تحذير ببريطانيا من استمرار الانجذاب لتنظيم الدولة

تسجيل مصور لمقاتلين أجانب بتنظيم الدولة
لقطة من تسجيل مصور لمقاتلين أجانب بتنظيم الدولة الإسلامية (الجزيرة)

محمد أمين-لندن

قضت محكمة بريطانية بالسجن 12 عاما على مواطن بريطاني عائد من القتال في سوريا بعد اكتشاف أنه ما زال على قيد الحياة عقب ترويجه نبأ "استشهاده" عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

واعتقل عمران خواجا البالغ من العمر 27 عاما في مدينة دوفر البريطانية بعد أن فبرك نبأ "استشهاده" عبر وسائل التواصل الاجتماعي في محاولة للفرار من الملاحقة القضائية.

وكان المقاتل السابق في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية قد قضى ستة أشهر بسوريا، ونشر صورا لنفسه مع أطفال مجندين ورؤوس مقطوعة لجنود النظام السوري، كما ظهر في فيديو يروج لـ"جهاد الخمس نجوم".

عباس: هناك عوامل طاردة للشباب المسلمين من المجتمعات الغربية (الجزيرة)
عباس: هناك عوامل طاردة للشباب المسلمين من المجتمعات الغربية (الجزيرة)

عودة الجهاديين
ولم تقبل المحكمة اعتذار خواجا الذي اعترف بحضور معسكرات تدريب بعد عودته من سوريا.

قصة الخواجا ألقت الضوء من جديد على مواجهة بريطانيا ظاهرة عودة جهادييها من سوريا والعراق، إذ تشدد رقابتها على المطارات وتستجوب القادمين من سوريا وتركيا ولبنان والأردن.

وأوضحت وحدة الدراسات الأمنية في المعهد الملكي للدارسات المتحدة أن عدد العائدين من مناطق القتال مع تنظيم الدولة يزداد، وأنهم يشكلون قلقا أمنيا للسلطات، ولكنها بينت أن كثيرا منهم يستطيعون العودة إلى الحياة الطبيعية عقب انخراطهم في برامج إعادة الاندماج.

تهمة الخيانة
بالمقابل، أقرت السلطات تشريعات جديدة مثل سحب الجنسية، والمحاكمة بتهمة الخيانة لمن يقسم بالولاء لتنظيم الدولة، إضافة لقوانين تمنع العودة إلى الأراضي البريطانية.

وفي حديث للجزيرة نت قال الخبير بالقانون الدولي توبي كادمان إن ضمان المحاكمات العادلة لأي متهم هو أولوية قصوى، وهو الاعتبار الأساسي، سواء كانت الجريمة صغيرة أم كبيرة مثل تهمة التورط بالإرهاب.

وأِشار إلى أنه ونظرا لمحاكمات المتهمين بالقتال مع تنظيم الدولة فإن النظام القضائي البريطاني يعد مرجعا يلقى الاحترام في كل العالم باعتباره نموذجا للعدالة.

كادمان: سيادة القانون مبدأ أساس في أي ديمقراطية (الجزيرة)
كادمان: سيادة القانون مبدأ أساس في أي ديمقراطية (الجزيرة)

محاكمات عادلة
وأوضح الخبير أنه قد تتوافر أحيانا بعض الظروف لضمان أن تكون جميع المحاكمات عادلة تماما، بسبب التغطية الصحفية السلبية، أو عدم وضوح بعض الأدلة في بعض قضايا المتورطين بالقتال مع التنظيم.

وأضاف أنه إذا ثبت وجود تأثيرات أو ضعف في الأدلة فإن هناك نظاما واضحا لتجميد الإجراءات أو وقف المحاكمة حتى توافر الظروف العادلة تماما، فالحق في محاكمة عادلة هو أمر أساسي.

وبشأن المخاوف من إمكانية تأثير الإعلام السلبي على مجرى المحاكمات، قال كادمان إنه لا يوجد نظام قضائي لا تشوبه شائبة، وقد تحدث أخطاء أحيانا وأحكام مسبقة، خاصة مع الضخ الهائل للإعلام.

مخاوف المسلمين
وتابع، مع ذلك فإن النظام القضائي البريطاني قادر على التعامل مع هذه المخاوف ومعالجتها، وانتهى إلى القول "سيادة القانون هي المبدأ الأساس في أي ديمقراطية".

ويتخوف المسلمون من أن  استمرار إثارة قصص الجهاديين التي باتت عنوانا يوميا تقريبا في وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء قد يترك آثارا سلبية عليهم، إذ باتوا يتحسبون من ارتفاع وتيرة "الإسلاموفوبيا".

وتعليقا على هذا الموضوع قال المتخصص في شؤون الأقليات المسلمة بالغرب وأستاذ الاجتماع البروفيسور طاهر عباس إن هناك نحو خمسمائة بريطاني مسلم من أصل نحو خمسة آلاف مسلم أوروبي يقاتلون مع تنظيم الدولة.

‪نحو خمسمائة بريطاني مسلم يقاتلون مع تنظيم الدولة من أصل خمسة آلاف أوروبي‬ (الجزيرة)
‪نحو خمسمائة بريطاني مسلم يقاتلون مع تنظيم الدولة من أصل خمسة آلاف أوروبي‬ (الجزيرة)

الغربة والحرمان
وقسم عباس الأسباب التي تجذب الشباب إلى ذلك التنظيم إلى عوامل الجذب، وعوامل الطرد.

وتتمثل العوامل الطاردة للشباب من المجتمعات الغربية -حسب عباس- في شعورهم بالغربة والحرمان والتهميش مع صراع حول الهويات، إضافة  لتساؤل الشباب المسلمين المستمر عن ما إذا كان لديهم نصيب ومكان في مستقبل بريطانيا والدول الأوروبية الأخرى.

أما عوامل الانجذاب لأفكار التنظيم -حسب الخبير- فمنها الاعتقاد بإمكانية تمكين الذات وتحقيق الذات لأسباب أسمى، وهي شرعية مفترضة بالعيش تحت حكم الدين، وطالما أن عوامل الجذب قائمة فإن الانجذاب سيستمر.

ويضيف أنه يمكن أن تتغير هذه العوامل لأسباب جيوسياسية، لكن ما لم تتغير كذلك العوامل الطاردة لهؤلاء الشباب من المجتمعات الغربية فإن الأمر سيبقى على ما هو عليه، وسيظل الانخراط في تنظيمات العنف المسلح يستهوي الشباب المسلمين المولودين في بريطانيا وأوروبا.

وانتهى الخبير إلى القول "أما الحلول فتكمن في السبب، إذ إن عدم الاندماج بشكل فعال والمساهمة الأوسع في المجتمع الناتجة عن الإسلاموفوبيا والعنصرية، إضافة إلى القيود المجتمعية المفروضة سيدفع الفئات المهمشة والساخطة من المسلمين نحو مزيد من المحيط المتطرف".

المصدر : الجزيرة