جيش تونس يحرز تقدما ضدّ المسلحين

قوات عسكرية وأمنية متمركزة قرب جبل الشعانبي
undefined

خميس بن بريك-تونس

قال مراقبون إن الجيش التونسي أحرز تقدماً خلال ثلاثة أسابيع من العمليات العسكرية بمنطقة جبل الشعانبي على الحدود مع الجزائر.

وتأتي هذه الحملة العسكرية بُعَيْد مقتل ثمانية جنود تونسيين، خمسة منهم قضوا ذبحاً، على يدّ مسلحين تقول السلطات إن لهم صلة بتنظيم القاعدة، وذلك وسط تكتم شديد على حصيلة تلك العمليات. 

وكثف الجيش عملياته إثر مقتل هؤلاء الجنود في كمين يوم 29 يوليو/تموز الماضي أثناء عمليات قصف بمنطقة جبل الشعانبي الواقعة بمحافظة القصرين (وسط غرب) بالمدفعية الثقيلة، مما ساهم في تعزيز وجوده في تلك المنطقة ورفع من مستوى تنسيقه العسكري مع الجيش الجزائري. 

ورغم التكتم الشديد من قبل المؤسسة العسكرية والأمنية على حدّ سواء، فإنّه لا يكاد يمرّ يوم واحد حتى تنشر وسائل الإعلام المحلية تقارير عن مقتل أو اعتقال عناصر "متشددة" متورّطة إمّا بتموين الجماعات المسلّحة أو بالانتماء إليها، دون الحديث عن خسائر جديدة في صفوف الجيش. 

ومنذ انطلاق العمليات بجبل الشعانبي، ظلت تقارير إعلامية تنقل عن مصادر عسكرية وأمنية لا تُسميها، ما يشير إلى مقتل مسلحين عُثر على جثث بعضهم متفحمة جراء القصف واعتقال مسلحين آخرين، قامت التلفزة التونسية الرسمية بنشر صور بعضهم دون إظهار وجوههم. 

وبحسب التقارير ذاتها فإنّ الموقوفين -الذين لم يتم تحديد أعدادهم- اعتقلوا بمناطق مختلفة في محافظة القصرين المحاذية للجزائر، حيث تتحصن جماعات مسلحة قال وزير الداخلية إنها تطلق على نفسها كتيبة عقبة بن نافع، ولها علاقة بالقاعدة وتضمّ "متشددين" من جنسيات تونسية وجزائرية وليبية ومالية.

ونظراً لوعورة المنطقة التي تمتدّ على مساحة مائة كلم مربع، أقدمت هذه الجماعات المسلّحة بحسب مراقبين على التمركز بجبل الشعانبي، واتخذت لها مواقع للتدريب وحمت نفسها بزرع ألغام أرضية أوقعت سابقاً إصابات خطيرة في صفوف الجيش التونسي. 

ومن بين المعتقلين الذين قامت قوات الأمن بإيقافهم خلال عمليات مداهمة لمنازل بمحافظة القصرين، فتيات منقبات يشتبه في تورّطهن في تموين المسلّحين.

لكن الأبرز من ذلك هو اعتقال مسلح يُدعى محمد الحبيب العمري، يشتبه بمشاركته في العملية التي استهدفت قتل ثمانية جنود والتنكيل بجثثهم. 

استنفار عسكري قرب منطقة جبل الشعانبي (الجزيرة)
استنفار عسكري قرب منطقة جبل الشعانبي (الجزيرة)

تكتم إعلامي
وقال شاهد عيان بمحافظة القصرين في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت، إنّ الجيش التونسي استنفر قواته بمحيط جبل الشعانبي مسنوداً بقوات الدرك الوطني والدوريات الأمنية التي تقوم بحراسة المدن، مشيراً إلى أنه يسمع دوي القصف كل يوم من جهات متفرقة من الشعانبي. 

ورفض المتحدث باسم وزارة الدفاع التصريح للجزيرة نت حول حقيقة الوضع الميداني، مشيراً إلى أنّ العمليات العسكرية لا تزال جارية.

ويقول الخبير الأمني والعسكري، فيصل الشريف، إنّ التكتم العسكري مرده الحفاظ على سرية العمل وقطع المعلومات على الجماعات المسلّحة. 

ويضيف الشريف أنّ الجيش حريص على أن تبقى العلميات طي الكتمان بغية تفكيك "الشبكة الإرهابية" التي تتحرّك من منطقة إلى أخرى، مروراً بليبيا والجزائر وتونس ومالي. 

ولفت إلى أنّ المسلحين قد يغيرون من خططهم بناء على أي معلومة عسكرية قد تظهر على السطح. 

وعن تقييمه لأداء المؤسسة العسكرية، لاحظ الشريف إحراز تقدم في جبهات القتال ضدّ الجماعات المسلّحة خلافاً لما كان عليه الوضع قبل العملية التي وصفها بالنوعية، مشيراً إلى أنّ التنسيق العسكري مع الجزائر بدأ يعطي ثماره. 

غير أنه شدد على أنّ القضاء على "الإرهابيين" لا يقتصر على العمل العسكري الميداني فحسب، بل يتطلب كذلك تطوير التنسيق العسكري بين تونس والجزائر وليبيا، فضلاً عن الارتقاء بالعمل الاستخباراتي من أجل رصد تحركات المسلحين وإفشال أي "هجمات إرهابية محتملة". 

وعن قدرة المسلحين على العمل داخل المدن الكبيرة، يقول الخبير الأمني إن كل الاحتمالات واردة، محذراً في الوقت نفسه من خطر ما سمّاها بالخلايا النائمة والمتعاطفين مع المسلحين "الذين قد يقدمون على تنفيذ اعتداءات انتقامية ردّا على الحملة العسكرية والأمنية ضدهم". 

وكانت قوات الأمن ألقت القبض قبل أيام على خمسة مسلحين بمنطقة الوردية بالعاصمة تونس، من بينهم شخص يدعى عز الدين عبدلاوي، وهو متورّط في اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد

المصدر : الجزيرة