الإساءة لسودانيين بمصر.. رسائل تصعيد سياسية

الخارجية السودانية تؤكد تزايد حالات انتهاك حقوق السودانيين بمصر
الأحداث الأخيرة أثارت غضبا سودانيا (الجزيرة)

عبد الرحمن أبو الغيط

يبدو أن بوادر أزمة سياسية تلوح في الأفق بين الحكومة السودانية والنظام المصري، في ضوء الانتهاكات التي تعرض لها سودانيون في مصر، كان آخرها مقتل ستة سودانيين الأحد الماضي بنيران الجيش المصري في شمال سيناء، أثناء محاولتهم التسلل لإسرائيل، الأمر الذي دفع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للإعراب عن انزعاجه البالغ، والمطالبة بتحقيق يضمن المساءلة وعدم تكرار ذلك.

فقد وصل وزير العدل السوداني عوض حسن النور إلى مصر للقاء نظيره المصري أحمد الزند، والنائب العام نبيل صادق، بهدف متابعة التحقيقات في القضايا التي تخص مواطنين سودانيين، خاصة بعد مقتل عدد من السودانيين في سيناء خلال محاولة الهروب إلى إسرائيل عبر الأراضي المصرية.

وجاء الحادث بعد نحو أسبوع على إعلان القاهرة العثور على جثة 15 أفريقياً على الأقل، يُعتقد بأن أغلبهم سودانيون، في المنطقة الحدودية جنوب مدينة رفح، قالت إنهم "كانوا في طريقهم للتسلل إلى الجانب الإسرائيلي عبر الحدود الدولية".

كما احتجزت القاهرة عددا من السودانيين بتهمة "الاتجار في العملة واستخدام دولارات مزيفة في الاحتيال على المواطنين"، قبل أن تفرج عن أربعة منهم في وقت لاحق، لكن وسائل إعلام سودانية نقلت عن بعض المتهمين تعرضهم للضرب والمعاملة بطريقة سيئة من قبل السلطات المصرية.

وفي شأن متصل، أعلن وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور تقديم بلاده شكوى ضد مصر لدى مجلس الأمن الدولي، بسبب إجراء الحكومة المصرية الانتخابات البرلمانية داخل منطقة حلايب وشلاتين المتنازع عليها بين الدولتين.

السودان انتقد انتهاكات حقوق السودانيين من قبل السلطات المصرية (الجزيرة)
السودان انتقد انتهاكات حقوق السودانيين من قبل السلطات المصرية (الجزيرة)

نفي مصري
في المقابل، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري "أن السودان بلد عزيز، وأن مصر تولي أهمية خاصة لتعزيز علاقاتها بالخرطوم"، مشددا على حرص الحكومة المصرية على توفير الأمن والسلامة للمواطن السوداني الزائر والمقيم، منطلقة من ثوابت ألا تميز بين السوداني والمصري.

وقال شكري تعليقاً على المذكرة التي تقدمت بها السفارة السودانية بالقاهرة للخارجية المصرية، "إن المذكرة قد تمت إحالتها إلى جهات الاختصاص للتحقيق بشأن ما ورد فيها، طالباً من السفارة موافاة الوزارة بأية تفاصيل يمكن أن تساعد في ما يجري من تحقيقات".

من جانبه، قال مؤسس "وحدة السودان" في مركز دراسات الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية هاني رسلان إن "الأزمة التي شنها السودان ضد مصر مصطنعة من قبل السفارة السودانية في القاهرة، والتي أصدرت بيانا عاما بلغة فضفاضة، أشارت فيه إلى احتجاجها على ما تزعم أنه إساءة معاملة للأشقاء السودانيين في مصر".

وأضاف في الوقت نفسه، أن تعامل الخارجية المصرية مع الأزمة كان بطيئا وفاقدا للإحساس بالزمن وخطورة ما يجري وما قد يترتب عليه، وكانت تصريحات المتحدث باسم الخارجية في بداية الأزمة فارغة من أي مضمون محدد سوى الكلام العام والشعارات التي لا تغني ولا تسمن من جوع، الأمر الذي أسهم في تمدد الأزمة بوصفه نوعا من التهرب.

الخارجية المصرية أكدت حرص مصر على أمن وسلامة السودانيين (الجزيرة)
الخارجية المصرية أكدت حرص مصر على أمن وسلامة السودانيين (الجزيرة)

دوافع سياسية
أما رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام مصطفى خضري فأشار إلى أن الإساءة لبعض السودانيين في القاهرة، جاء بعد هجوم شنّه إعلاميون محسوبون على النظام المصري ضد السودان، مشيرا إلى أن النظام السوداني رد الصفعة بتصعيد دولي حول مثلث حلايب بالتزامن مع إفشاله جولة مفاوضات حول السد الإثيوبي.

وقال -في حديث للجزيرة نت- "من الواضح أنّ نظام البشير سيستغل هذه الأزمة في رفع قيمة أسهمه السياسية المتدنية من خلال تصعيد للصراع على مستويات متوازية شعبياً ودولياً، خاصة أنّ النظام السوداني لديه أوراق ضغط متمثلة في مفاوضات السد الإثيوبي والتحكيم الدولي لمثلث حلايب".

وأضاف "في المقابل لا يملك الجانب المصري أي أوراق ضغط ذات وزن، بالإضافة إلى حالة التهلهل السياسي والاقتصادي التي تمر بها مصر، والتي تجعل قدرتها على دخول صراع طويل المدى مع السودان أمرا مرهقا على كافة المستويات".

وتابع "لا بد أن نعترف بأنّ مصر والسودان شعب واحد فرقه الاحتلال الخارجي لفترة زمنية معينة واستكملت الحكومات المتتالية في البلدين تلك الفرقة"، مشددا على أن النظام المصري غاضب من التقارب السعودي السوداني، والدور الذي تلعبه القوات السودانية في الحرب اليمنية.

المصدر : الجزيرة