عيد الأم بعيون أبناء شهيدة فلسطينية

شيّع مئات الفلسطينين، جثمان السيدة مهدية حماد (38 عامًا)، اليوم السبت، والتي قتلت برصاص الجيش الإسرائيلي، أمس الجمعة، بدعوى محاولتها دهس جنود إسرائيليين، في بلدة سلواد، شرق مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، بحسب مراسل الأناضول
جنازة الشهيدة مهدية حماد التي سقطت بنيران الاحتلال في ديسمبر/كانون الأول الماضي (الأناضول)

ميرفت صادق-رام الله

لم يكن عيد الأم مناسبة مهمة في بيت مهدية حماد وعند عائلتها، لكن هذا العام صار مناسبة للصمت والألم بعد أن قتل الاحتلال الإسرائيلي الأم وخلف في العيد وجعا لم يكن من السهل على الأطفال كتمانه.

قبل يوم واحد من عيد الأم كانت الابنة أحلام حماد تصحو كما في الأشهر الثلاثة الأخيرة لتقوم بمهمات والدتها الشهيدة، الاعتناء بشقيقها الصغير يحيى ثم تأمينه لدى الأقارب والذهاب إلى المدرسة والعودة للقيام بمهام المنزل وإطعام أشقائها والاعتناء بوالدها.
 
البنت التي كبرت فجأة لتصير بديلا عن أمها كانت الأكثر صمتا بين أشقائها ووالدهم، وتحدثت بكلمات مقتضبة فقط عن افتقادها وعن عيد ميلادها الـ15 الذي سيأتي بعد يومين بدون والدتها.
 
ومهدية حماد (أربعون عاما) الأم لأربعة أبناء أكبرهم زكريا (19 عاما) وأصغرهم يحيى (عام واحد) استشهدت بالرصاص الإسرائيلي في الـ25 من ديسمبر/كانون الأول الماضي ببلدة سلواد شرق رام الله بعدما اشتبه جنود الاحتلال فيها بمحاولة دعسهم عند نقطة عسكرية غربي البلدة.

احتفلن بصمت
وكتبت أحلام ابنة الشهيدة على صفحتها في فيسبوك لصديقاتها اللواتي قدمن التهاني لأمهاتهن أمس "احتفلن بعيد الأم بصمت فهناك من فقد أمه".
 
وقالت إن عيد الأم لم يكن يعني لها ولأشقائها شيئا كثيرا، وأضافت "كنا نحب أمي طوال السنة.. لكن بعد استشهادها عرفت أنه كان مناسبة مهمة لندرك أهمية وجودها".

أحلام وملك وشقيقهما يحيى أبناء الشهيدة مهدية حماد (الجزيرة نت)
أحلام وملك وشقيقهما يحيى أبناء الشهيدة مهدية حماد (الجزيرة نت)

وأهدت أحلام والدتها العام الماضي وردا، وقالت إنها كانت تحب الورد كثيرا حتى أنها انشغلت في الأسبوع الأخير قبل استشهادها بإعادة زراعة محيط البيت كله بالأزهار الجديدة.
 
أما شقيقتها ملك ابنة الـ11 التي كانت تتنقل بين دموعها وتماسكها عند استشهاد والدتها فقالت عن عيد الأم إنه مناسبة حزينة في ظل غياب الوالدة، وتذكرت بطاقة المعايدة التي أهدتها لوالدتها العام الماضي وكتبت فيها "ماما أحبك"، مع ورود جميلة.

وقالت ملك "أنا لست حزينة لأن أمي شهيدة، وأعرف أنها ذهبت إلى الجنة، لكني حزينة لأننا فقدناها.."، ثم تذكرت" كانت تسألنا كل يوم عن دروسنا وحياتنا وتعرف كل شيء عنا.. كانت تحب الناس وتدعو لهم وتنادينا للصلاة".

وأحيت الطفلتان وشقيقهما ووالدهم قبل شهرين عيد ميلاد شهيدتهم بزيارة قبرها، وفي أجواء حزينة أيضا احتفلوا بعيد الميلاد الأول لصغيرها يحيى بعد استشهادها.

صانعة الحلوى
قال الزوج أديب حماد إن مهدية كان نقطة ارتكاز العائلة كلها، وهي مفتقدة في كل التفاصيل اليومية، وتذكر كيف كانت تهتم بتفاصيل المناسبات، وهوايتها صنع الحلويات اللذيذة ومتابعة برامج الطبخ.

ويذكر الزوج حادثة إعدامها، وخلافا لادعاء جنود الاحتلال محاولتها دعسهم قال إنها كانت تقود بسرعة عادية أثناء عودتها إلى البيت من زيارة عائلية ولم يكن في نيتها تنفيذ أي عملية دعس.
 
وحتى الآن، يقول الزوج إن التحقيق في ظروف إعدامها ما زال مستمرا لكن بدون نتائج، كما يرفض الاحتلال تسليم سيارة العائلة التي أعدمت زوجته داخلها.
 
وبعد أيام قليلة من قتل الأم اقتحم الجيش الإسرائيلي منزل عائلتها واعتقل نجلها الأكبر زكريا، وتزامن عيد الأم الاثنين مع انعقاد محاكمة له في سجن عوفر غربي رام الله، حيث وجه الاحتلال له تهمة "كتابة منشورات تمس أمن إسرائيل" على صفحته في فيسبوك بعد إعدام والدته.
 
وقال والده إن زكريا كان الأشد حزنا على فقدان والدته رغم محاولته التماسك أمام أشقائه وعائلته. ومنذ اعتقاله في يناير/كانون الثاني الماضي ترفض سلطات الاحتلال السماح لعائلته بزيارته.
 
وكانت مهدية حماد واحدة من سبع أمهات فلسطينيات قتلهن جيش الاحتلال الإسرائيلي في الشهور الأخيرة، منهن أربع أعدمن بحجة محاولتهن تنفيذ عمليات طعن أو دعس جنود إسرائيليين.

المصدر : الجزيرة