جهاديو الأردن القتلى بسوريا.. أحياء عند حكومتهم

سلفيون جهاديون يتظاهرون في مدينة الزرقاء الأردنية (خزان الجهاديين الأردنيين) من ارشيف الجزيرة
سلفيون جهاديون أردنيون يتظاهرون بمدينة الزرقاء (الجزيرة-أرشيف)

تامر الصمادي-الزرقاء

تعاني عائلات جهاديين أردنيين قتلوا في سوريا من قرار حكومي يمنع إصدار وثائق تؤكد وفاة أبنائهم، مما يضعها في مواجهة مشاكل اجتماعية تتعلق بمعاملات الطلاق والزواج وحصر الإرث وإصدار أوراق ثبوتية للأطفال.

ويعتبر الأردن من أهم البلدان المصدرة للجهاديين إلى سوريا، إذ يبلغ عدد مواطنيه الذين يقاتلون هناك نحو ثلاثة آلاف، قتل منهم المئات منذ بدء الأزمة عام 2011.

وتبرر السلطات الأردنية عدم إصدار الوثائق بأسباب أمنية، وتقول إنها لا تملك إثباتات على مقتل أردنيين بسوريا.

وتجسد المواطنة أم ماهر معاناة طويلة لزوجات سلفيين جهاديين أردنيين التحقوا بتنظيمات تقاتل في سوريا وقتلوا هناك.

وتعيش عائلتها بمدينة الزرقاء التي تعد عاصمة التيار السلفي الجهادي في البلاد وخزانه الرئيسي، وهي المدينة التي خرج منها المئات إلى ساحات القتال بسوريا.

ويقع منزل أم ماهر في حي شعبي يغص بمنازل عائلات فقيرة ينتمي العديد من أفرادها للتيار الجهادي ويخضعون لرقابة أجهزة الأمن.

‪أم ماهر: تنكر السلطات لنا فاقم معاناتنا‬ (الجزيرة)
‪أم ماهر: تنكر السلطات لنا فاقم معاناتنا‬ (الجزيرة)

المعيل لعنة
وتقول للجزيرة نت إن تنكر السلطات لها فاقم معاناتها، وإن عدم منحها شهادة تؤكد وفاة زوجها سبب لها مشاكل حياتية مريرة، ودفعها بالنهاية إلى مد اليد.

وأضافت "أصبحنا نعيش على الصدقات بعد رفض صندوق التنمية الاجتماعية (جهة حكومية تتكفل بالإنفاق على الفقراء) صرف راتب شهري لنا بذريعة وجود معيل لنا لا يزال على قيد الحياة (…)، فالذي كان يعيلنا صار لعنة تطاردنا حتى بعد وفاته..".

ومضت أم ماهر في سرد معاناتها، مناشدة الحكومة الوقوف إلى جانبها، مشيرة إلى أن مناشدتها الجهات الرسمية لا تنقطع، وأنها لا تريد شيئا أكثر من شهادة وفاة كي تتمكن من إعالة أطفالها.

ولفتت إلى أن عدم حصولها على الشهادة يعني أنها لن تتمكن من تزويج بناتها مستقبلا، فالقانون يشترط موافقة الأب، مما يعنى المزيد من فصول المعاناة.

أبو سياف: الإجراء الحكومي في سياق الحرب على التيار الجهادي (الجزيرة)
أبو سياف: الإجراء الحكومي في سياق الحرب على التيار الجهادي (الجزيرة)

مطاردة الشهداء
وعبرت ابنة أم ماهر آية (18 عاما) عن معاناة والدتها، وأوضحت للجزيرة نت أنها حرمت من الحصول على جواز سفر يمكنها من الذهاب إلى الضفة الغربية للاطمئنان على جدها المريض بعد أن اشترطت دائرة الأحوال المدنية حصولها على موافقة والدها قبل منحها الوثيقة.

وقالت إن المسؤولين لم يظهروا أدنى اهتمام بحقيقة موت والدها، "وأبلغوني أن السجلات الرسمية تؤكد أنه لا يزال حيا ولا يزال في عمّان".

وهاجم زعيم السلفيين الجهاديين في جنوبي الأردن محمد الشلبي المعروف بـ"أبو سياف" امتناع السلطات عن منح شهادات وفاة لعائلات السلفيين، معتبرا الإجراء "في سياق الحرب التي يشنها الحكم في الأردن على التيار الجهادي".

وقال للجزيرة نت إن "عدم التعاطي مع معاناة العائلات إجراء إضافي هدفه تضييق الخناق على التيار، ومطاردة الشهداء حتى بعد وفاتهم".

عصفور: سجلات الدولة تشير إلى أنهم داخل الأردن وأنهم أحياء (الجزيرة)
عصفور: سجلات الدولة تشير إلى أنهم داخل الأردن وأنهم أحياء (الجزيرة)

قضايا أمنية
وفي حديث للجزيرة نت برر المستشار السياسي لصحيفة الرأي الحكومية مجيد عصفور عدم منح عائلات السلفيين شهادات وفاة لأبنائهم.

وقال إن "قضايا أمنية شائكة تتعلق بكيفية خروج السلفيين وانتمائهم إلى تنظيمات إرهابية تناصب العداء للمملكة الأردنية، والأهم من ذلك أن معظم هؤلاء إن لم يكن جميعهم ذهبوا إلى سوريا بطرق غير مشروعة، وبالتالي فإن السجلات الرسمية تشير إلى أنهم لا يزالون داخل الأردن وأنهم أحياء".

وخلص إلى القول "نحن أمام معضلة حقيقية، وليس من السهل الاحتكام للعواطف فقط".

ويجرّم الأردن التيار السلفي الجهادي على أراضيه، ويصل جهاديون إلى محكمة أمن الدولة الأردنية باستمرار بتهم، أبرزها التسلل إلى سوريا أو الإرهاب، إضافة إلى من يوقفون في دائرة المخابرات العامة لاستجوابهم والتحقيق معهم.

المصدر : الجزيرة