الجنائية الدولية تربك الاستخبارات الإسرائيلية

تل أبيب تتكتم على نشاط "وحدة 8200"، في الصور تناول وسائل الإعلام الإسرائيلية لقضية الإطاحة بـ 43 مجندا بالوحدة رفضوا تنفيذ الأوامر.
تل أبيب تتكتم على نشاط الوحدة 8200 في الاستخبارات الإسرائيلية (الجزيرة)

محمد محسن وتد-القدس المحتلة

يفتح الكشف عن فصل عشرات العاملين الإسرائيليين في وحدة "المراقبة الإلكترونية" لرفضهم التجسس على الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال، ملف تلك الوحدة وتاريخها وطبيعة عملها ومدى تأثير هذا الموقف على بقية العاملين فيها.
 
وكان 43 جنديا احتياطيا من وحدة الاستخبارات العسكرية الخاصة في إسرائيل، المعروفة بـ"الوحدة 8200″، قد أعلنوا رفضهم التجسس مستقبلا على الفلسطينيين، ووقعوا رسالة احتجاج أرسلوها إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وكبار قادة الجيش.

ويعود تأسيس تلك الوحدة إلى فترة الانتداب البريطاني، حيث كانت ضالعة في حسم حرب عام 1948 لصالح اليهود، وتخصصت في جمع المعلومات والتنصت وتوفير الإنذارات عن الحروب المحتملة. فخلال حرب 1967 رصدت مكالمة هاتفية بين الرئيس المصري جمال عبد الناصر وملك الأردن حسين بن طلال بثتها إذاعة الجيش الإسرائيلي وتسببت بأزمة بين البلدين، لكنها أخفقت لاحقا في التنبؤ بنشوب حرب 1973.

كما اشتهرت تلك الوحدة في السبعينيات من القرن الماضي بـ"العمليات الخاصة" وزرع أجهزة تنصت في مكاتب حكومات عربية، وبمرور الوقت تحولت إلى وكالة  ضخمة لجمع المعلومات الإلكترونية إلى جانب نشاطها الميداني، مما جعل إسرائيل ثاني أكبر دولة في التجسس والرصد بعد الولايات المتحدة.

وتعتبر تلك الوحدة الأكبر في الجيش الإسرائيلي، وينضم إليها سنويا آلاف ممن يتمتعون بقدرات ذهنية عالية ويبدعون في الرياضيات والتكنولوجيا، ويتحدثون عدة لغات.

‪شطيرن: استقالة الجنود الرافضين للتجسس سيكون لها أصداء واسعة‬ (الجزيرة)
‪شطيرن: استقالة الجنود الرافضين للتجسس سيكون لها أصداء واسعة‬ (الجزيرة)

تقديرات
ويعتبر الباحث في شؤون الاستخبارات العسكرية بمعهد "آيزنهاور"، آفي ميلاميد، حالات الرفض المعلنة للتجسس على الفلسطينيين التي كشف عنها مؤخرا "سابقة في تاريخ الاستخبارات العسكرية التي تبقى عملياتها سرية وطي الكتمان". 

لكنه قلل من تداعياتها على طبيعة عمل تلك الوحدة أو أن يتسبب ذلك في "زعزعة على النشاط الاعتيادي للاستخبارات وعمليات الرصد والتجسس"، إذ يرى أن الجيش الإسرائيلي أراد من إقصاء هؤلاء الجنود "ردع ومنع تكرار مثل هذه الخطوة مستقبلا".

واستبعد الصحفي الإسرائيلي المتخصص في الشؤون العربية والفلسطينية، يواف شطيرن، وجود علاقة بين الخطوة التي قام بها أفراد وحدة التجسس في الاستخبارات العسكرية وانضمام السلطة الفلسطينية إلى المحكمة الجنائية الدولية.

لكنه قال إن رسالة هؤلاء الجنود "سيكون لها أصداء واسعة وتأثير على المجتمع الإسرائيلي، لأن هذه الوحدة تضم النخب وتمثل الدماغ اليهودي، لذا كان متوقعا أن تتم عملية الإقصاء لتحصين الاستخبارات العسكرية التي لا يمكنها أن تتحمل هذه الحالات".

‪جبارين: انضمام فلسطين للجنائية الدولية له دور في إعادة التقييم‬  (الجزيرة)
‪جبارين: انضمام فلسطين للجنائية الدولية له دور في إعادة التقييم‬ (الجزيرة)

المساءلة
من جانبه، أوضح أستاذ القانون الدولي الدكتور يوسف جبارين أن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية يتمحور حول جرائم الحرب والعمليات العسكرية التي تدخل تحت هذا التعريف، وبالتالي فإن مسألة التجسس والرصد والتنصت ليست ضمن هذا المسمى، وإن تعددت التفسيرات لدور التجسس على تنفيذ العمليات القتالية والحربية.

ويعتقد جبارين أن انضمام فلسطين للجنائية الدولية حفز العديد من جنود في الجيش الإسرائيلي -بما فيهم أفراد بوحدة الاستخبارات العسكرية- لـ"تقييم حساباتهم وإعادة النظر في طبيعة الخدمة التي يؤدونها والقيام بخطوات استباقية ورفض تنفيذ الأوامر لدوافع ضميرية، تحسبا من القضاء الدولي الذي يحاكم الأشخاص على المستوى الفردي".

ويرى جبارين أن رسالة هؤلاء الجنود "تأتي في سياق الضبابية حول تعامل القانون الدولي مع قضايا التجسس، واعتقاد الجنود أن نشاطهم ورغم عدم تعريفه كجريمة حرب، إلا أنه قد يجرهم إلى منطقة المساءلة الدولية".

المصدر : الجزيرة