هل نسقت إسرائيل مع روسيا لاغتيال القنطار؟

آثار القصف الذي استهدف سمير القنطار وآخرين في جرمانة بريف دمشق
انفجار ضخم أطاح بمبنى مؤلف من ستة طوابق في حي الحمصي بمدينة جرمانا (الصحافة السورية)

محمد كناص-غازي عنتاب

مساء العشرين من ديسمبر/كانون الأول الجاري هز انفجار ضخم حي الحمصي في مدينة جرمانا جنوب شرقي العاصمة دمشق أدى لانهيار مبنى مؤلف من ستة طوابق ومقتل تسعة أشخاص عرف منهم القيادي في حزب الله اللبناني سمير القنطار، والقيادي في ما تسمى "المقاومة الوطنية السورية" بـالجولان المحتل فرحان شعلان.

وقد تضارب تعاطي نظام بشار الأسد وحليفه حزب الله اللبناني مع الحدث إعلاميا، فقد نقل الإعلام الرسمي للنظام أن الانفجار نجم عن هجمات صاروخية نفذها "إرهابيون"، في حين قال إعلام حزب الله اللبناني الرسمي إن "الطيران الإسرائيلي هو من نفذ العملية من خلال طائرتين اخترقتا الأجواء السورية".

أما الناطق باسم الجبهة الجنوبية التابعة للمعارضة المسلحة الرائد المهندس عصام الريس فقال إن "النظام لا يريد أن يظهر أمام جمهوره أنه مخترق استخباراتيا وغير قادر على حماية نفسه، لذلك اتهم من وصفها بالجماعات الإرهابية، وهنا يقصد المعارضة، وهذا غير صحيح".

وأضاف للجزيرة نت أن القذائف الصاروخية التي بحوزة المعارضة لا يمكن أن تفي بالغرض في مثل عمليات كهذه، كما أن دقة الهدف والإصابة مؤشر على التقنية العالية التي استخدمت، ورواية حزب الله أن العملية يقف وراءها الطيران الإسرائيلي هي الأدق. 

ويرى مراقبون وخبراء عسكريون أن هناك دورا روسيا لا يمكن تجاهله في التغطية على اغتيال سمير القنطار بسبب سيطرته على الأجواء السورية من خلال منظومة (S-400) الموجودة في مطار حميميم العسكري بريف اللاذقية.

العايد: هناك تنسيق عال بين الروس والإسرائيليين في سماء سوريا (الجزيرة)
العايد: هناك تنسيق عال بين الروس والإسرائيليين في سماء سوريا (الجزيرة)

دور روسي
من جانبه، أكد الخبير العسكري والإستراتيجي عبد الناصر العايد أنه من الناحية العسكرية لا يمكن للروس إلا أن يعرفوا بوجود طائرات اخترقت الأجواء السورية، والرادارات الروسية لا يمكن التشويش عليها بسهولة وبساطة.

وأضاف للجزيرة نت أنه من خلال مراقبة الأحداث في سوريا يمكن القول إن "تنسيقا عالي المستوى بين الروس والإسرائيليين يتم في سماء سوريا، فإسرائيل تقصف في القلمون بريف دمشق، وتقصف في الجولان ومناطق أخرى بريف درعا بعلم وتنسيق مع الروس، والنظام يتكتم حتى لا يحرج نفسه".

وقال العايد إن "كثيرا من عمليات إسرائيل في سوريا تطال قادة وضباط إيرانيين بتنسيق مع روسيا، وهذا الاستهداف يحمل رسائل متبادلة بين الإيرانيين والروس في خضم المنافسة بينهما للسيطرة على الأرض.

وأشار إلى أن التنسيق بين روسيا وإسرائيل في سوريا أعلن عنه رسميا في سبتمبر/أيلول خلال اللقاء المعروف بين الرئيس فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وبحسب ما تبع اللقاء من أحداث فإن أمن إسرائيل واستهدافها الوجود الإيراني وقادة حزب الله في سوريا هو الأولوية.

أبو نوار: الطائرات الإسرائيلية اغتالت القنطار من دون اختراق أجواء سوريا (الجزيرة)
أبو نوار: الطائرات الإسرائيلية اغتالت القنطار من دون اختراق أجواء سوريا (الجزيرة)

قنابل ذكية
بدوره، رجح اللواء والباحث في الشؤون الإستراتيجية مأمون أبو نوار نظرية تنفيذ إسرائيل عملية اغتيال سمير القنطار والقادة معه، لكنه قدم رواية مغايرة للكيفية التي نفذت فيها الغارة الجوية، إذ رأى أن الطيران الإسرائيلي لم يخترق الأجواء السورية، إنما نفذ عمليات الرمي من داخل حدوده من خلال قنابل "سنايبر" المصنعة في عام 2003.

وأكد للجزيرة نت أن دقة إصابة هذه القنابل لأهدافها عالية جدا، لأنها تأخذ إحداثيات هدفها من الأقمار الصناعية، ثم يتم تخزين هذه الإحداثيات في ذاكرة القنبلة، وبعدها تطلق وتتوجه لهدفها.

وأضاف أبو نوار أن العملية تمت بالتنسيق مع الروس بكل تأكيد، وتم إطلاق هذه القنابل من أقرب نقطة على الحدود بين سوريا والكيان الإسرائيلي، والنظام أعفى نفسه من الرد باتهام من سماهم "الإرهابيين" عوضا عن إسرائيل.

ولفت إلى أنه بالنظر إلى موقع الانفجار من الناحيتين التقنية والعسكرية سنجد أن الأبنية المحيطة بالبناء المستهدف لم تتضرر، فقط المكان الذي فيه القادة انهار على نفسه، الأمر الذي يعكس التقنية العالية المستخدمة في العملية، وهذا ما لا تملكه المعارضة السورية المسلحة.

المصدر : الجزيرة