موسفيني بالخرطوم.. زيارة يكتنفها الغموض

البشير وموسوفيني في الخرطوم
البشير (يمين) لدى استقباله موسفيني في القصر الجمهوري بالخرطوم (الجزيرة)
عماد عبد الهادي-الخرطوم
 
وصل الرئيس الأوغندي يوري موسفيني إلى الخرطوم مساء الثلاثاء، في زيارة لم يكشف المسؤولون السودانيون حتى الآن عما تكتنفه من أسرار، خاصة أنها تأتي بعد سنوات من القطيعة وصلت إلى حد العداء وتبادل الاتهامات طوال أكثر من عقدين من الزمان.

ويرى المسؤولون في الخرطوم أن ثمة إمكانية لتوقيع موسفيني اتفاقا مع نظيره السوداني عمر البشير لوضع علاقات بلديهما في مسارها الصحيح.

ولطالما اتهمت الحكومة السودانية نظيرتها في كمبالا بدعم وإيواء الحركة الشعبية لتحرير السودان قبل نجاح الأخيرة لاحقا في فصل الجنوب السوداني، كما أنها تفعل الآن الشيء نفسه مع الجبهة الثورية التي تضم عدة حركات سودانية متمردة.

من جانبها، تتهم كمبالا الخرطوم بدعم وإيواء متمردي جيش الرب الأوغندي بزعامة جوزيف كوني المصنف ضمن المجموعات الإرهابية في المنطقة. 

غير أن متابعين يربطون الزيارة المفاجئة لموسفيني للخرطوم بالتحركات الأميركية الأخيرة في المنطقة خلال الشهر الماضي، والتي توِّجت زيارة المبعوث الأميركي للسودان وجنوب السودان دونالد بوث، إلى الخرطوم بداية الشهر الحالي. 

التجاني: أسرار دفعت بالزيارة إلى حيز الوجود (الجزيرة)
التجاني: أسرار دفعت بالزيارة إلى حيز الوجود (الجزيرة)

ورغم ما يراه البعض من أن زيارة موسفيني هذه تأتي من قبيل أن مصائب الطرفين تدفعهما نحو تجاوز عثرات الماضي، فإنهم يستبعدون في الوقت ذاته أن يصلا في اجتماعاتهما -التي تمتد ليومين- إلى تطبيع مقنع للعلاقات لمعرفة كليهما بالآخر وتخوفه من ردة فعله. 

وزير الدولة في الخارجية السودانية كمال إسماعيل، قال للصحفيين أمس إن البيان المشترك في ختام الزيارة سيفتح الطريق أمام مستقبل أفضل لعلاقات السودان وأوغندا، مشيرا إلى أن البيان سيسبقه التوقيع على اتفاقيات تهم البلدين. 

ويرى المحلل السياسي تاج السر مكي أن موسفيني أصبح يعاني من مشكلات داخلية تجبره على التعاون مع السودان خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى إمكانية وجود ترهيب دولي بعد زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما مؤخرا لأفريقيا.

ويقول مكي في تعليقه للجزيرة نت إن تحرك موسفيني "ليس لرغبته في إحراز سلام في الإقليم، بل لما يعترضه من مشاكل عديدة فشل حتى الآن في حلها"، مستبعدا وصول الطرفين لتفاهم حقيقي سوى "التأمين على بقاء نظاميهما بعيدا عن المشكلات التي يمكن أن تطيح بهما".

ويعتقد أن وجود الرئيس الأوغندي في الخرطوم مع الأزمات الحالية للدولتين واحتمالات انفجارها في أي وقت "يدفعه لتغيير جزء من إستراتيجيته في المنطقة التي بناها على إخفاء ما يسعي لفعله حقيقة".

بينما نحى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة أم درمان الإسلامية أسامة بابكر منحى آخر، حينما أكد أن الطرفين ينفذان سياسة أميركية تعمل على تصفير الأزمات قبل انقضاء فترة حكم أوباما في الولايات المتحدة.  

ويعتقد أن موسفيني تلقى رسالة أميركية واضحة تحثه على لعب دور إيجابي يسمح بحل أزمة دولة جنوب السودان التي ينتشر فيها الجيش الأوغندي مناصرا لحكومة الرئيس سلفاكير ميارديت في جوبا.  

غير أن بابكر يشير -في تعليقه للجزيرة نت- إلى ما سماه "مكر الرئيس الأوغندي الذي لا أمان له في مثل هذه الظروف"، واصفا مواقفه بالمتقلبة. 

أما مدير مركز تحليل النزاعات ودراسات السلام راشد التجاني، فيشير إلى وجود أسرار دفعت بالزيارة إلى حيز الوجود، معتبرا أن مشكلة جنوب السودان وجيش الرب الأوغندي ووجود الحركات السودانية المسلحة في كمبالا ستكون هي الأبرز في مهمة الزيارة.  

واتفق التجاني مع الأكاديمي بابكر  في أن الزيارة فرضتها أميركا على الطرفين في إطار المساعي الرامية إلى معالجة أزمة جنوب السودان. 

المصدر : الجزيرة