إسقاط الجنسية بفرنسا بين الرفض والتأييد

FILE - This Monday, Nov. 16, 2015 file photo shows people standing for a minute of silence near the Stade de France stadium in Saint Denis, outside Paris. The mother of the youngest of the Paris attackers, who blew himself up outside France's national stadium, says she is "proud" that her son killed no one but himself. (AP Photo/Michel Spingler, File)
وقفة تضامنية مع ضحايا هجمات باريس شاركت فيها أم أحد الانتحاريين (أسوشيتد برس)

سعيد نمسي-باريس

أثير جدل في فرنسا بعد الإعلان عن مشروع قرار يقضي بأن يدرج في التعديل الدستوري المرتقب إسقاط الجنسية الفرنسية عن المواطنين المزدوجي الجنسية، ممن ارتكبوا "أعمالا إرهابية". ورغم أن الفكرة شقت صفوف اليسار، فإنها أثلجت صدور زعماء حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف.

وخلال جلسة لمجلس الوزراء، باغت الرئيس فرانسوا هولاند عددا من أعضاء حزبه الاشتراكي وأطراف الأغلبية الحاكمة بعزمه إدراج هذه الفكرة في التعديل الدستوري في شهر فبراير/شباط القادم، بهدف تطمين الرأي العام على خلفية هجمات باريس في 13 من الشهر الماضي.

وفيما ساند رئيس الحكومة مانويل فالس الفكرة وذهب إلى حد اتهام المعارضين لها بأنهم "ضلوا سبيلهم"، أعلنت عدة شخصيات اشتراكية ذات وزن سياسي رفضها لها، فقد وصف النائب البرلماني جوليان دراي -أحد مقربي هولاند- القرار بـ"غير الناجع ضد الإرهاب، حتى على المستوى الرمزي".

وفي السياق نفسه، قال النائب البرلماني بونوا هامون ممثل ما يسمى بالتيار اليساري داخل الحزب الاشتراكي -لأسبوعية لو جورنال دو ديمانش- إن "هولاند يريد أن يقول لملايين المواطنين إنكم مواطنون من الدرجة الثانية"، ملمحا بذلك إلى الفرنسيين من أصل عربي.

وأضاف هامون أن "هذا القرار سيتسبب في إحداث انقسام داخل صفوف اليسار وبين المواطنين. وقد سبق أن وصفه هولاند بالخطير ونعته فالس بالمقرف لما طرحه حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف في برنامجه الانتخابي". 

‪هامون: هولاند يريد أن يقول لملايين المواطنين إنكم مواطنون من الدرجة الثانية‬ (الأوروبية-أرشيف)
‪هامون: هولاند يريد أن يقول لملايين المواطنين إنكم مواطنون من الدرجة الثانية‬ (الأوروبية-أرشيف)

السلم في خطر
أما رئيس الحكومة السابق جون مارك إيرو فقد صرح في تغريدة على "تويتر" بأنه "ليس ضالا"، قائلا "إذا كان السلم في فرنسا في خطر، فلا تعمقوا انقسام البلد أكثر مما هو منقسم. علينا أن نقيم المساواة بين أبنائه".

من جهته، أبدى رئيس منظمة "النجدة ضد العنصرية" دومينيك سوبو -وهي منظمة مقربة من الحزب الاشتراكي- سخطه على قرار الرئيس. ونشر بهذا الخصوص رسالة مفتوحة في صحيفة "ليبيراسيون" اليسارية، بعنوان بالغ الدلالة "سيدي الرئيس، ألا تخجلون؟".

وفي تصريح للجزيرة نت، قال الأمين العام لهذه المنظمة فالونتان لوديلي إن قرار هولاند صدم منظمته لأنه "سيحدث انقساما بين السكان، بحيث سيصبح لدينا فرنسيون كاملو الجنسية وفرنسيون آخرون أقل فرنسية وهم مزدوجو الجنسية. ونحن نندد بهذا القرار الذي ينم عن وقاحة، الهدف منها اصطياد أصوات اليمين".  

‪بيلوتيي رأى في فكرة هولاند رغبة في الحصول أصوات المتعاطفين مع اليمين في الانتخابات الرئاسية القادمة‬ (الجزيرة)
‪بيلوتيي رأى في فكرة هولاند رغبة في الحصول أصوات المتعاطفين مع اليمين في الانتخابات الرئاسية القادمة‬ (الجزيرة)

أصوات اليمين
بدوره رأى أستاذ علم الاجتماع في جامعة بيكاردي، ويلي بيلوتيي، في قرار هولاندا "رغبة في الحصول على أصوات المتعاطفين مع اليمين في الانتخابات الرئاسية القادمة، ولهذا فهو يريد الظهور بمظهر الحامي للبلد ضد زحف حزب الجبهة الوطنية. وهي سياسة غير مسؤولة، تماما تنم عن قصر نظره".

وبعيدا عن الضجة الاشتراكية، بدا حزب الجبهة الوطنية مرتاحا، وأعلن أنّ نوابه في البرلمان سيزكون قرار هولاند عندما يُعرض على البرلمان.

وصرح القيادي البارز في حزب الجبهة الوطنية فلوريان فيليبو بأن زعيمة الحزب مارين لوبان هي التي همست بفكرة القرار في أذن هولاند، عند استقباله لقادة الأحزاب الفرنسية عقب هجمات باريس.

يشار إلى أنه يوجد في فرنسا -بحسب إحصائيات غير رسمية- حوالي 3.5 ملايين فرنسي مزدوجي الجنسية، أغلبهم من أصول عربية، خاصة من بلدان المغرب العربي.

المصدر : الجزيرة