هبوط بكين.. هل تصبح أرض العاصمة غورا؟

الإفراط في استهلاك المياه الجوفية أدى إلى تآكل أكثر من 38 في المائة من التربة في بكين
الإفراط في استهلاك المياه الجوفية أدى إلى تآكل أكثر من 38% من التربة في بكين (الجزيرة)

علي أبو مريحيل-بكين

أظهر بحث أجرته الأكاديمية الصينية للمسح والخرائط في العاصمة بكين أن أجزاء كبيرة من المناطق الشرقية للعاصمة تعرضت لهبوط حاد على مدار الـ14 عاما الماضية، بمعدل هبوط بلغ 15 سنتيمترا في العام الواحد.

كما أظهر مقطع فيديو جرى تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي الصينية أحد المباني السكنية في الأحياء الشرقية من العاصمة وقد غرز في الأرض بمقدار 1.8 مترا منذ عام 1992 وفقا لشهود عيان.

وفي حين أثار الأمر مخاوف سكان العاصمة، حيث لجأ عدد منهم إلى البلدية للاستفسار عن أسباب هذه الظاهرة، أبدى آخرون رغبتهم في تغيير مكان سكنهم تحسبا لحدوث طارئ في المستقبل، خصوصا مع تداول أحاديث كثيرة بين سكان العاصمة عن زلزال وهزات أرضية تحدث في باطن الأرض.

‪جانغ طالب السلطات المحلية بالتحرك‬ (الجزيرة)
‪جانغ طالب السلطات المحلية بالتحرك‬ (الجزيرة)

مياه جوفية
ويرجع الباحث الصيني جانغ جون فنغ هذه الظاهرة إلى سوء إدارة المياه الجوفية، إضافة إلى إمدادات كوابل الكهرباء والإنترنت وشبكة مترو الأنفاق.

وقال في حديثه للجزيرة نت إن الإفراط في استهلاك المياه الجوفية أدى إلى تآكل أكثر من 38% من التربة، لافتا إلى أن سكان العاصمة يستهلكون حوالي خمسمئة مليون متر مكعب من المياه سنويا، وهو الأمر الذي دفع السلطات الصينية -على حد قوله- إلى جلب المياه من جنوب البلاد، مؤكدا أن أزمة المياه الجوفية التي تعانيها العاصمة بكين هي المسبب الرئيسي لهبوط أجزاء كبيرة من مناطقها الشرقية.

وطالب جانغ السلطات المحلية بالتحرك العاجل لمعالجة هذه المشكلة، معتبرا أن التحدي الأكبر هو القدرة على توفير مصادر مياه لا تستدعي أعمال حفر وتنقيب في التربة.

كما حذر من خطورة توسيع شبكة مترو الأنفاق التي يبلغ طولها 554 كم، وتغطي أكثر من 48% من مساحة العاصمة. وأوضح أن كثيرا من المناطق المحيطة بمحطات المترو عرضة للهبوط المفاجئ بسبب الاهتزازات التي تحدثها القطارات السريعة على مدار الساعة، وتطال ليس فقط التربة بل المباني السكنية أيضا.

‪أعمال الترميم التي نفذتها البلدية لم توقف هذه الظاهرة‬  (الجزيرة)
‪أعمال الترميم التي نفذتها البلدية لم توقف هذه الظاهرة‬  (الجزيرة)

عمليات ترميم
قال وانغ بو أحد سكان المناطق الشمالية من العاصمة بكين التي شهدت هبوطا حادا خلال الأعوام الخمسة الماضية، إنه لاحظ شرخا صغيرا بين حافة منزله والأرض، فظن للوهلة الأولى أن المنطقة تعرضت لزلزال أثناء الليل، لكن مع مرور الوقت بدأ الشرخ بالاتساع إلى أن ظهر حوالي ثلاثة سنتيمترات من أساس المنزل.

وأضاف أنه شعر بالخطر، "لذلك توجهت إلى البلدية، لكنها لم تقم سوى بأعمال ترميم وسد للشقوق، ولم تقدم أي تفسيرات لهذه الظاهرة"، وأكد وانغ في حديثه للجزيرة نت أنه بدأ يلاحظ من جديد شروخا صغيرة، وأنه يفكر بشكل جدي أن يبيع منزله ويتجه للعيش في منطقة أخرى أكثر أمنا، على حد قوله.

ولم تقدم السلطات الصينية أي تفسير لهذه الظاهرة ولم تتعامل معها، وفق سكان تلك المناطق، ويرى مراقبون أنه في حال استمرار هذه المشكلة فإن أجزاء كبيرة من المناطق الشرقية في بكين ستكون مهددة بالهبوط، وأن أكثر من مئتي مليون نسمة يقطون العاصمة ستكون حياتهم عرضة للخطر.

المصدر : الجزيرة