العدوان على غزة يعزز التكافل والتعاضد بين سكانها
أحمد فياض-خان يونس
ورغم حالة القلق وآلام النزوح وخروج ثلاثين من أفراد أسرته وأسر أشقائه الستة، فإن استقبالهم من الأسرة المضيفة ومظاهر الاعتناء بأطفالهم ونسائهم بدد تلك الأجواء وأشعرهم بأجواء الألفة والتآخي والوحدة.
وأعرب ناجي في حديثه للجزيرة نت عن اعتزازه وفخره بالشعب الفلسطيني الذي احتضن الأسر النازحة، رغم ظروف الحصار القاسية وصعوبة الأوضاع المادية للأسر المضيفة.
وتابع أن ما تشهده غزة هذه الأيام من حالة تعاضد لم يألفها القطاع من قبل، يعتبر "رسالة للعالم أننا ضحية مؤامرة، وأنه لم يعد من بديل بعد تخلي القريب والبعيد عنا، وعلينا الاعتماد على بعضنا البعض والتسلح بالصبر والاحتساب بعدما تركنا إخواننا العرب لمصيرنا المحتوم".
صور التعاضد
وبدت روح التعاضد والتوحد والتكافل جلية في مدينة خان يونس بعد عجز مدارسها ومساجدها عن استيعاب سيل النازحين، بفعل تضاعف أعدادهم بعد تعرض بلدات شرقي المدينة لقصف بري وجوي مكثف.
أكرم الجرف من بلدة عبسان الجديدة يرى أن افتقار المدارس أدنى مستلزمات الحياة ومرض ابنته نتيجة انتشار الأوبئة بفعل الاكتظاظ الكبير واستمرار توافد المشردين إليها، دفع إحدى الأسر في مدينة خان يونس لاستقباله وعائلته وتقاسم الخبز والطعام والشراب والملبس مع أسرته.
وختم -وعلامات الانفعال ظاهرة عليه- "كلما سالت دماء أبنائنا على الأرض ازددنا عزيمة ومحبة وقوة، لأن هذا الدماء الزكية تمدنا بالصبر، وتدفعنا إلى مزيد من المحبة والتآزر وتشعرنا بقيمة وأهمية الرباط على أرضنا".
ولعل ما ذهب إليه الجرف هو ما يفسر حالة التعاضد التلقائية السائدة في الشارع الغزي، فتوالي ارتكاب الاحتلال المجاز واستمرار العدوان وإغلاق معبر رفح ومنع وصول القوافل والوفود العربية التضامنية والطبية والإنسانية، عزز الشعور لدى الفلسطينيين في غزة بأنهم سيواجهون هذه المرة آلة الموت وحدهم ولا خيار أمامهم، سوى الاعتماد على أنفسهم.
شعب واحد
وبينما أسهمت حالة التكافل والتعاضد في تخفيف وطأة الحالة النفسية القاسية وما عاشه الأطفال من رعب، فإن مظاهر المعاناة والفاقة لا تزال واضحة بفعل خروج الفارين الصائمين من الموت، دون أن تتاح لهم فرصة أخذ أي شيء من متاعهم، إضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي وقلة المياه وانعدامها أحيانا في ظل أقسى شهور الصيف حرارة.
ومع ذلك، فإن ما شهدته مدينة خان يونس ومخيمها والأحياء المجاورة من تحرك شعبي على صعيد إعداد طعام الإفطار والسحور من قوت أبنائها وتقديمه للأسر المشردة في المدارس والمساجد والمنازل، يعيد حالة التعاضد الواسعة التي عاشها سكان قطاع غزة في مطلع الانتفاضة الأولى عام 1987.
الصحفي محمد فروانة -الذي فتح منزله لإيواء النازحين- يؤكد أنه قام بهذه الخطوة ليوصل لهم رسالة مفادها "أننا شعب واحد، وتلاحمنا معكم هو جانب من دعم مقاومتنا وحماية ظهرها وجبهتنا الداخلية، كي تقوى على صدّ العدوان ووقف مسلسل المجازر.