مجازر حلب حجر عثرة أمام مباحثات جنيف

حلب تحت أعنف قصف للنظام وحليفه
من آثار الدمار الذي خلفته الغارات السورية الروسية بأحد أحياء حلب (الجزيرة)

محمد عيسى-الجزيرة نت

منذ نحو أسبوعين لم يتوقف نزف الدم في حلب، طائرات روسية وأخرى تابعة للنظام الحاكم تشن غارات مكثفة على الأحياء السكنية الخارجة عن سيطرة قوات النظام، وهو ما أسفر عن مئات القتلى وآلاف الجرحى، معظمهم أطفال ونساء.

ووفق الدفاع المدني، فإن الهجمات لم تستهدف منذ بدايتها أي مواقع ذات طبيعة عسكرية، وإنما اقتصرت على المواقع المدنية فقط، بما في ذلك المرافق الخدمية، مثل المستشفيات ومراكز الدفاع المدني، ومن ذلك استهدافها لمشفى القدس، وهو ما أدى لقتل نحو خمسين مدنيا بينهم أطباء ومسعفون ومرضى.

كثيرون ربطوا بين هذه الحملة الشرسة ضد المدنيين في حلب وإعلان الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة تعليق المفاوضات مع النظام في جنيف.

وهذا ما ذهب إليه مستشار البعثة التفاوضية للمعارضة نصر الحريري، فيقول إن ما يجري الآن في حلب، من مجازر وحشية يندى لها الجبين، يثبت سلامة موقف المعارضة بعدم العودة إلى المفاوضات، ويعزز عدم ثقتها بالعملية السياسية ككل.

ويضيف الحريري أن المعارضة لخصت دواعي تعليقها للعملية التفاوضية بعدة نقاط، أهمها استمرار استهداف المدنيين من قبل النظام وداعميه، وارتكابهم العديد من المجازر بمختلف المناطق السورية، وكذلك تدهور الأوضاع الإنسانية بسبب ممارسات قوات النظام، وحصارها لمناطقهم، وتعطيلها لقوافل المساعدات الإغاثية والطبية، بالإضافة لعدم الإفراج عن عشرات الآلاف من المعتقلين بالسجون ومراكز الاعتقال التابعة له، وكل هذا أدى إلى انسداد الأفق السياسي.

جدية المعارضة
ولم يكن النظام جادا بمناقشة أي من البنود المطروحة للنقاش -وفق الحريري- ورفض مجرد الحديث عن الانتقال السياسي، على عكس المعارضة التي أثبتت جديتها ورغبتها في الوصول لحل سياسي منذ اليوم الأول من المفاوضات، حيث قدم وفدها أوراقا ووثائق توضح رؤيتها المتكاملة للحل، وذلك رغم تجربتها السيئة مع المجتمع الدولي، الذي فشل مراراً في الضغط على النظام لوقف ممارساته.

ويؤكد الحريري أنه لا مكان الآن للحديث عن العودة إلى العملية التفاوضية، في ظل استمرار المجازر وجرائم الحرب التي ترتكبها الطائرات الروسية والتابعة للنظام ضد المدنيين في حلب وغيرها من المناطق، وهذا -برأي مستشار البعثة التفاوضية للمعارضة- يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته مباشرة، من أجل العمل الفوري على وضع حد لجرائم النظام وداعميه، أما إذا لم يقم المجتمع الدولي بذلك، فإن مجرد الحديث عن إمكانية الوصول لحل سياسي ينهي معاناة السوريين ضرب من الخداع أو الوهم.

ويجزم بأن المعارضة ما زالت مستعدة للعودة إلى المفاوضات في حال توقف النظام وداعميه بشكل فوري عن الأعمال العدائية، والجرائم والمجازر بحق المدنيين، أما "إذا استغل النظام حملته الهمجية الحالية لتحقيق مكاسب عسكرية على الأرض، أو تغيير الواقع الديمغرافي من خلال تهجير أهالي حلب أو محاصرتهم، فلا مجال حينها للكلام عن وقف الأعمال العدائية كشرط للعودة للمفاوضات، بل سيكون الوقت قد فات للوصول إلى حل سياسي في سوريا".

أما أحمد، وهو شاب من سكان حلب، فيقول إن المدنيين هم دائما من يدفعون الثمن، مضيفا أن المجتمع الدولي ليس متخاذلا أو متواطئا فقط، بل هو شريك في المجازر التي يرتكبها النظام.

وأضاف أنه لا أحد بالمجتمع الدولي أبدى موقفا حازما من جرائم القتل المتعمد بحق مئات الأطفال والنساء بحلب، بل إن البعض استبق الهجمات الحالية ضد المدنيين بالتلميح لوجود إرهابيين بالمدينة، وهو ما يؤكد -برأي أحمد- شراكتهم مع النظام في سفك دماء السوريين.

المصدر : الجزيرة