ضباط سابقون بالجيش العراقي.. بائعون وسائقون

Iraqi Army soldiers march as part of a parade marking the founding anniversary of the army's artillery section in Baghdad October 1, 2014. REUTERS/Mahmoud Raouf Mahmoud (IRAQ - Tags - Tags: MILITARY ANNIVERSARY)
وزارة الدفاع العراقية دعت مؤخرا ضباط الجيش السابقين للالتحاق بالخدمة من رتبة رائد فما دون (رويترز)

علاء حسن-بغداد

على أحد أرصفة العاصمة العراقية بغداد، يقف الستيني شاكر المعيني ليبيع الأجبان والألبان.. الجميع هنا يعرف هذا الرجل الذي كان آمرا لفوج مشاة آلي في الجيش العراقي برتبة مقدم.

يرتدي عباءة فقدت لونها الأصلي، ولا يشعر بأدنى حرج من وقوفه ساعات طويلة لبيع بضاعته، فهو على ما يبدو أسدل الستار على حياته العسكرية لشعوره أن متطلبات المعيشة تفرض عليه العمل، فهو المعيل الوحيد مع نجله الأكبر لأسرة كبيرة نفقاتها الشهرية تتجاوز مليون دينار (نحو 900 دولار).

‪المعيني أسدل الستار على حياته العسكرية، لأن متطلبات المعيشة تفرض عليه العمل‬ (الجزيرة نت)
‪المعيني أسدل الستار على حياته العسكرية، لأن متطلبات المعيشة تفرض عليه العمل‬ (الجزيرة نت)

سائق الأجرة
يقول المعيني للجزيرة نت إنه بعد إبعاده من الخدمة، ظل سنوات يراجع وزارة الدفاع لمنحه الراتب التقاعدي، ونتيجة للعقبات والعراقيل والإجراءات الروتينية "أصبت بالسكري، وفي نهاية 2009 حصلت على راتب تقاعدي شهري مقداره 350 ألف دينار عراقي" (300 دولار).

وكانت الوزارة دعت مؤخرا ضباط الجيش السابقين إلى الالتحاق بالخدمة من رتبة رائد فما دون، ولم تتضح الاستجابة للدعوة بسبب رفض الجهات الرسمية الكشف عن البيانات المتعلقة بهذا الشأن.

أبو عبد الله ضابط آخر برتبة رائد كان ضمن تشكيلات الحرس الجمهوري المنحلة، يعمل حاليا سائق سيارة أجرة لنقل الركاب، ويسكن في الرضوانية بحزام بغداد والتي تصنفها الأجهزة الأمنية ضمن المناطق الساخنة.

يقول أبو عبد الله للجزيرة نت إن الرضوانية كانت تضم قصر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، ومزارع وبحيرات تمتد إلى مطار بغداد، ولأنه من سكانها تعرض للاعتقال ثلاث مرات بتهمة المشاركة في عمليات مسلحة ضد الأجهزة الأمنية وقيادة فصيل مسلح.

‪البدري يرفض العودة للخدمة لأن المؤسسة العسكرية
‪البدري يرفض العودة للخدمة لأن المؤسسة العسكرية "فقدت الكثير من تقاليدها"‬ (الجزيرة نت)

لا للعودة
ولم يكن حظ الرائد أبو عبد الله مثل زميله المقدم المعيني، حيث حُرم من راتبه التقاعدي لشموله بقانون اجتثاث البعث، ولم يجد أفضل من مهنة سائق سيارة أجرة على خط بغداد-محافظة السليمانية ليوفر لأسرته متطلبات معيشتها.

أما النقيب السابق في الجيش العراقي هاشم البدري فرفض العودة إلى الخدمة لاعتقاده بأن المؤسسة العسكرية "فقدت الكثير من تقاليدها رغم الرواتب الضخمة الممنوحة لمنتسبيها".

وأضاف البدري في حديث للجزيرة نت أن ما يتقاضاه خلال شهرين لا يساوي ربع راتب من يحمل رتبته العسكرية في الجيش الحالي، فهو يتقاضى مبلغ ثمانمائة ألف دينار(650 دولارا) كل شهرين، ولهذا وجد في مهنة بيع الأعشاب الطبية والمواد العطرية والبهارات والتوابل ما يساعده على مضاعفة دخله.

وتتطلب معاملة الحصول على الراتب التقاعدي رحلة طويلة تبدأ من مراجعة هيئة المساءلة والعدالة المختصة بإجراءات اجتثاث البعث، ثم دائرة المحاربين التابعة لوزارة الدفاع للتأكد من انتساب صاحب الطلب إلى وحدات الجيش ورتبته وخدمته. ويستغرق إنجاز المعاملة أكثر من عام، ليمنح بعد ذلك هوية المتقاعدين، ويتسلم راتبه من أحد المصارف الحكومية.

المصدر : الجزيرة