الاتفاقية الأوروبية التركية تثير جدلا بألمانيا

A migrant holds banner during a protest demanding the opening of the border between Greece and Macedonia in the makeshift refugee camp at the northern Greek border point of Idomeni, Greece, Saturday, March 26, 2016. Greece's border with Macedonia has been shut to refugees since earlier in March after a string of countries shut down the route which migrants used to go from Greece toward central and northern Europe. (AP Photo/Darko Vojinovic)
لاجئ يرفع لافتة احتجاج تطالب بفتح الحدود بين اليونان ومقدونيا (أسوشيتد برس)

خالد شمت-برلين

فتحت إعادة اليونان الاثنين الماضي مئتي طالب لجوء إلى تركيا التي قدموا منها -تطبيقا للاتفاقية الأوروبية التركية- باب الجدل القانوني على مصرعيه بين معارض ومؤيد.
 
ويرجو المؤيدون أن تسهم الاتفاقية في تخفيف الأعباء عن الدول الأوروبية في مواجهة أزمة اللجوء، وأن تفيد اللاجئين أيضا، في حين يعتبر المعارضون أن الاتفاقية صفقة يتخوفون من أن تؤدي إلى تخلي أوروبا عن اللاجئين وتنازلها عن حق اللجوء الفردي.

وتكفل الاتفاقية للاجئين الذين وصلوا إلى اليونان التقدم هناك بطلبات لجوء يتم فحصها بسرعة، وتتيح الفرصة لمن ترفض طلباتهم الاعتراض أمام المحاكم اليونانية، وحال تأكيد هذه المحاكم عدم وجود تهديد أو ملاحقة لأصحاب طلبات اللجوء، ترفض طلباتهم ويرحّلون.

ووفقا للاتفاقية التي يطلق عليها "واحد مقابل واحد"، ترحّل أثينا كل اللاجئين الذين رفضت طلبات لجوئهم إلى تركيا، ويستقبل الاتحاد الأوروبي لاجئا سوريا يوجد في تركيا مقابل كل لاجئ تستعيده الأخيرة من اليونان، بحد أقصى يناهز 72 ألف لاجئ سوري، تستقبل ألمانيا منهم 16 ألفا.

أوساط متعددة
وتعدت الانتقادات الموجهة لتطبيق الاتفاقية الأوروبية التركية، المنظمات الحقوقية إلى الأوساط السياسية والكنسية في ألمانيا، وتعد الأخيرة عرّابة الاتفاقية.

‪مهاجر يصل إلى تركيا بعدما أرجعته اليونان بموجب الاتفاقية التركية الأوروبية‬ (أسوشيتد برس)
‪مهاجر يصل إلى تركيا بعدما أرجعته اليونان بموجب الاتفاقية التركية الأوروبية‬ (أسوشيتد برس)

ودعت كلوديا روث نائبة رئيس البرلمان الألماني (البوندستاغ) إلى إيقاف ترحيل اللاجئين من اليونان إلى تركيا.

واعتبرت روث -وهي قيادية في حزب الخضر المعارض- في تصريحات لصحيفة باساور نويه برسه، أن الاتفاق التركي الأوروبي "دُفِعَ له ثمن باهظ وستكون له تداعيات مأساوية".

أما رئيس الكنيسة البروتستانتية هاينريش بيدفورد شتروم، فانتقد نقص المعايير الإنسانية في الاتفاقية، وقال -في تصريحات لصحيفة راينشه بوست- "ينبغي ألا يؤدي تطبيق الاتفاقية لعزل أوروبا أو تحويل مسؤوليتها تجاه اللاجئين إلى الآخرين".

واعتبرت منظمات أوروبية لحقوق الإنسان ومساعدة اللاجئين، أن الاتفاقية التركية الأوروبية تنتهك القوانين الدولية والأوروبية لحقوق الإنسان. وحصرت هذه المنظمات انتقاداتها في ثلاثة جوانب، منها: عدم اعتبار تركيا دولة ثالثة آمنة للاجئين، بعد الدولة الأولى وهي البلد الأصلي، والثانية وهي اليونان.

عجز قضائي
ومن الانتقادات أيضا عجز اليونان قضائيا عن توفير فحص عادل لكل طلب لجوء يقدم لها، وحصر استقبال أوروبا للاجئين على السوريين الموجودين في تركيا، وقصر عدد هؤلاء على 72 ألفا.

واستند معارضو الاتفاقية في رفضهم اعتبار تركيا بلد ثالثا آمنا للاجئين، على ادعاء منظمتي العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش أن تركيا رحّلت لاجئين سوريين إلى بلدهم، وهو ما نفته أنقرة، وقالت المفوضية الأوروبية إن هذا الأمر يتعلق بحالات فردية لسوريين أكراد.

ونفى وزير دائرة المستشارية الألمانية بيتر ألتماير وجود أدلة لدى حكومته على إعادة تركيا لاجئين سوريين إلى بلدهم، وقال -في مقابلة مع صحيفة "تاتس"- إن تركيا دولة ثالثة آمنة للاجئين، ودلل على ذلك باستضافتها ثلاثة ملايين لاجئ سوري وعراقي.

وأكد المسؤول الألماني ضرورة أخذ أوروبا حصة ثانية من اللاجئين من تركيا، بخلاف الحصة الأولى المتفق عليها.

ترحيل قسري
ووصفت منظمة برو أزيل -وهي أكبر منظمة لمساعدة اللاجئين في أوروبا- إعادة اليونان اللاجئين إلى تركيا بالترحيل القسري إلى دولة ثالثة غير آمنة، وأضافت أن ذلك يخالف قوانين اللجوء الدولية والأوروبية.

‪بوركهاردت: الاتفاقية التركية الأوروبية أغلقت طريق‬ (الجزيرة)
‪بوركهاردت: الاتفاقية التركية الأوروبية أغلقت طريق‬ (الجزيرة)

وتوقع الأمين العام للمنظمة الحقوقية غونتر بوركهاردت أن يعقب إعادة اللاجئين موجات ترحيل أخرى إلى بلدانهم الأصلية، خاصة الأفغان الباحثين عن حماية.

ورأى بوركهاردت -في تصريح للجزيرة نت– أن الاتفاقية تسببت في إغلاق طريق البلقان أمام اللاجئين، وهو ما أعطى دعما كبيرا لمهربي البشر، وسيؤدي إلى توجه أعداد كبيرة من طالبي الحماية في طرق طويلة خطرة وسقوط ضحايا منهم.

ويقول كبير الباحثين في المعهد الألماني لحقوق الإنسان هايندريك كريمر، إن تركيا لعبت دورا رئيسيا في مواجهة أوضاع اللاجئين الحالية عن طريق استضافتها العدد الأكبر عالميا منهم، خاصة من السوريين.

واعتبر كريمر -في تصريح للجزيرة نت- أن قصر الاتفاقية على تركيا يجعلها غير صالحة، لوجود بلدان أخرى تتحمل أعباء كبيرة وكان يتوجب تقديم دعم مماثل لها مثل الأردن ولبنان.

المصدر : الجزيرة