البطاقة الخضراء.. جواز مرور فقراء لبنان لحياة كريمة

أحلام حسين عباس
أحلام: مع حصولي على البطاقة الخضراء تبدلت أوضاعي إلى الأفضل (الجزيرة)

أسامة العويد-شمال لبنان

انتظرت اللبنانية "أحلام" طويلا حتى يتحقق حلمها بحياة أفضل من واقع مرير عاشته بعد الانفصال عن زوجها قبل سنوات, وخاصة مع أزمة اقتصادية يمر بها لبنان، فجاءها الفرج من "البطاقة الخضراء" التي أصدرتها وزارة الشؤون الاجتماعية ضمن البرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقرا.

ندخل إلى بيت السيدة الأربعينية في ببنين العكارية شمال لبنان (بين أكثر البلدات اللبنانية فقرا وتهميشا)، نرى البؤس على الجدران وكل ما في البيت, حتى الأولاد القاصرين العائدين من عملهم المتعب, لديهم قصص مع "مصارعة الفقر".

تقول "عندي خمسة أولاد وزوجي انفصل عني حتى اضطررت لإرسال ابني البكر للعمل كميكانيكي للسيارات لمساعدتنا في مصاريف المنزل".

وتتابع أنه بوجود البطاقة الخضراء -التي حصلت عليها قبل شهرين- تبدلت الأمور إلى الأفضل, يعني "الحمد لله نستطيع تأمين الرز والسكر ومونة البيت وأساسيات المنزل, أتمنى أن يستمر مفعول البطاقة وبارك الله بالداعمين".

وكانت الحكومة اللبنانية بدأت قبل أشهر توزيع "بطاقة خضراء" على المحتاجين، ويمكن لحاملي هذه البطاقة شراء مواد غذائية من المحال التجارية المتعاقدة مع برنامج الغذاء العالمي، الذي ينفذ المشروع الممول من البنك الدولي وجهات مانحة أخرى.

وتشير إحصاءات رسمية إلى أن المناطق اللبنانية التي تضم 67% من فقراء لبنان يتواجد فيها نحو 85% من اللاجئين السوريين، وهي غالبا قرى ريفية لا تتوفر فيها الخدمات الأساسية.

منزل أحلام يستغيث بسبب أوضاعه المزرية(الجزيرة)
منزل أحلام يستغيث بسبب أوضاعه المزرية(الجزيرة)

الجوع قاتل
ولكن الهدف الذي رفعته الحكومة من هذه البطاقة بدأ ينحرف عن مساره، وخصوصا أن بعض العائلات الميسورة حصلت على البطاقة، "أنا حالتي المادية جيدة بس لنا حقوق كثيرة على الدولة، وزيادة الخير خير, وعندما اكتشفت أن معظم الناس حصلت على البطاقة سارعت للحصول على البطاقة, لأستفيد من المواد الغذائية الموزعة وما يزيد أوزعه على الفقراء واللاجئين السوريين"، هكذا يبرر عبد الرزاق، حصوله على البطاقة الخضراء.

وتعتقد وزارة الشؤون الاجتماعية أن تنفيذ هذا المشروع  سيؤدي إلى الحد من تفشي البؤس في هذه المناطق. وترى السلطات اللبنانية التي وضعت المشروع أن على المجتمع الدولي مساعدة المجتمعات المضيفة للاجئين التي تعاني بدورها من الحرمان.

النائب في البرلمان اللبناني عن كتلة تيار المستقبل، معين المرعبي، اعتبر أن "المشروع جاء استجابة لحالة الفقر المدقع في عدد كبير من قرى لبنان وخاصة في طرابلس وعكار والبقاع, وبرنامج وزارة الشؤون الاجتماعية، جاء استجابة لهذه الحالات ومساهمة في العمل التعليمي, والصحي، وقد يصل في بعض الأحيان لتأمين الوقود للتدفئة في المناطق الجردية الباردة".

وعن التقليل من أهمية المشروع، أكد أنه ضروري جداً في هذه المرحلة الحرجة, ونحن بحاجة لخطة إنمائية شاملة للمناطق الفقيرة, ولو عدنا من تاريخ الاستقلال وحتى الآن لوجدنا أن هذه المناطق وغيرها الكثير لم يصلها الإنماء وخاصة قرى وبلدات الأطراف.

وأضاف "ما تشهده القرى الحدودية من حروب وانتهاكات من قبل النظام السوري يزيد من حالات الفقر عبر تدهور الزراعة والصناعة وحتى الحياة اليومية وبالتالي هذه البرامج مهمة في تحقيق مطالب هؤلاء".

ويروي المرعبي حادثة طريفة ومبكية في الوقت ذاته، حيث وزعت جمعية خيرية بعض الدجاج على الفقراء بإحدى القرى الحدودية لتربيته وبيع منتوج البيض, إلا أن الجمعية فوجئت بعد أيام برائحة الشواء عمت القرية, فوجدت أن "الأهالي الجوعى والمشتاقين للحم الدجاج لم يصبروا حتى ليبيض الدجاج، فالجوع قاتل".

رائد الخطيب:
لا يكفي فقط مساعدة الناس انتشالهم من حالة الفقر، بل يجب أن نقوم بنوع من المشاريع الصغيرة التي تدعم هذه القضايا

مشاريع صغيرة
وعن الجدوى الاقتصادية للمشروع، يقول الخبير الاقتصادي رائد الخطيب، إن مشروع "وزارة الشؤون" غير كاف، فيجب أن يتزامن مع إجراءات اقتصادية عملية، فلا يكفي فقط مساعدة الناس انتشالهم من حالة الفقر، بل يجب أن نقوم بنوع من المشاريع الصغيرة التي تدعم هذه القضايا.

وإذا أخذنا مدينة طرابلس نموذجا، فإن 63% من سكانها فقراء و40% من شبابها عاطلون عن العمل، فهل تستطيع أن تؤمن الدولة لهذه الشريحة الواسعة مساعدات بشكل دائم -يواصل الخطيب- فالدولة لا تستطيع التحمل فهناك دوما تراجع بالنمو ااقتصادي.

ففي سنة 2011 إلى اﻵن هناك تراجع كبير بمؤشرات النمو الاقتصادي ويزداد سنويا مع ازدياد عدد الفقراء ومع تقلص اﻷعمال التجارية واﻷعمال الاستثمارية فلا يوجد استثمارات في البلد وبالتالي مؤشر الفقر يزداد ونسبة البطالة ترتفع".

المصدر : الجزيرة