حماس في مؤتمر فتح.. اعتراف متبادل

فلسطين رام الله 29 نوفمبر 2016 حركة فتح تعقد مؤتمرها السابع لتنتخب قيادة جديدة.jpg
المؤتمر العام السابع لحركة فتح في حالة انعقاد بمدينة رام الله (الجزيرة)

ميرفت صادق-رام الله

في المؤتمر العام السابع لحركة فتح المنعقد هذه الأيام في رام الله، انقلبت الصورة عما كانت عليه بالأمس، فقد شكلت حركة حماس حضورا لافتا في التظاهرة التي انطلقت الثلاثاء وهي التي كانت تصفها السلطة الفلسطينية بالحركة الانقلابية.

ولم يكن وجه الغرابة في مشاركة ممثليها بل في غياب القيادي الفتحاوي محمد دحلان الذي شن في مؤتمر حركة فتح السادس صيف 2009 هجوما حادا على حماس.

ورأى مراقبون سياسيون في مشاركة حماس وإلى جانبها حركة الجهاد الإسلامي في المؤتمر الذي تنتخب فيه فتح قيادتها الجديدة، مناسبة يستغلها كل طرف في تعزيز شرعيته وانتزاع اعتراف الآخر به.

الحاج علي يلقي كلمة حماس في افتتاح المؤتمر العام لحركة فتح (الجزيرة)
الحاج علي يلقي كلمة حماس في افتتاح المؤتمر العام لحركة فتح (الجزيرة)

يقول النائب أحمد الحاج علي الذي ألقى كلمة باسم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في مؤتمر فتح مساء الثلاثاء، إن مشاركة الحركة لم تكن "بروتوكولية ولا رفعا للعتب، وإنما إحساسا بالمسؤولية حيال الشعب الفلسطيني عامة".

ورأى الحاج علي أن حماس عليها مسؤولية أيضا في رأب الصدع مع حركة فتح وكان عليها أن تقدم تصورا لذلك، وهي ترجمته لدعوة مشعل في المؤتمر بأن تجسد الحركتان شراكة حقيقية فيما سماه "النضال والقرار"، لأنه -بحسب قوله- لا يجوز أن يتصدر طرف بمفرده قضية الشعب الفلسطيني.

وقال الحاج علي إن استجابة حماس لدعوة فتح في مؤتمرها لم تكن البادرة الأولى نحو إصلاح العلاقة بينهما، بل سبق ذلك جملة لقاءات، و"سيتبعها خطوات مهمة للتخفيف من الاحتقان والاختلاف بين الطرفين". 

ويأمل الحاج علي في أن تُقابل استجابة حماس بخطوات إيجابية من جانب قيادة فتح والسلطة الفلسطينية، وتترجم عبر تخفيف الاعتقالات والملاحقة الأمنية في الضفة الغربية، بعد تسع سنوات من الصراع الطويل إثر سيطرة حماس على غزة عام 2007.

خطاب مشجع
وفي المقابل، قال أمين سرّ المجلس الثوري لحركة فتح أمين مقبول، إن مشاركة حماس وإن كانت "بروتوكولية " فإن خطابها في المؤتمر كان مشجعا للاقتراب من إنهاء الانقسام والمصالحة. 

أمين مقبول يعتبر مشاركة حماس أمرا مشجعا على المصالحة (مواقع التواصل)
أمين مقبول يعتبر مشاركة حماس أمرا مشجعا على المصالحة (مواقع التواصل)

وقال مقبول -المرشح لعضوية لجنة فتح المركزية- إن بند استعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام مع حماس كان مطروحا في كل اجتماعات حركة فتح، وسيطرح بقوة في نقاشات المؤتمر وفي كلمة الرئيس عباس الرئيسية بالمؤتمر.

وعبر عن أمله في أن يوفق الفلسطينيون في المرحلة القادمة بعقد دورة جديدة للمجلس الوطني الفلسطيني، وهو أعلى هيئات منظمة التحرير الفلسطينية، بحضور حركتي حماس والجهاد الإسلامي. 

من ناحيته، اعتبر القيادي أحمد العوري -الذي مثل حركة الجهاد الإسلامي في مؤتمر فتح- مشاركة حركته وحماس كسرا للجليد الذي يسود العلاقات الفلسطينية الداخلية، وتعزيزا الوحدة الوطنية ومن أجل التمهيد لحوارات تفضي إلى إنهاء الانقسام.

ودعا العوري حركة فتح إلى تصويب برنامجها السياسي بشكل يعيد الاعتبار لها كحركة تحرر وطني لا حزبا للسلطة فقط، وأن تصوّب علاقتها التي بنيت مع الاحتلال على أساس اتفاق أوسلو وذلك بترجمة قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل.

اعتراف متبادل
وفي سياق فهم مغزى دعوة الحركتين الإسلاميتين إلى مؤتمر فتح واستجابتهما، يقول المحلل في مركز مسارات للدراسات السياسية في رام الله خليل شاهين إنه لا يمكن فصل استضافة حماس والجهاد الإسلامي في مؤتمر فتح عن الصراعات الداخلية المتفاقمة داخل حركة فتح. 

‪‬ شاهين: الرئيس عباس أراد تدعيم شرعيته بدعوة حماس والجهاد الإسلامي(الجزيرة)
‪‬ شاهين: الرئيس عباس أراد تدعيم شرعيته بدعوة حماس والجهاد الإسلامي(الجزيرة)

ويعتقد شاهين أن الرئيس عباس كان بحاجة لتدعيم شرعيته أثناء انعقاد المؤتمر وبعده، وذلك بدعوة مختلف الأطياف الفلسطينية وخاصة الفصائل التي اختلف معها، إلى جانب عشرات الوفود العربية والأجنبية. 

وبينما تحافظ حركة الجهاد الإسلامي على مسافة واحدة من الأطراف الفلسطينية المختلفة، يقول شاهين إن لحماس اعتبارات مختلفة في حضورها مؤتمر فتح، أولها أن الغياب سيتطلب منها تبريرا لذلك، ولكن الأهم أنها تقف الآن على مسافة واحدة من أطراف فتح المتصارعة.

كما أن حماس في سعيها لاستئناف جهود المصالحة، تدرك أن الرئيس عباس هو الطرف المهيمن على النظام السياسي وصاحب القرار في المصالحة، وهو الجهة التي تملك دعوة الأطراف للحوار وللانتخابات أيضا.

ومضى شاهين في تحليله إلى أن حماس لا تقطع علاقتها بالقيادي محمد دحلان رغم أنها لا تعتبره حليفا إستراتيجيا، بل تعامله على قاعدة تكتيكية للاستفادة من أموال ومساعدات يأتي بها إلى قطاع غزة تخفف الضغوط الاقتصادية والاجتماعية هناك، بالإضافة إلى النافذة التي يفتحها لحماس باتجاه مصر.

ويرى شاهين في دعوة حماس لمؤتمر فتح تدعيما لشرعية الرئيس عباس، كما هي اعتراف فتحاوي أيضا بشرعية حركة حماس التي كانت تصفها "بالانقلابية" بعد سيطرتها على غزة منذ تسعة أعوام.

المصدر : الجزيرة