انهيار العقارات.. مأساة مصرية متكررة

انهيار العقارات.. مأساة مصرية متكررة
حي المطرية يعج بالبنايات المخالفة والتي يمكن أن تنهار في أي لحظة (الجزيرة)

يوسف حسني-القاهرة

حالة من الذهول الممزوج بالغضب يعيشها سكان ميدان التعاون بحي المطرية شرق القاهرة، وذلك بعد انهيار بناية من ثمانية طوابق على رؤوس ساكنيها في أحد الشوارع المتاخمة للميدان، فأودت بحياة أكثر من عشرين شخصا، وأحدثت تصدعات في جدران البنايات المجاورة، وتصدعات أكبر في نفوس ساكنيها.

الحي الذي يسكنه نحو ستة ملايين مصري -وفق إحصاء 2013 المنشور على موقع محافظة القاهرة الرسمي- تقف فيه جنبا إلى جنب بنايات يشي مظهرها بانتهاء عمرها القانوني منذ سنوات، وأخرى علت بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011 في غفلة أو تغافل من المسؤولين، وهو ما يعني أن الكارثة قد لا تكون الأخيرة في هذا الحي.

على مدخل الشارع الذي شهد الانهيار وضع السكان بعض ما تبقى من الأنقاض لمنع المرور من الشارع، أطفال يحومون حول المكان، ونساء يلبسن الأسود وينظرن في صمت لمكان كان يضم الأحباب والجيران.

الغضب والتحفز واضحان على وجوه سكان البنايات المجاورة الذين يتأملون منازلهم التي باتت هي الأخرى على وشك السقوط، فالتصدعات والانهيارات الجزئية تنبئ بأن شيئا ما يجب فعله سريعا.

‪هذه يجري بناؤها‬ (الجزيرة)
‪هذه يجري بناؤها‬ (الجزيرة)

محاولات
بعد محاولات تمكنت الجزيرة نت من الدخول إلى موقع البناية المنكوبة في محاولة لاستقصاء التفاصيل أو الوصول لأي من ذوي الضحايا، لكن ردود الأهالي كانت قاطعة "لا أحاديث مع أحد، ولا تبحثوا عن أحد فقد تهدمت البناية على من فيها، ولا يوجد من ذويهم من يسكن هذه المنطقة".

لكن التحفز والغضب وربما الصدمة لم يمنع الواقفين على الأرصفة أو الجالسين على المقاهي من الحديث عن الواقعة التي يبدو أنها كانت متوقعة.

شهادات واتهامات
أيمن حمدي -واحد ممن شهدوا انهيار البناية- قال للجزيرة نت "منذ قيام ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 والجميع يقومون ببناء أدوار مخالفة دون خوف من العقاب، فموظفو الحي لا يفعلون شيئا إلا تقاضي الرشاوى، وغض الطرف عن المخالفات".

وأوضح حمدي أن البناية التي انهارت "صدر قرار إزالة دورين مخالفين بها منذ شهور، إلا أن المسؤولين لم ينفذوه رغم الشكاوى المتكررة من سكان المنطقة".

على أحد المقاهي بميدان التعاون قال شاب -لا يتجاوز الثلاثين- إنه سمع عن انهيار البناية أثناء عودته من ميدان المطرية الذي يبعد نحو كيلومتر تقريبا عن المكان، مضيفا أن حالة لا يمكن وصفها من الهلع كانت مسيطرة على الجميع.

‪وهذه بنيت بالفعل‬ (الجزيرة)
‪وهذه بنيت بالفعل‬ (الجزيرة)

تراخ
وأكد الشاب أن سيارات الإسعاف وصلت لموقع الحادث بعد أكثر من ساعة من وقوعه، وأن قوات الدفاع المدني وصلت بعد نحو أربع ساعات، وهو حديث يتطابق مع تصريحات السكان التي أدلوا بها لصحف مصرية فور وقع الحادث.

وقد نقلت بعض الصحف عن ماجدة محمد -أحد ذوي الضحايا- قولها إن الحادث وقع في الواحدة صباحا، بينما لم تصل الشرطة ولا الحماية المدنية إلا في الثالثة صباحا، كما نقلت صحيفة اليوم السابع عن ماجدة قولها إنه لولا تدخل المئات من شباب المنطقة لإنقاذ العديد من الأهالي لتحولت المنطقة إلى كارثة غير مسبوقة.

أما الدكتور عبد العزيز محمد -وهو صيدلي يمتلك صيدلية في البناية المنكوبة- فقد أكد لوسائل الإعلام أنه تقدم بالعديد من البلاغات لمحافظة القاهرة ولمسؤولي الحي لكن لم يتم التحقيق فيها.

وأكد محمد أن البناية كانت مكونة من ستة طوابق، وتم بناء طابقين وذلك في مخالفة للقانون.

من جهتها، أعلنت وزارة الإسكان أن لجنة قامت بمراجعة الجهة الإدارية بحي المطرية، ومعاينة الموقع على الطبيعة، وأوصت بسرعة اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة حيال عرض العقارات المجاورة للعقار المنهار على لجنة المنشآت اﻵيلة للسقوط لاتخاذ ما يلزم.

غياب الردع
يشار إلى أن اللواء أحمد تيمور نائب محافظ القاهرة لفت إلى انتشار ظاهرة المباني المخالفة بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011، مشيرا إلى أن عقوبة مخالفات البناء مخففة، وقد يفلت مرتكبها من العقاب لأنها تعامل كجنحة، وفق قوله.

وطالب تيمور -في تصريحات صحفية- بإجراء تعديل تشريعي يغلظ عقوبة مخالفات البناء للسجن المشدد أسوة بجريمة القتل العمد، والتي يصل فيها الحكم إلى الإعدام، إضافة إلى غرامة مالية إلى تعادل خمسة أضعاف تكلفة العقار المخالف. 

المصدر : الجزيرة