زيارة أوغلو لضريح سليمان شاه.. جدل التاريخ والسياسة

احمد داوود اوغلو يزور ضريح سليمان شاه داخل الاراضي السورية
أوغلو عبر الحدود برفقة وزير الدفاع إلى قرية آشمه السورية على حدود تركيا لزيارة الضريح (الأناضول)

خليل مبروك-إسطنبول

تباينت آراء المتابعين للشأن التركي في تحليل أبعاد زيارة رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو لضريح سليمان شاه جد مؤسس الدولة العثمانية، فقد وجد فيها بعضهم ارتباطا وثيقا بالانتخابات البرلمانية، بينما قال آخرون إنها تتعلق بالإرث التاريخي لتركيا.

وكان أوغلو قد عبر الحدود برفقة وزير الدفاع وقادة عسكريين إلى قرية آشمه السورية التي تبعد نحو 200 متر فقط عن حدود تركيا، لزيارة الضريح الذي نقل إلى القرية التي سيطرت عليها تركيا في فبراير/شباط الماضي.

ولقيت عملية نقل الضريح من موقعه السابق الذي يبعد نحو 37 كلم في الأراضي السورية قرب حلب، انتقادات واسعة من المعارضة التركية التي تأخذ على حكومة العدالة والتنمية مواقفها المناهضة لنظام بشار الأسد ودعمها للمعارضة.

غير أن المعارضة لاذت بالصمت إزاء زيارة أوغلو للضريح في موقعه الجديد، بينما حظي خبر الزيارة بتغطية إخبارية تقليدية في وسائل الإعلام التركية التي لا يعلو فيها اليوم صوت على صوت الانتخابات البرلمانية.

أوزغان: الزيارة وضعت المعارضةفي هوامش ضيقة (الجزيرة نت)
أوزغان: الزيارة وضعت المعارضةفي هوامش ضيقة (الجزيرة نت)

خيار الصمت
وعزا الكاتب والمحلل السياسي التركي مصطفى أوزغان صمت المعارضة إلى ارتباط الزيارة بالملف الوطني، واصفا زيارة أوغلو للضريح بالموقف القومي الذي ستؤدي معارضته إلى انعكاسات سلبية على صورة المعارضة.

وقال أوزغان للجزيرة نت إن الزيارة وضعت المعارضة في هوامش ضيقة من ردود الفعل، "فهي لن تختار أن تدعمها، ولا تملك أن تنتقدها، لذلك اختارت الصمت".

ورأى أن زيارة أوغلو لضريح سليمان شاه مرتبطة بقوة بالملف الانتخابي، ويمكن أن تستخدم من قبل حزب العدالة والتنمية في الدعاية والأجندة الانتخابية.

وأوضح أوزغان أن الحزب يستطيع توظيفها ضمن رسالة تقول إنه "ليس قادرا على حماية تراب الوطن فحسب، بل هو قادر على صيانة جثث الآباء والأجداد وتراثهم ولو كانوا خارج حدوده".

أما الناشط السياسي التركي المعارض حميد آيور فقال إن زيارة أوغلو لضريح سليمان شاه تهدف إلى تشتيت حملات المعارضة التركية التي حاصرت حزب العدالة والتنمية في التنافس على أصوات الجمهور.

وأضاف آيور في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت من مدينة صقاريا التركية، أن حزب العدالة والتنمية لا يرغب في تركيز الدعاية الانتخابية على جوانب التنمية والظروف الاقتصادية، فاختار التوجه إلى قضايا يجمع عليها الأتراك ويعتبرونها من تراثهم.

وتحتدم حملات الأحزاب التركية التي تتنافس في الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها الشهر المقبل، بينما تشير معظم استطلاعات الرأي إلى أن حزب العدالة والتنمية الذي يمسك بمقاليد الحكم منذ العام 2002 سيحظى بأغلبية مريحة في هذه الانتخابات.

سعيد الحاج: تركيا تذهب باتجاهالتصالح مع تراثها (الجزيرة نت)
سعيد الحاج: تركيا تذهب باتجاهالتصالح مع تراثها (الجزيرة نت)

تصالح مع الماضي
بدوره يقرأ المحلل السياسي المتخصص بالشأن التركي سعيد الحاج حيثيات الزيارة في إطار مرتبط بالموروث التاريخي والارتباط بالأجداد في الثقافة التركية، لكنه في ذات الوقت يرى فيها رسالة من أوغلو لمناهضيه الذين انتقدوا عملية نقل الضريح بشدة، واتهموه وقتها بتعريض أمن البلاد والجنود من حماة الضريح للخطر.

وقال الحاج للجزيرة نت إن حزب العدالة والتنمية سعى من وراء الزيارة لإرسال رسالة مفادها أنه ذاهب باتجاه مصالحة تركيا مع ماضيها وتراثها العثماني، وأن تركيا الجديدة القوية التي يعد الحزب ببنائها ستمضي على ميراث الأجداد العثمانيين، وليس على ميراث أتاتورك الذي فصلها عن ذلك الإرث.

وأشار إلى أن كثيرا من المؤشرات توحي بارتباط الزيارة بسياق ميراث الأجداد أكثر من النشاط الدعائي للانتخابات، مذكرا بأن أوغلو كان في جولة في المحافظات الجنوبية قبل أن يزور الضريح، ولم يتوجه إليه بزيارة خاصة من العاصمة أنقرة.

كما لفت الحاج إلى التشابه بين هذه الزيارة وزيارة أجراها أوغلو ذاته اليوم إلى موقع تصوير مسلسل "أرطغرل الإحياء"، وهو مسلسل تاريخي عن أرطغرل ابن سليمان والد مؤسس الدولة العثمانية، مشيرا إلى أن ذلك يندرج في ذات إطار التاريخ والهوية الذي يحرص عليه الأتراك.

المصدر : الجزيرة