تل أبيب والقاهرة حلف قديم يتجدد

عودة السفراء للقاهرة ولتل أبيب صفحة من الضبابية وكواليس الدبلوماسية، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو يستقبل السفير المصري الجديد حازم خيرت، آذار مارس 2016. من تصوير المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء نتنياهو، وصلتني على الأيميل كمشترك في البيانات الصادرة عن الحكومة ولي حرية التصرف ونشرها بالجزيرة نت"
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يمين) يستقبل السفير المصري الجديد حازم خيرت (الجزيرة)

محمد محسن وتدالقدس المحتلة

طوت عودة السفيرين للقاهرة وتل أبيب صفحة من الضبابية بين البلدين، وأظهرت للعلن الحلف الإستراتيجي الذي يقوده الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حتى بدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) العدو المشترك للطرفين اللذين يعملان سويا لخنق غزة وتشديد الحصار المفروض عليها.

وعزا محللون إسرائيليون السجال الذي شهدته مصر عقب إسقاط البرلمان عضوية النائب توفيق عكاشة بسبب اللقاءات التي جمعته والسفير الإسرائيلي بالقاهرة حاييم كورين إلى انتخاب مجلس شعب جديد يتمتع بصلاحيات أكثر مما كان عليه قبل إسقاط نظام مبارك.

ورغم ذلك أبدى البعض انزعاجه من واقعة ضرب عكاشة بالحذاء داخل البرلمان المصري ودلالاتها، كونها تعكس نبض المصريين، وتبعث رسالة شديدة ضد إسرائيل على أنها ما زالت عدوا، رغم محاولاتها لتوسيع دائرة التطبيع على المستوى الشعبي.

لفنون: عودة السفيرين تؤكد أن العلاقات الطيبة عادت لما كانت عليه بالماضي (الجزيرة)
لفنون: عودة السفيرين تؤكد أن العلاقات الطيبة عادت لما كانت عليه بالماضي (الجزيرة)

أبعاد ودلالات
لكن سفير إسرائيل السابق في مصر يتسحاق لفنون أكد أن العلاقات بين تل أبيب والقاهرة لم تنقطع بتاتا منذ توقيع معاهدة السلام كامب ديفد عام 1979، حتى جاءت ثورة 25 يناير التي تبعها سحب السفير المصري ثلاث سنوات، كنوع من الغضب والسخط والاحتجاج دون أن تكون له أبعاد ودلالات دبلوماسية.

ورأى لفنون -في حديث للجزيرة نت- أن عودة السفيرين في هذه المرحلة له معنى دبلوماسي يؤكد أن العلاقات طبيعية وعادت إلى ما كانت عليه في الماضي، بل بميزة حسنة تندرج في إطار معاهدة السلام التي تحمل في طياتها أبعادا إستراتيجية على مستوى مختلف العلاقات الدبلوماسية والتعاون الأمني والاقتصادي والتجاري.

لكن التحول والحلف الجديد في العلاقات بين إسرائيل ونظام الرئيس عبد الفتاح السيسي -من وجهة نظر لفنون- جاء بسبب الخلل والتوتر في العلاقات بين القاهرة وحركة حماس، وهذا لم يكن في الماضي، حيث كانت العلاقات بين الحركة والنظام المصري بعد مبارك وخلال حكم الرئيس محمد مرسي مقبولة، بل ووطيدة في بعض المراحل.

واتهم حماس بالتسبب في تأزم العلاقات مع السيسي لتصرفاتها ضد الجيش المصري، الأمر الذي مهد إلى التقاء مصالح القاهرة وتل أبيب بكل ما يتعلق بملف حماس، التي تعكس تعزيز التعاون والتنسيق المشترك بين البلدين.

وقلل لفنون من واقعة الحذاء بالبرلمان المصري، كون رئيس مجلس النواب، وعلى الرغم من إسقاط عضوية عكاشة، شدد على أن البرلمان المصري يحترم كافة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المبرمة، ومنها معاهدة السلام مع إسرائيل.

مفيد: حصار غزة نموذج للتعاون والتنسيق بين القاهرة وتل أبيب (الجزيرة)
مفيد: حصار غزة نموذج للتعاون والتنسيق بين القاهرة وتل أبيب (الجزيرة)

تحالف وتعاون
من جانبه، بدا المحلل السياسي عبد الحكيم مفيد واثقا من أن عودة السفيرين أمر طبيعي بالنسبة لنظام السيسي الذي روّج أنه يتحفظ على نهج تل أبيب، بيد أنه من وراء الكواليس تمادى في التنسيق والتعاون، خاصة المجال الأمني.

وأضاف للجزيرة نت أن المرحلة الأولى من عمر الانقلاب كانت تحتاج لخلق حالة مواجهة ومحاور وهمية من العداء بين مصر وإسرائيل لتضليل الشعب المصري وعدم رفضه الانقلاب على الشرعية.

واستغرب مفيد ممن يدعي أن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تجمدت بسحب السفراء، مؤكدا أن الفترة الماضية كانت أشبه "بزواج السر" الذي خرج في هذه المرحلة للعلن، وفضحه حالة حصار غزة التي هي نموذج للتعاون والتنسيق بين الأطراف، إذ إن الجيش المصري ووزير دفاعه الأسبق السيسي كان وما زال على محور إسرائيل وأميركا.

وشدد على عمق التنسيق الأمني والعسكري بين تل أبيب والسيسي، الذي قد يدفع الجيش المصري لأن يحارب مستقبلا إلى جانب الجيش الإسرائيلي، حيث يرتبط هذا التحالف بمشروع التقسيم المتواصل للشرق الأوسط الذي تقوده إسرائيل والولايات المتحدة، على حد قوله.

المصدر : الجزيرة