هل تعقد "نداء تونس" اتفاقا مع حركة النهضة؟

مشاورات الساعات الأخيرة ستحسم الأمر في انتخاب رئيس البرلمان التونسي (ديسمبر/كانون الأول في مقر البرلمان التونسي بالعاصمة)
مشاورات الساعات الأخيرة ستحسم الأمر في انتخاب رئيس البرلمان التونسي (الجزيرة)

خميس بن بريك-تونس

لايزال الغموض يكتنف السبب الحقيقي وراء استبعاد الرئيس التونسي المنصف المرزوقي عن الجلسة الأولى للبرلمان الجديد، في وقت يتحدث فيه البعض عن احتمال وجود صفقة سياسية بين حركة نداء تونس وحركة النهضة.

وتفجر جدل كبير في الجلسة الافتتاحية للبرلمان أمس (الثلاثاء) بسبب عدم استدعاء الرئيس لحضور هذا الحدث التاريخي رغم حضور جميع المسؤولين الكبار ومن ضمنهم الرئيس السابق فؤاد المبزع.

ويقول الأمين العام لحزب المؤتمر عماد الدايمي للجزيرة نت إن "المرزوقي لم يتغيّب عن الجلسة وإنما جرى تغييبه عن قصد" لافتا إلى أن ذلك "يمثل نقطة سوداء في عملية تمرير السلطة من المجلس التأسيسي للبرلمان الجديد".

‪الدايمي: لست مقتنعا بتبرير عدم دعوة الرئيس المرزوقي لجلسة البرلمان‬ (الجزيرة)
‪الدايمي: لست مقتنعا بتبرير عدم دعوة الرئيس المرزوقي لجلسة البرلمان‬ (الجزيرة)

التقاليد والرئيس
وكان مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي (المنتهية ولايته) قد أقّر في وسائل الإعلام بعدم توجيهه دعوة للمرزوقي بدعوى أن التقاليد المعمول بها لتمرير السلطة من برلمان لآخر لا تتطلب حضور رئيس الدولة.

ورغم إرجاعه عدم دعوة المرزوقي لأسباب "بروتوكولية" فإن الدايمي يقول للجزيرة نت إنه غير مقتنع بهذا التبرير، مطالبا بتقديم توضيح رسمي لأسباب "تجاهل" دعوة الرئيس مثل بقية المسؤولين.

وبشأن ما إذا كانت لحركة نداء تونس الفائزة بأغلبية مقاعد البرلمان (89 من جملة 217) علاقة في استبعاد المرزوقي من الجلسة، نفى القيادي بالحركة عبد العزيز القطي علاقة حزبه بهذا الموضوع محملا بن جعفر المسؤولية.

متعارف عليه
وقال القطي للجزيرة نت "استدعاء رئيس الجمهورية لحضور مراسم تسليم السلطة من المجلس الوطني التأسيسي إلى مجلس نواب الشعب إجراء متعارف عليه، ونحن استغربنا عدم استدعاء المرزوقي، وليس لنا علاقة بالأمر".

من جهة ثانية، نفى القطي سعي حزبه لإبرام صفقة سياسية مع حركة النهضة من خلال عرض منصب رئاسة البرلمان عليها مقابل سحب دعمها من المرزوقي وتأييد ترشيح رئيس نداء تونس الباجي قايد السبسي.

ويؤكد القطي أن حزبه يسعى لترشيح أحد قياداته لرئاسة البرلمان وأبرزهم محمد الناصر، موضحا أن طلب حزبه تأجيل جلسة انتخاب رئيس البرلمان "محاولة لإيجاد توافق واسع بشأن مرشحه وليس مناورة سياسية".

مقايضة الرئاسة
لكن الأمين العام لحزب المؤتمر قال للجزيرة نت إن تمسك حركة نداء تونس بتأجيل انتخاب رئيس البرلمان في جلسة أمس "دليل على أنها تسعى لمقايضة منصب رئاسة البرلمان بمساندة مرشحها للرئاسة".

وقال الدايمي "نواب حركة نداء تونس يريدون أن يكون انتخاب رئيس البرلمان جزءا من صفقة سياسية كبرى يكون فيها منح عدد من الحقائب الوزارية ورئاسة البرلمان مع اشتراط الولاء لمرشحهم في الانتخابات الرئاسية".

وتحدثت بعض وسائل الإعلام المحلية عن وجود تقدم في المشاورات بين حركتي نداء تونس والنهضة لتعيين القياديين بالنهضة سمير ديلو أو عبد الفتاح مورو في رئاسة مجلس البرلمان، وهما اسمان رشحتهما الحركة.

ديلو: الحديث عن صفقة بين النهضة ونداء تونس غير لائق (الجزيرة)
ديلو: الحديث عن صفقة بين النهضة ونداء تونس غير لائق (الجزيرة)

غير لائق
غير أن سمير ديلو نفى -في حديث للجزيرة نت- وجود أي اتفاق مع نداء تونس على انتخابه لرئاسة البرلمان، معتبرا أن الحديث عن وجود صفقة سياسية أو مقايضة بين النهضة ونداء تونس بمثابة "كلام غير لائق".

ويقول أيضا "النهضة لا تقايض مواقفها السياسية" مؤكدا أن قبول الحركة بتأجيل انتخاب رئيس البرلمان لجلسة "الخميس" جاء بعد أن لمست أن ذلك لا يخرق الدستور وأنه سيزيد من المشاورات لإيجاد توافقات بين الأحزاب.

أما بالنسبة لموقف النهضة من مساندة أحد المرشحين بالجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، فيقول ديلو "هذا الموقف لم يتقرر بعد، وسيحدده مجلس الشورى خلال انعقاده نهاية الأسبوع".

ومن وجهة نظر المحلل السياسي نور الدين المباركي فإن المشاورات التي تجريها نداء تونس مع بقية الأطراف السياسية تتمثل في حزمة واحدة من المفاوضات وتتعلق بتشكيل الحكومة ورئاسة البرلمان ومسار انتخابات الرئاسة.

ويقول المباركي للجزيرة نت إن هناك أكثر من طرف سياسي دخل في هذه المفاوضات، مشيرا إلى وجود اتصالات بين نداء تونس والنهضة والاتحاد الوطني الحر والجبهة الشعبية.

وأضاف أنه لا يمكن توقع نتيجة هذه المفاوضات، مشيرا إلى أنه في حالة انتخاب أحد قيادات النهضة لرئاسة البرلمان بمباركة من نداء تونس فإن ذلك سيشكل دليلا قاطعا على وجود اتفاق سياسي بين الحزبين.

المصدر : الجزيرة