فلسطيني ضحى بصحته وماله في مقارعة المستوطنين

عوض الرجوب-الخليل

يعيش المسن الفلسطيني الحاج شعيب الهذالين حياة قاسية بمحاذاة مستوطنة كرمئيل الإسرائيلية -جنوب الخليل- المقامة على أراض اشترتها عائلته المهجرة من بلدة عراد داخل الخط الأخضر من سكان بلدة يطا قبل أكثر من ستة عقود.

تحمّل الهذالين -وهو في العقد السابع من عمره- كثيرا من المعاناة والعذاب في مقارعة استيطان يزحف ومستوطنين همهم الزحف نحو ما تبقى لهم من الأرض، واقتلاع خيامهم وبيوتهم، وحتى حظائر الأغنام والكهوف البدائية التي يستخدمونها.

ولم يسعف تقدم السن المختار الهذالين في تحمل المزيد، فقد كانت ست عمليات هدم لمنازله ومنازل أبنائه وأشقائه، فضلا عن عمليات الملاحقة والاعتداء بالضرب كفيلة بأن تتسبب له بسلسلة أمراض قلبية أفقدته النطق والتحكم بأطرافه، فكان من الصعب سماع روايته، وبالتالي الاستعانة بأحد أقاربه ليروي لنا مسيرته ومعاناته مع أناس اغتصبوا أرضه ويسعون لطرده.

ظل مختار الهذالين والعشائر البدوية -كما يصفه قريبه وجاره سليمان الهذالين- حتى قبل مرضه مرجعا لكافة القبائل البدوية التي شرّدت من وطنها في منطقة عراد، واستقرت في شرق الخليل وبيت لحم والأغوار "فهو لم يكن مختار حكومة (مُعين) بل عالما وخبيرا بأصول العادات والتقاليد البدوية ومقصدا لحل المشاكل المستعصية"، حسب سليمان.

‪الحاج شعيب الهذالين يقارع المستوطنين منذ عام 1981‬ (الجزيرة)
‪الحاج شعيب الهذالين يقارع المستوطنين منذ عام 1981‬ (الجزيرة)

كفاح طويل
وفضلا عن مكانته العشائرية كان الرجل ذا مال وفير وقطعان من الأغنام عندما بدأت ملاحقته مع إقامة مستوطنة كرمئيل أوائل ثمانينيات القرن الماضي، لكنه ضحى اليوم بكل ما يملك بما في ذلك صحته حيث أصيب بعدة جلطات قلبية من أجل البقاء ومقارعة "السرطان الاستيطاني" حتى النهاية، حسب تعبير سليمان الهذالين الذي لا يقل معاناة عن قريبه.

يحتفظ المختار شعيب اليوم بصور لعشرات الإخطارات لكل منشأة في المنطقة التي يسكنها في قرية أم الخير، بما فيها مساكن من الصفيح والبلاستيك وحمامات متنقلة لقضاء الحاجة تبرعت بها منظمات دولية، ودفع مبالغ طائلة في متابعة هذه الإخطارات في المحاكم الإسرائيلية، لكن دون جدوى.

وتقول منظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية إن إسرائيل تتبع في منطقة جنوب جبال الخليل الواقعة كلها في منطقة (ج) والخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة سياسة تشكل تهديدا على وجود قرابة ثلاثين قرية فلسطينية يسكنها قرابة أربعة آلاف نسمة، يعتاشون على استصلاح وزراعة أراضيهم وعلى رعي المواشي.

وتضيف المنظمة أن هذه السياسة تنعكس في منع البناء بشكل شبه مطلق وإعادة هدم البيوت وطمر آبار المياه مرة بعد أخرى، وعدم تطبيق القانون على المستوطنين الذين يرتكبون الممارسات العنيفة.

إرادة وتحد
رغم ما كابده من معاناة وألم لم يسمح الحاج شعيب للمعاناة والظروف القاسية التي يعيشها أن تؤثر في طموح ومستقبل أبنائه، فقد تزوج من امرأتين أنجب منهما 19 ولدا وبنتا، وبات جدا لمثلهم تقريبا، ومع ذلك حرص على أن يكملوا تعليمهم الأساسي والجامعي.

ومقابل ألف رأس من الأغنام كان يملكها الحاج شعيب قبل ثلاثة عقود أصبح لا يملك اليوم سوى ثلاثين رأسا، حيث باع الباقي لتغطية تكاليف تعليم أبنائه وأتعاب المحامين في المحاكم الإسرائيلية في محاولة غير مجدية لمنع هدم ممتلكاته.

المصدر : الجزيرة