لمحة عن النظام السياسي الجديد لتونس

قادة الدول وكبار المسؤولين يشاركون في الاحتفال بالدستور التونسي
undefined

خميس بن بريك-تونس

بدخول الدستور الجديد لتونس حيز التنفيذ، أمس الاثنين، سيأخذ نظام الحكم منحى جديدا في هذا البلد، الذي استحوذ فيه رئيس الجمهورية على السلطة لعقود قبل الثورة، ذلك أنه يتميّز بتوزيع النفوذ بين رئيسي الجمهورية والحكومة لتحقيق التوازن.

فبعد خلافات واختلافات حول طبيعة النظام السياسي بين من يحبذ نظاما برلمانيا ومن يفضل نظاما رئاسيا أو غيره، تمّ الاتفاق في الدستور الجديد المصادق عليه مؤخرا، على اعتماد نظام تشاركي يحد من هيمنة رئيس الجمهورية على الدولة.

وفي الباب الرابع من الدستور التونسي المخصص للسلطة التنفيذية يوضّح القسم الأول منه مهام رئيس الجمهورية وصلاحياته وطريقة انتخابه، أما القسم الثاني فيحدد كيفية تعيين رئيس الحكومة واختصاصاتها وطريقة تكوينها واتخاذ قراراتها.

وإذا كان رئيس الجمهورية سينتخب مباشرة من الشعب لولاية تدوم خمس سنوات، فإن النظام السياسي الجديد لتونس الذي سيدخل حيز التنفيذ بعد الانتخابات القادمة يعطي للحزب الحاصل على أغلب مقاعد البرلمان الحق باختيار رئيس الحكومة.

وخلافا للنظام الذي ينظم المرحلة الانتقالية الراهنة بعد الثورة، ويتميز هو الآخر بتوزيع السلطة بين رئيسي الجمهورية والحكومة، فإن النظام السياسي الجديد سيتميز بتوسيع نفوذ رئيس الجمهورية أكثر، ولو أنّ ثقل النفوذ يبقى لدى رئيس الحكومة.

بدر الدين عبد الكافي: النظام الحالي مختلط  (الجزيرة)
بدر الدين عبد الكافي: النظام الحالي مختلط  (الجزيرة)

ويختص رئيس الجمهورية بتمثيل الدولة وضبط السياسات العامّة في مجالات الدفاع والعلاقات الخارجية والأمن القومي ويقوم بالتعيينات في الوظائف العسكرية والدبلوماسية والمتعلقة بالأمن القومي، وله الحق في حلّ البرلمان خلال بعض الأزمات.

أمّا رئيس الحكومة فهو يعيّن الوزراء ويعفيهم من مهامهم ويختص بضبط السياسة العامة للدولة وإصدار الأوامر إلى جانب إحداث وتعديل وحذف الوزارات وكتابات الدولة والقيام بالتعيينات في الوظائف المدنية العليا.

وحول موقفه من النظام السياسي وكيفية توزيع السلطة التنفيذية يقول النائب عن حركة النهضة بدر الدين عبد الكافي للجزيرة نت إنّ "الدستور الجديد من حيث التصوّر استطاع أن يحدد صورة لنظام سياسي مختلط".

حدود التدخل
ويقول إنّ هناك حدودا واضحة لتدخل رئيس الجمهورية في السلطة التنفيذية خاصة في الدفاع والأمن القومي والعلاقات الخارجية باعتباره يمثل سيادة الدولة، مضيفا أنه تمّ ضبط اختصاصات رئاسة الحكومة في ضبط السياسة العامة للدولة بوضوح.

ويؤكد عبد الكافي أن هذا النظام السياسي قادر على القطع مع الحكم الفردي وتحقيق توازن داخل السلطة، إلا أنه يرى أنّ النصوص الدستورية تلقى قيمتها عند تطبيقها، آملا ألا يحصل نزاع في الاختصاص بين رأسي السلطة.

من جهته يقول النائب عن حزب التحالف الديمقراطي محمود البارودي للجزيرة نت إنّ النظام السياسي الجديد لتونس هو الأصلح لها باعتباره يخلق توازنا بين رئيسي الجمهورية والحكومة، إلا أنه عبر عن خشيته من حصول تنازع بينهما في الاختصاص.

قيس سعيد:  النظام الجديد عصي على التصنيف(الجزيرة)
قيس سعيد:  النظام الجديد عصي على التصنيف(الجزيرة)

ويقول إنّ النظام السياسي الجديد جاء نتيجة توافق واسع داخل المجلس التأسيسي (البرلمان)، مؤكدا أنّ "هذا التوافق ترك بعض الصلاحيات غير واضحة بالنسبة إلى رأسي السلطة التنفيذية مما قد يخلق أزمة بينهما".

وحول رأي أهل الاختصاص في طبيعة نظام الحكم في تونس يقول خبير القانون الدستوري قيس سعيد للجزيرة نت إنّ "النظام السياسي الذي تمّ بيان أركانه في الدستور الجديد لا يمكن في الواقع تصنيفه بسهولة".

 الأنظمة المزدوجة
وبيّن أنّ توزيع الحكم بين رأسي السلطة التنفيذية معمول به في بلدان تعرف بالأنظمة المزدوجة التي تأخذ من النظام البرلماني وتقتبس من النظام الرئاسي، إلا أنّ "النظام التونسي له خصائص تميزه عن غيره".

ويرى سعيد أنّ اختيار هذا النظام الذي "يبقى فيه الثقل داخل الحكومة" جاء نتيجة توازنات أفرزتها الانتخابات الماضية وتقديرات للتوازنات القادمة، معتبرا أنّه لم يأخذ في الحسبان الأزمات التي قد تظهر داخل السلطة التنفيذية.

ويوضح أنّ الاختلاف في تأويل بعض الصلاحيات والمسائل المتداخلة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة "قد يؤدي إلى تعارض في المواقف وإلى تعطيل دواليب الدولة حين يرفض كل طرف موقف يتبناه الطرف الآخر".

المصدر : الجزيرة