الدمار يستقبل النازحين العائدين في غزة

بدا النازحون الفلسطينيون وهم يتفقدون منازلهم التي تركوها بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وهم في حالة صدمة من حجم الدمار، وكانت الهدنة الإنسانية التي سرت اليوم السبت فرصة لهم للوقوف على ما خلفته الغارات الإسرائيلية.

وجاءت الهدنة الإنسانية التي وافقت عليها إسرائيل والفلسطينيون بينما تسعى الولايات المتحدة وقوى إقليمية لإيجاد سبيل لإنهاء العدوان الإسرائيلي المستمر منذ نحو ثلاثة أسابيع والذي أسفر عن استشهاد أكثر من ألف فلسطيني أغلبهم من المدنيين.

وانتشل المسعفون الفلسطينيون عشرات الجثث من تحت الأنقاض في المناطق الحدودية لقطاع غزة، وذلك بعد أن تعذر على فرق الإنقاذ الوصول إلى تلك المناطق بسبب كثافة النيران الإسرائيلية.

وتركت جنازير دبابة إسرائيلية آثارها على خرسانة طريق رئيسي دمرت بعض مناطقه جراء القصف المدفعي، ودمر أوسطه في خط مستقيم طوله مئات الأمتار بفعل أدوات إزالة إسرائيلية على ما يبدو.

وتشهد أكوام من فوارغ القذائف وصناديق السجائر الفارغة المكتوب عليها بالعبرية على أن الإسرائيليين كانوا بالمكان قبل وقت قريب.

دموع الفلسطينيين لم تصمد أمام حجم الدمار الذي خلفته الغارات الإسرائيلية (رويترز)
دموع الفلسطينيين لم تصمد أمام حجم الدمار الذي خلفته الغارات الإسرائيلية (رويترز)

جولة استكشافية
وعادت عائلة كفرنه إلى بيت حانون في شمال قطاع غزة مع نازحين آخرين يحتمون بمدارس تابعة لمنظمة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) ليروا ما إذا كانت منازلهم ما زالت قائمة.

ومثل كثيرين آخرين تعرض منزل العائلة للدمار وتحول إلى كومة من الخرسانة، وكانت النيران لا تزال تتصاعد من بين أنقاضه حين وصل أفراد الأسرة واحدا تلو الآخر.

وقال رجل مخاطبا قريبا له أصغر سنا كان يبكي قبل أن ينهار هو الآخر "شدوا حيلكم، كونوا أقوياء، ألم تعتادوا بعد على هذا الأمر"؟ قبل أن يرفع دعوة وهو يئن ويغطي وجهه "ساعدنا يا الله".

وبدا على رحاب زينين الشحوب والضعف وهي تتجول فيما كان ذات يوم شارعها ويغطيه الآن الغبار والأنقاض.

وصرخت رحاب وهي شابة صغيرة كانت ترتدي عباءة سوداء وحجابا "كل شيء راح، كانت حياتنا كلها في هذا البيت الذي كان يعيش فيه 18 شخصا". وأضافت "أين سنذهب الآن؟ أين سيذهبون جميعها؟ هل سنتفرق هنا وهناك ولن نتجمع سويا أبدا؟.. يا إلهي نحن نريد السلام وأن يتوقف كل هذا".

وفي بيت حانون حيث دارت بعض المعارك الضارية، وجه سكان غزة اللعنات على القوات الإسرائيلية.

وسحبت امرأة الكوفية الفلسطينية من تحت الأنقاض ونفضت الغبار من عليها ووضعتها فوق رأسها وقالت "لن يسلبوا كرامتنا، سنرتدي هذا إلى القدس، ويوم النصر قريب".

وصاحت امرأة أخرى وهي تتعثر فوق الحطام والأجسام المعدنية الملتوية في شارعها "بارك الله في المقاومة، نحن نقف معهم، وربنا يثبت أقدامهم".

المسعفون انتشلوا مئات الجثث في فترة الهدنة (رويترز)
المسعفون انتشلوا مئات الجثث في فترة الهدنة (رويترز)

صدمة وحزن
وأصيب كثير من الأسر التي وصلت ومعها حقائب خاوية لتخزين الملابس قبل انتهاء التهدئة الإنسانية بالصدمة بسبب حجم الدمار الذي لحق بممتلكاتها، وانزوى بعض أفرادها قريبا من المكان ودموع الحزن على الأطلال الماثلة أمامهم تغرق عيونهم.

ووقف صبي يبكي حزنا على حصانه النحيل الذي بدا متأثرا بإصابته بنزف في الردف، فيما كان رجل يجري اتصالا هاتفيا بأقاربه وهو يقف على أنقاض منزله وكلماته تصل إلى المتواجدين قربه "أنا هنا، لقد دمر البيت كله".

وبذل عمال الإنقاذ والأقارب جهودا حثيثة للبحث في أنقاض منزل آخر، وكانت النساء والرجال يصرخون أثناء انتشال ثلاث جثث من وسط الخرسانة.

وقالت انتصار الشنباري عمة القتلى الثلاثة "لا يوجد شيء اسمه إسرائيل، هذه أرضنا، مهما فعلوا لن نهزم، حتى لو لم يتبق سوى طفل صغير ستتحرر أرض فلسطين".

وصاح رجل مبتهجا "يحيى على قيد الحياة" بعد إنقاذ شخص لا يزال يتنفس من تحت الأنقاض، وتحولت دموع الحزن إلى فرحة وبهجة، غير أن الحزن عاد مرة أخرى عندما اكتشف الجميع أن الرجل الذي انتشل من تحت الأنقاض إصابته خطيرة.

وأشار زكي المصري بهدوء إلى منزل مدمر يعيش فيه هو وابنه، وقال "سينسحب الإسرائيليون غدا أو بعد غد، وسنترك في هذا الوضع الفظيع كالعادة لسنا بحاجة إلى هدنة مدتها 12 ساعة فقط، ولكن هدنة دائمة".

المصدر : الجزيرة + رويترز