"المرشدية" بسوريا.. اضطهاد وتوريط في عهدين

دخل الثوار قرى المرشديين في جبل الأكراد
جانب من القرى المرشدية الواقعة في جبل الأكراد شرق اللاذقية (الجزيرة نت)

عمر أبو خليل-ريف اللاذقية

المرشدية طائفة دينية صغيرة في سوريا، يتوزع أفرادها على مجموعة من القرى الأكثر ارتفاعا في ريف اللاذقية وبعض قرى ريف حماة الغربي وحمص.

انشقت المرشدية عن الطائفة العلوية في الربع الأول من القرن الماضي، ونصبت سلمان المرشد ابن جوبة برغال مرجعا روحيا لها.

لم تعلن المرشدية أفكارها الدينية، وفضلت الانغلاق والتقية خوفا من ردة فعل غاضبة من الطائفة العلوية على انشقاقها، ورغم ذلك لم تسلم من غارات متفرقة من العلويين أسفرت عن مقتل الكثيرين من أبنائها.

كما لم تأمن الطائفة جانب الأغلبية السنية، وتعتبر أنها استُهدفت بإعدام سلمان المرشد في أربعينيات القرن الماضي بتهمة ادعاء الألوهية وارتكاب جرائم في عهد الرئيس السوري السني شكري القوتلي.

ورغم "ميولها السلمية والانعزالية" فشلت المرشدية في الابتعاد عن واجهة الأحداث التي عاشتها البلاد بعد الاستقلال، حيث وضع الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد شبابها المجندين في الجيش في الصفوف الأمامية خلال حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 حيث قتل الكثير منهم.

كما استخدم حافظ الأسد الطائفة المرشدية رأس حربة في حربه على الإخوان المسلمين مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وفق شهادات.

واستقطب رفعت الأسد بعض أبناء الطائفة في سرايا الدفاع، وهو تشكيل أحدثه لمواجهة شقيقه طمعا في الاستيلاء على السلطة.

نعيسة:
 المرشدية تعرضت للقهر الحقيقي من طرف الأسد الأب وشقيقه رفعت، وكانا سببا في مقتل الكثير من شبابها في معاركهما مع الإخوان المسلمين وفيما بينهما

اضطهاد وتهميش
وقد اضطهد حافظ الأسد أتباع الطائفة المرشدية وعاملهم بازدراء، حيث حرمهم من المناصب القيادية ومنع ضباطهم من تقلد الرتب العليا، عقابا لهم على مساندتهم شقيقه رفعت.

ويصف مزدهر نعيسة ما تعرضت له طائفته بالقهر الحقيقي، وقال إن الأسد الأب وشقيقه رفعت اتبعا معها سياسة العصا والجزرة، وكانا سببا في مقتل الكثير من شبابها في معاركهما مع الإخوان المسلمين وفيما بينهما، ولم يقدما شيئا مهما مقابل ذلك.

واختارت المرجعيات الروحية للطائفة الحياد في بداية الثورة السورية قبل أربعة أعوام، حيث أصدرت تعميما غير معلن لأتباعها ببقاء كل عامل في الدولة ومنتسب للجيش في عمله، والابتعاد عن المشاركة في الثورة أو قتل أنصارها.

لكن أجهزة مخابرات الأسد أرغمت شباب الطائفة على الاشتراك في قمع المتظاهرين وقتلهم من خلال تهديدهم بالاعتقال وتركهم لقمة سائغة للثوار، وفق مصادر.

كما انتهج النظام مع الجنود من أبناء الطائفة المرشدية سياسة الترغيب عبر منح ألف ليرة يوميا لكل من يشترك مع قوات الأمن في قمع المظاهرات، وفق روايات.

وأكد منتجب عصيمان -وهو مدرس متقاعد من أتباع الطائفة- أن مخابرات النظام كانت ترسل الشاحنات في بداية الثورة لنقل شبان قرية كدين المرشدية لقمع المظاهرات في حماة وجبل الزاوية بريف إدلب، مشيرا إلى أنهم اضطروا للقيام بأعمال عنف لا يرضون بها ضد المتظاهرين.

‪أبو أحمد: أبناء الطائفة المرشدية‬ (الجزيرة نت)
‪أبو أحمد: أبناء الطائفة المرشدية‬ (الجزيرة نت)

استباحة ونزوح
وقال عصيمان للجزيرة نت إن "ممارسات بعض شبابنا أغضبت الطائفة السنية علينا ودفعت الجيش الحر لدخول أكثر من قرية لنا في ريف اللاذقية مثل كدين ومركشيلة وسكري وجب الأحمر، واستباحة أملاكنا ومنازلنا مما اضطرنا للنزوح عنها إلى الدعتور وبسنادا".

وأضاف أن هذه الحوادث أفقدتهم السيطرة على الشباب "فخرجوا عن رأينا واشتركوا مع جيش النظام وأجهزته الأمنية وشبيحته في محاربة السوريين المعارضين".

ولكنه حمل المعارضة السورية مسؤولية كبيرة في دفع الشباب المرشدي إلى حضن النظام من خلال اتهامها بعدم العمل بجدية على منح الأمان لهم وطمأنتهم على مستقبلهم ووجودهم في حال انتصارها وهزيمتها للرئيس بشار الأسد.

في المقابل، أكد أبو أحمد -وهو قيادي في الجيش الحر بريف اللاذقية- أن أبناء الطائفة المرشدية شاركوا النظام في قتل السوريين منذ اليوم الأول للثورة، مشيرا إلى أن الثوار تحدثوا إلى وجهاء القرى المرشدية وتم الاتفاق معهم على منع أبنائهم من مشاركة النظام في ضرب المدنيين.

وقال أبو أحمد للجزيرة نت "لم يلتزموا بما تم الاتفاق عليه، واستمروا في المشاركة بقتلنا وزادوا بأنهم راحوا يتجسسون على تحركات الثوار وينقلون للنظام معلومات عن تسلح الجيش الحر وأعداده، مما اضطرنا لدخول قراهم ومنعهم من خيانتنا وهم بين ظهرانينا".

المصدر : الجزيرة