دلالات مساءلة برلماني جزائري للمؤسسة العسكرية

: مدرعة عسكرية جزائرية خلال احدى عمليات تمشيط يقوم بها الجيش ضد المسلحين
جانب من تمشيط الجيش الجزائري لمنطقة جبلية بحثا عن مسلحين (الجزيرة نت)

ياسين بودهان-الجزائر

أثارت مساءلة عضو بالبرلمان الجزائري نائب وزير الدفاع جدلا واسعا بشأن أسبابها ودلالاتها ونتائجها المتوقعة، كونها سابقة في تاريخ هذه المؤسسة التشريعية.

وكان النائب عن حزب جبهة العدالة والتنمية الإسلامي حسن عريبي توجه بسؤال كتابي لنائب وزير الدفاع قائد الأركان أحمد قايد صالح يطالبه فيه بتقديم توضيحات بشأن أسباب سقوط أفراد من الجيش الجزائري صبيحة يوم عيد الفطر الماضي، في كمين نصبه لهم تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي.

وجاءت هذه المساءلة بعد أن أعلن التنظيم مسؤوليته عن اغتيال هؤلاء العسكريين في ولاية عين الدفلى جنوب غرب العاصمة الجزائر.

وأوضح عريبي -وهو عضو بلجنة الدفاع بالبرلمان- أن ما حدث في عين الدفلى دفع بالجزائريين إلى التساؤل عن دقة التقارير التي تتحدث عن انحسار واندثار الإرهاب إلى غير رجعة.

وفي رسالته لقائد الأركان تساءل عريبي "هل نواجه بقايا الإرهاب، أم نواجه إرهابا عابرا للحدود أصبح ينفذ عملياته بالطريقة التي يريدها وفي المكان والزمان الذي يريده؟".

وفي ظل هذه الظروف، يؤكد عريبي أن الجزائريين لديهم الحق في معرفة حقيقة الوضع والتهديدات وقدرة الشعب مع الجيش على تحصين البلاد من أية اختراقات إرهابية قادمة قد تستهدف الأرواح مثلما حدث في عين الدفلى.

وبشأن الأسباب التي دفعته للمبادرة بخطوة غير مسبوقة في عمل المؤسسة التشريعية الجزائرية، أكد عريبي للجزيرة نت أنه مارس حقه في مساءلة الحكومة، طبقا للمادة 134 من الدستور.

‪حسن عريبي: مارست حقي في مساءلة الحكومة طبقا للدستور‬ (الجزيرة نت)
‪حسن عريبي: مارست حقي في مساءلة الحكومة طبقا للدستور‬ (الجزيرة نت)

مصيدة للإرهاب
وتنص هذه المادة على أنه "يحق لأعضاء البرلمان أن يوجهوا أي سؤال شفوي أو كتابي إلى أي عضو في الحكومة "ويكون الجواب عن السؤال الكتابي كتابيا، خلال أجل أقصاه ثلاثون يوما".

وأوضح عريبي أنه وجّه سؤاله لقايد صالح بصفته نائبا لوزير الدفاع وعضوا بالحكومة وليس بصفته قائدا للأركان، وقال إن البرلمان يحق له الرقابة على الجيش مثل باقي مؤسسات الدولة.

ويتابع "حينما تكون المساءلة ضمن إطار المصلحة العامة ووفقا للدستور فإنه يجب على نائب وزير الدفاع أن يجيب على تساؤلنا باعتباره عضوا في الحكومة، لأننا رأينا حدوث اعتداء وسقوط ضحايا من أفراد الجيش، وأن جنودنا باتوا مصيدة للإرهابيين".

ورغم أن مساءلة النائب حق دستوري، يرى الناطق الرسمي لحزب جبهة التحرير الوطني صاحب الأغلبية في البرلمان سعيد بوحجة أن "السؤال ليس في محله".

وتساءل في حديث للجزيرة نت عن الأسباب التي دفعت بالنائب إلى القيام بهذه الخطوة وفي هذا التوقيت تحديدا، ذلك أن أفرادا من الجيش سقطوا ضحية الجماعات المسلحة في وقت سابق ولم تتم مساءلة نائب وزير الدفاع ولا غيره.

‪بن جانا توقع الرد على مساءلة النائب وفق ما تمليه الظروف‬ (الجزيرة نت)
‪بن جانا توقع الرد على مساءلة النائب وفق ما تمليه الظروف‬ (الجزيرة نت)

عنصر المباغتة
ودافع بوحجة عن الجيش الجزائري بقوله إن الجماعات المسلحة تعتمد على عنصر المباغتة والمكيدة، مؤكدا أن أقوى الجيوش في العالم تعرضت ولا تزال تتعرض لهجمات إرهابية مباغتة.

وعكس ما ذهب إليه بوحجة، أكد العقيد المتقاعد في الجيش الجزائري عمر بن جانا أن النائب عريبي من حقه مساءلة أي عضو في الحكومة، "والواجب يقول إن على من وجه إليه السؤال أن يقدم إجابة عنه".

واستبعد في حديث للجزيرة نت وجود خلفية سياسية للسؤال، مؤكدا في الوقت نفسه أن الذي شجع النائب على كسر القاعدة المعروفة بعدم مساءلة المؤسسة العسكرية هو حصول تطور في طبيعة النظام السياسي الذي فتح مجالا أوسع لحرية التعبير، على حد قوله.

ووصف خطوة النائب بـ"الإيجابية جدا"، وتوقع أن يكون هناك رد من نائب وزير الدفاع وفقا لما تمليه الظروف، ودون المساس بالجوانب المظلمة والسرية المتعلقة بالأمن القومي وعمل القوات المسلحة.

المصدر : الجزيرة