الهجمات تحدد ملفات فرنسا العسكرية والأمنية

Thousands of people observe a minute of silence near the Bataclan concert venue in Paris, France, 16 November 2015. More than 130 people have been killed in a series of attacks in Paris on 13 November, according to French officials. Eight assailants were killed, seven when they detonated their explosive belts, and one when he was shot by officers, police said. French President Francois Hollande says that the attacks in Paris were an 'act of war' carried out by the Islamic State extremist group.
آلاف يقفون دقيقة صمت في أحد المواقع التي تعرضت لهجمات في العاصمة الفرنسية باريس (الأوروبية)
سلطت هجمات باريس الجمعة الماضية الضوء على عدة ملفات فرنسية رأى فيها مراقبون أنها قد تكون أهم الأسباب التي جعلت منها هدفا لتنظيم الدولة الإسلامية. ويأتي في مقدمة تلك الأسباب، التدخل العسكري الفرنسي الخارجي، والمهمشون من الأقليات المهاجرة، وضعف الإجراءات الأمنية.
 
فقد أبرزت هجمات باريس حجم التدخل العسكري الفرنسي في عدة مناطق، سواء كان ذلك بطريقة مباشرة عبر حضورها العسكري في شكل بعثات في كل من مالي وأفريقيا الوسطى على سبيل المثال، أو غير مباشرة في مستعمراتها السابقة، غير أن النتيجة تظل واحدة في الحالتين، والانطباع ذاته يطغى على مواقف سلبية لسكان تلك المناطق إزاء التدخل الفرنسي.

ويرى مراقبون أن هجمات باريس التي راح ضحيتها 129 قتيلا على الأقل ومئات الجرحى، جاءت كرد فعل على إعلان الحرب ضد الجماعات المسلحة من قبل القادة الفرنسيين.

وفي هذا السياق، جاءت تصريحات رئيس وزراء فرنسا الأسبق دومينيك دوفيلبان في القناة الفرنسية الثالثة الحكومية، حيث أوضح أن الحرب على الإرهاب ليست من دور الفرنسيين ولا من مهامهم، و"إنما نحن صناع سلام ووسطاء وباحثون عن الحوار".

كما يعتقد المختص في الدراسات الجيوسياسية بمعهد العلاقات الدولية في باريس ميشال غالي في تصريح لوكالة الأناضول، أن "السياسة الخارجية للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند حيال كل من سوريا والعراق توصف بالتدخل العسكري، بل إن جزءا من المسلمين يعتبرونها حربا ضدهم".

صورة من تسجيل مصور بثته مؤسسة تابعة لتنظيم الدولة يظهر فيه مقاتلون يتكلمون الفرنسية ويحرقون جوازات سفرهم
صورة من تسجيل مصور بثته مؤسسة تابعة لتنظيم الدولة يظهر فيه مقاتلون يتكلمون الفرنسية ويحرقون جوازات سفرهم

من جانب آخر، أشار الضابط التونسي السابق والخبير المستقل في الشؤون الأمنية الدولية يسري الدالي إلى "الانقسام الاجتماعي" الذي عادة ما يكون على حساب الأقلية المسلمة المتواجدة في البلاد، والتي يعيش جزء من أفرادها مهمشين في الأحياء الفقيرة.

وأضاف الدالي أن تسجيلات تنظيم الدولة الإسلامية غالبا ما تتضمن تهديدات موجهة لفرنسا، ودعوة إلى انتفاضة السكان المسلمين المقيمين في هذا البلد، والذين تتجاوز أعدادهم ستة ملايين نسمة.

ويرى الدالي أن "هؤلاء الإرهابيين" الذين هم في "معظمهم مجموعات من المنحرفين توجهوا نحو التطرف"، يعتقدون أن الكثير من المسلمين المهمشين يشكّلون احتياطيا جهاديا محتملا لن يتأخر في الانضمام إلى معسكرهم.

وفي الجانب الأمني، رأى خبراء أن التفجيرات الأخيرة أبرزت خللا في التدابير الأمنية التي تتخذها فرنسا حيال الهجمات المحتملة، ويقول الدالي إن دخول كميات من السلاح إلى الأراضي الفرنسية دون أن تتمكن الأجهزة المختصة من احتجازها، وحدوث سبع هجمات متزامنة، وأن يكون معظم الإرهابيين لهم ملفات معروفة لدى السلطات الفرنسية، كل ذلك يشكل مؤشرات على الخلل الذي ينخر النظام الأمني الفرنسي.

كما أوضح القاضي في محكمة النقض بالعاصمة باريس في قسم مكافحة الإرهاب مارك تريفيديك، أنه لمدة عشرة أعوام لم يتم إقرار أي إجراءات ميدانية، سواء في مراكز الإيقاف أو خارجها أو للمواقع الإلكترونية على الشبكة العنكبوتية التي تدخل إلى جميع البيوت.

إضافة إلى ما تقدم من أسباب، فإن الموقع الجغرافي لفرنسا والذي يجعل الدخول إليها ميسرا، يسهل استهدافها من قبل مجموعات مسلحة، بما أنها الأقرب إلى منطقة شمال أفريقيا، والأكثر يسرا من الناحية الجغرافية، وهذا ما يجعلها مستهدفة خلافا لبريطانيا المعزولة جغرافيا نوعا ما من خلال البحار التي تحيط بها.

المصدر : وكالة الأناضول