في القلب والرئة اليسرى، فضلا عن أن الأخرى تعاني من مياه على قشرة المخ".

‪صورة من تقرير طبي يبين حالة الرأسين الملتصقين‬ (الجزيرة)
‪صورة من تقرير طبي يبين حالة الرأسين الملتصقين‬ (الجزيرة)

سلسلة معاناة
ومن مستشفى أبو الريش إلى مستشفى آخر حكومي في مدينة بنها بمحافظة القليوبية شمال القاهرة، بدأت رحلة أخرى من معاناة الأسرة، إذ انتظرت الرضيعتان في صف طويل يصل إلى امتداد الشارع المقابل للمستشفى. تقول الأم عن هذه اللحظات "كنا نحمل ابنتينا في صف بالشارع وإحداهما تتقيأ دما، ولم تشفع توسلاتي للممرضة كي تعجل دخلونا إلى الطبيب".

وبعد ساعات طويلة من الانتظار، لم يزد طبيب مستشفى بنها عن التوصية ببعض الأدوية، رافضا إجراء عملية فصل التوأم بسبب تكلفتها الباهظة.

وبعد أن انتشرت صور التوأم على مواقع التواصل الاجتماعي، تكفل صاحب أحد المستشفيات الخاصة برعاية الطفلتين، لكن الأم تؤكد "الوضع كما هو عليه ولا أمل إلا في تلبية المسؤولين رجاءنا في سفرهما على نفقة الدولة لإجراء عملية الفصل خارج مصر".

وربما لخص الأب الذي يعمل بالزراعة بأجر لا يتعدى 50 جنيها يوميا (نحو خمسة دولارات أميركية) المأساة في جملة مقتضبة للجزيرة نت بعدما ترك لزوجته حكي المعاناة قائلا "أخاف أن تموت ذات العيوب الخلقية فنضطر لدفن الأخرى حية".

تعيش أسرة التوأم مي ومنة مأساة إنسانية مكتملة الأركان، وتنتظر استجابة من المسؤولين في الدولة قبل فوات الأوان، أو ربما استجابة من فاعل خير يساعد الأسرة في الخروج من هذه المعاناة.

المصدر : الجزيرة