اللاذقية.. غضب بين مؤيدي النظام وحملة ضد النازحين

سوريا – اللاذقية – تفشي الكبد الوبائي في المخيمات المخيمات التي يعيش فيها النازحون حيث ظهر مرض الكبد الوبائي
أنصار النظام يشنون حملة ضد النازحين في اللاذقية وريفها (الجزيرة-أرشيف)
undefined

بنان الحسن-اللاذقية

يقول أحد سكان مدينة اللاذقية، ويدعى أبو سعيد، إنهم يفرحون عندما يسمعون أصوات سيارات الإسعاف التي تنقل قتلى الجيش النظامي إلى الساحل. ويؤكد الرجل -الذي يقبع نجله في معتقلات النظام منذ أكثر من عام- أن هذا الفرح ليس تشفيا أو شماتة، بل هو دليل على "انتصارات تحققها المعارضة المسلحة".

ويتمنى أبو سعيد في حديث للجزيرة نت، أن "تتوقف المعارك والقتل المتبادل بين الطرفين". وتابع أن النظام يسلك طريقا خاصا لسيارات الإسعاف في شمال اللاذقية بالقرب من الجامعة حتى تمر بسلام نحو المستشفى العسكري، وغالبا ما يرافق ذلك إطلاق "شبيحة النظام" الرصاص الكثيف، إما لفتح الطريق وإما تعبيرا عن غضبهم لقتلاهم.

محتجون من مؤيدي النظام رفعوا شعارات هاجموا فيها النظام ورددوا عبارة "آل الأسد بالقصور وأبناؤنا بالقبور" تعبيرا عن غضبهم لعدم جدوى التضحية التي يقدمها هؤلاء

وفي جولتنا بمدينة اللاذقية، نلتقي بأبي سليمان الذي يتحدث عن مظاهرة احتجاجية ضد النظام قام بها أهالي منطقة عين العروس القريبة جدا من مدينة القرداحة (معقل آل الأسد).

ويعزو أبو سليمان هذه الاحتجاجات إلى عدم دفع النظام تعويضا ماليا مرضيا لأهالي القتلى المؤيدين له، حيث عوّد النظام أمثال هؤلاء بتعويضهم ماليا حسب رتبة القتيل في الجيش، أو حتى بالتعويض المعنوي بمنح الشبيح القتيل رتبة "ملازم شرف".

ويتحدث ناشطون سوريون عن أن هؤلاء المحتجين استخدموا شعارات عدة، هاجموا فيها النظام ورددوا شعارات "آل الأسد بالقصور وأبناؤنا بالقبور" تعبيرا عن غضبهم لعدم جدوى التضحية التي يقدمها هؤلاء.

وتروي أم محمود للجزيرة نت عن جارتها المنتمية لإحدى الطوائف المؤيدة للنظام بعض قصصهم. وتؤكد تخوف أهالي المنطقة من فتح جبهة الساحل وخصوصا بعدما فقدت ابنها في إحدى المعارك.

وتنقل أم محمود على لسان جارتها تلقيها اتصالا هاتفيا من الأمن يبلغها بمراجعة مستشفى طرطوس لتسلم شهادة وفاة ابنها، الذي "مات فداء للوطن"، لكنها تقول لها "إن ابني مات فداء لقائد الوطن وأنا أعلم ذلك".

وفي مؤشر على خوف النظام من تفشي أخبار وأرقام أعداد القتلى، تؤكد مصادر طبية بمستشفى طرطوس العسكري للجزيرة نت أن النظام فصل الكادر الطبي التابع لمناطق ثائرة بغية التكتم على ما يجري بالمستشفى، من وصول أعداد كبيرة من قتلى وجرحى النظام إليه، وخصوصا عبر الطائرات المروحية التي تحط في مطار جبلة.

ومن اللافت أن النظام أقر مؤخرا بوجود مطالبات شعبية بالمخطوفين بنشره صورا لما أسماها "حملات شعبية" قام بها بعض أهالي المناطق المؤيدة له باللاذقية للمطالبة "بالمخطوفين"، والمقصود عناصر من جيش النظام مفقودين لدى المعارضة المسلحة، علما أن مصير أكثر من 200 علوي ما زال غامضا منذ معركة "تحرير الساحل" في أكتوبر/تشرين الأول 2013.

الوضع غير الآمن دفع والد سارة للإسراع بمغادرة بيته الوحيد الذي يملكه والبحث عن سكن آخر بالإيجار في حارة بعيدة في مدينة اللاذقية

حملة ضد النازحين
ورصد ناشطون سوريون مواقع مؤيدة للنظام على مواقع التواصل الاجتماعي تحمل عناوين واضحة لأفكار يعمد مؤيدو النظام لتروجيها بمختلف الوسائل، فمنذ أقل من شهر تقريبا تم إغلاق صفحة عنوانها "معا لطرد النازحين من الساحل السوري".

وتحدثت هذه الصفحة عن مخاوف أهالي المناطق المؤيدة من تكتلات النازحين، وتحديدا القادمين من أماكن تقع تحت سيطرة قوات المعارضة السورية، فدعوا إلى ترحيلهم لتأثيرهم على التوزيع الديمغرافي للسكان في المنطقة، حيث سيصبح المؤيدون للنظام أقلية في المنطقة، ولأنهم يشكلون ثقلا على كاهل اقتصاد المنطقة.

هذه الحملات دفعت سارة -التي تسكن المدينة- لتغيير حارتها التي نشأت فيها بمدينة اللاذقية، نظرا لإزعاج الشبيحة لهم بشكل يومي، حيث يتجمعون حول منزلها ويشنون حربا نفسية عليها وعلى عائلتها عبر إطلاق أنواع مختلفة من السباب والشتائم لهم ويذكرونهم بالاسم إمعانا في ترهيبهم.

هذا الوضع غير الآمن دفع والد سارة للإسراع بمغادرة بيته الوحيد الذي يملكه والبحث عن سكن آخر بالإيجار في حارة بعيدة. وقصة سارة تتكرر مع الكثيرين من سكان المناطق الثائرة ضد النظام. وتخلص سارة إلى أن المؤيدين للنظام لا يريدون نازحين جددا، ولا يريدون أن يجاوروا المحسوبين على المناطق الثائرة.

المصدر : الجزيرة