تركيا.. الحلم المعاكس للاجئين السوريين

Syrian refugees wait on a roadside near a beach in the western Turkish coastal town of Dikili, Turkey, after Turkish Gendarmes prevented them from sailing off for the Greek island of Lesbos by dinghies, March 5, 2016. REUTERS/Umit Bektas
لاجئون سوريون منعهم الدرك التركي من الإبحار نحو اليونان من شاطئ مدينة ديكيلي غربي تركيا (رويترز)

ياسر الأطرش-تركيا

بعدما كان أقصى أحلامهم ترك شواطئها وراءهم، لا تبدو تركيا -في حاضر اللاجئين السوريين- محطة من الماضي يمكن استرجاعها بمجرد قرار أو خيبة في "جنّة" أوروبا.

فقرار وجوب حصول السوريين على تأشيرة دخول إلى تركيا جعل مغادرتها طريقا باتجاه واحد. وبين قرارات تشديد لمّ الشمل في دول اللجوء، وصدّ تركيا الراغبين في العودة، يعيش كثير من السوريين اغترابا وشتاتا جديدا يشمل أفراد الأسرة الواحدة.

وبسبب سياسة الباب المفتوح التي انتهجتها منذ بداية الثورة السورية، ومع إغلاق الدول القريبة والبعيدة أبوابها، تحولت تركيا إلى أكثر من منفى اضطراريّ أو دولة لجوء للسوريين، فكانت نقطة تجمّع لشتات الأسر التي تفرقت في مهب المنافي، وملاذا للاقتصاديين الذين نقلوا أعمالهم إليها، من دون أن يخسروا إقاماتهم وأعمالهم في دول الخليج خاصة.

إلا أن ذلك توقف جزئيا بعد إغلاق المعابر البرية على طول الحدود التركية السورية في مارس/آذار 2015، ليزداد الأمر تعقيداً مع فرض تأشيرة دخول على السوريين القادمين من سوريا ودول العالم، الذي دخل حيز التطبيق في الثامن من يناير/كانون الثاني الماضي، فصار لزاما على المهاجرين وأصحاب الأعمال والفارين من الحرب الحصول على تأشيرة يصعب تأمين أوراقها ومستلزماتها.

والأصعب هو الحصول على التأشيرة حتى بعد تأمين تلك المستندات، حيث وصلت حالات الرفض في بعض الدول من قبل السفارات والقنصليات التركية إلى 90%، كما يقول المحامي ماهر الخطيب الناشط الحقوقي في الشأن السوري.

الخطيب تحدث عن رفض نسبة كبيرة من طلبات السوريين لنيل تأشيرات دخول لتركيا
الخطيب تحدث عن رفض نسبة كبيرة من طلبات السوريين لنيل تأشيرات دخول لتركيا

شرخ اجتماعي
وعن هذا الرفض يقول الخطيب للجزيرة نت بعض السوريين يريدون العودة من أوروبا بشكل نهائي، وهم حائرون بين تسلم الجواز ورفض اللجوء من جهة، والتقدم بطلب تأشيرة دخول لتركيا ورفضها من جهة أخرى، كما أن الشرخ الاجتماعي اتسع بوجود العائلة الواحدة في دولتين.

وكان ياسين اللاجئ في أوروبا من المحظوظين بنيل التأشيرة بعد محاولتين وتأمين دعوة من مواطن تركي، فاجتمع مؤخرا مع ابنه الذي أصيب بالسرطان.

ولا تقف المعاناة عند الضرر الاجتماعي، بل تتجاوزه إلى قضايا اقتصادية، أولها خسارة المتقدم الذي يُواجه طلبه بالرفض ثمن تذكرة الطيران التي يُعدّ حجزها وتأكيدها من الأوراق الأساسية التي يجب تقديمها لنيل التأشيرة.

يقول حسين معلول المقيم في مالطا إنه خسر مبلغ 1500 يورو قيمة بطاقات طيران له ولأسرته بعد رفض منحهم تأشيرات، كما يعاني البعض من صعوبة فض شركاتهم وتصفية أعمالهم التي تركوها في تركيا على أمل العودة بعد الحصول على الإقامة الأوروبية.

وفي الجانب القانوني، يشير المحامي ماهر الخطيب إلى أن اللاجئ لا يستطيع التقدم للسفارات السورية للقيام ببعض الإجراءات القانونية كالوكالات القضائية مثلا، وكانت هذه المشكلات تُحلّ في القنصلية السورية بإسطنبول.

‪آل رشي دعا لاستثناء السوريين‬ آل رشي دعا لاستثناء السوريينمن تأشيرات الدخول لتركيا (الجزيرة نت)
‪آل رشي دعا لاستثناء السوريين‬ آل رشي دعا لاستثناء السوريينمن تأشيرات الدخول لتركيا (الجزيرة نت)

اتفاق أوروبي تركي
وكان فرض تأشيرة على السوريين الراغبين في القدوم لتركيا أحد بنود الاتفاق الأوروبي التركي للحدّ من الهجرة غير النظامية.

ويقول مدير العلاقات العامة في المركز التعليمي لحقوق الإنسان علاء الدين آل رشي "إن من حق تركيا أن تحمي مصالحها، وقرارات تركيا تخدم توجهاتها العامة، لكن للسوريين حق الاستثناء، وكلما تعقدت الأمور تضررت المصالح"، موضحا أنه حصل على التأشيرة وفق الإجراءات السارية.

ولا يبدو أن الأمر مؤقت كما كان يظن أو يتمنى معظم السوريين المتضررين، فالاتفاق التركي الأوروبي يتجه بسرعة نحو التطبيق.

وأمام هذا الجدار الصلد لم تجدِ النداءات التي أطلقتها شخصيات ومنظمات مجتمع مدني -على غرار منظمة "آفاز"- استجابة- وبقي السوريون واقفين على أبواب السفارات في طابور الانتظار والرجاء.

المصدر : الجزيرة